يعتقد الكثيرون بأن آفة الإرهاب بإسم الإسلام لا يمكن علاجها وأنا لا أتفق مع ذلك الاعتقاد بل أظن بأن علاجها ممكن جدا متى ما توفرت الشروط والظروف التي تؤدي إلى ذلك، وفي هذه المقالة سوف أحوال تلخيص هذه الشروط والظروف حسب اعتقادي.
التشخيص:
أولا يجب على الجميع وخصوصاً الإعلاميين والساسة وعلماء الدين معرفة الفرق بين الجهاد والإرهاب وإبراز ذلك الفرق للعامة، حيث أن الجهاد في حقيقته هو المسمى الشرعي للحرب التي يخوضها المسلمين لدفع الظلم عن أنفسهم أو من معهم من حلفائهم وقد شرع الله في الجهاد عدة شروط وقواعد تكفل حقوق الإنسان وحماية المدنيين والممتلكات وحتى المال العام.
بينما الإرهاب باختصار شديد هو خرق صريح وواضح لتلك الشروط والقواعد التي وضعها الله للجهاد فتصبح الأهداف هي أرواح المدنيين وتخريب المال العام والتعدي على الممتلكات الخاصة واستباحتها وربما سلبها.
ثانيا معرفة الفرق وتبيينه بين الذين يدعون الجهاد وهم في قرارة أنفسهم مجاهدين و ينطلقون من أسس وعلم شرعي وبين فئات أخرى تدعي الجهاد و تجهل ما هو وربما تعمل تحت أجندة أو لأهداف أخرى كالعملاء والعصابات والمهربين و حتى العنصريين، وعدم معرفة هذه الفئات والتفريق بينها يؤثر سلبا على العلاج.
حيث أن من يعتقد بأنه مجاهد في سبيل الله تستطيع التحدث معه بقال الله وقال رسوله وسيسمع ويفهم بلغة أو بأخرى حسب المذهب أو المنهج الطريقة التي يؤمن بها وبالتالي تستطيع أن تلزمه بالحجة والبينة والبرهان.
أما هذا الأخير والذي هو في الأساس يحمل أجندة خفية فلن تجد له فما غير فوهة المدفع وليس له أذنا غير التي ينطلق منها وتدفعه إلى ماهو فيه، وهؤلاء يجب فضحهم أمام الناس والتشهير بهم فهم الخطر الحقيقي على البشرية.
العلاج:
أولا لايمكن أن يأت العلاج أو يقبل من دول تحارب الإسلام والمسلمين ولا من دول غير إسلامية حتى لو كانت صديقة، بل يجب أن يكون من الداخل أي من المسلمين أنفسهم حكومات ومنظمات وجمعيات وعلماء الدين وحتى الأفراد.
لأن الدول التي تحارب الإسلام هي موضع اتهام دائم ومظنة سوء حتى لو حسنت نيتهم في مسألة ما، كذلك مسائل الجهاد والإرهاب هي مسائل شرعية إسلامية الفرق بينها غالباً يكون شعرة وهذه الشعرة لا يعرفها إلا الراسخون في العلم الشرعي وهم للأسف قليل جداً في المسلمين فمابالك بغيرهم.
ثانيا يجب على المجتمع الدولي إن كان فعلاً يريد علاج آفة الإرهاب أن يضغط على الدول الإسلامية وغير الإسلامية التي تنتهك حقوق الإنسان في مدنييها فتقوم بسجنهم أو تعذيبهم أو حتى قتلهم وتشريدهم لتخلق بتلك الأعمال بيئة صالحة لتعشيش وتجنيد وإنشاء الحركات الإرهابية وبالتالي تصديرها لدول أخرى لينتشر الوباء والبلاء.
أخيراً كتبت هذه المقالة بعد تفكير عميق في خبر وصلني عن مقتل أكثر من 40 مدنيا في مالي تحديداً أحياء من البدو من قبيلة ” دوصهاك” تمت إبادتهم على حدود النيجر على يد مجموعة إرهابية تحت راية ( لا إله إلا الله محمد رسول الله ) وعلى دوي التكبير.
وهذه الحادثة بقدر ما تؤلمني كإنسان في الأساس إلا أنها تؤسفني كمسلم وتجعلني أقف وقفة صادقة مع نفسي وديني وملتي حيث أرى فيها جريمة نكراء في حق هذا الدين قبل أن تكون جريمة في حق البشرية جمعاء.
ويجب علينا جميعاً أن نعمل يدا بيد لعلاج آفة الإرهاب كل حسب تخصصه وإمكانياته وإلا فإن الآفة سوف تنهينا أجمعين وهذا واجب ديني قبل أن يكون إنساني.