قال الصيادون التقليديون في مدينة سينلوي السنغالية، إنهم سيكونون سعداء لو زارهم الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز في حيهم المشهور « غت اندر »، معبرين عن ارتياحهم لنتائج الزيارة التي قام بها ماكي صال إلى موريتانيا نهاية الأسبوع الماضي.
وكان الصيادون التقليديون السنغاليون قد تنفسوا الصعداء، بعد أيام من الترقب لما ستسفر عنه زيارة « صال » لموريتانيا، بعد أن اتفق البلدان على توقيع اتفاقية جديدة للصيد قبل نهاية شهر مارس المقبل.
وقالت جمعية الدفاع عن مصالح الصيادين في سينلوي، أمس الأحد، إنها « مرتاحة » لنتائج الزيارة و« شكرت » تعاطي السلطات الموريتانية مع مشاكلهم.
الجمعية التي يقودها صيادون تقليديون سنغاليون، نظمت تجمعاً في حي « غت اندر »، وأعلنت على لسان مسؤولها الإعلامي داودا ثياو: « سنكون سعداء جداً باستقبال الرئيس ولد عبد العزيز في غت اندر، حتى نتمكن من إبلاغه بالمشاكل التي يعيشها الصيادون ».
وأضاف ثياو في حديثه أمام الصيادين أن زيارة ولد عبد العزيز لمدينتهم « ستمكن من إنهاء تام لسوء التفاهم الحاصل بين الشعبين الشقيقين »، وفق تعبيره.
ولكن الجمعية التي رحبت بما توصل له الرئيسان السنغالي والموريتاني بخصوص توقيع اتفاقية جديدة للصيد قبل نهاية شهر مارس المقبل، وجهت طلباً إلى وزير الصيد والاقتصاد البحري السنغالي بمراجعة لجان الصيد.
وقالت الجمعية إن على الوزير إشراك « شخصيات معتبرة ومفوضة من طرف سكان حي غت اندر » في المفاوضات التي ستجري خلال الأيام المقبلة بخصوص قطاع الصيد، مشيرة إلى أنها لاحظت خلال الفترة الأخيرة أن هنالك شخصيات « غير مختارة ولا تحظى بأي شرعية » تتحدث باسم الصيادين.
وشددت الجمعية على أن مشاكل الصيد المتكررة مع موريتانيا سببها « الخيار السيء للمتحدثين » باسم الصيادين، مؤكدة أن هذه اللجان « أثبتت فشلها وضعف إمكانياتها بشكل دائم »، فيما صرخ أحد الصيادين: « لا نريدهم بعد اليوم للحديث باسمنا ».
ويُعد الحصول على رخصة للصيد في المياه الموريتانية هو المطلب الذي يُجمِع عليه الصيادون في « غت اندر »، منذ أن سحبت موريتانيا رخصهم عام 2015 بسبب عدم تجديد اتفاقية الصيد بين البلدين، رغم أن السلطات السنغالية بذلت جهوداً مضنية دون جدوى.
موريتانيا بررت عدم تجديد الاتفاقية بالقول إنها اعتمدت استراتيجية وطنية لتسيير قطاع الصيد، تقوم على جملة من القوانين تمنع الصيد في المياه الموريتانية على الأجانب، بما في ذلك السنغاليون.
لقد أظهر الموريتانيون صرامة كبيرة في تطبيق هذه القوانين، وخاصة في المنطقة الحدودية مع السنغال غير بعيد من مدينة سينلوي، إذ كشف مصدر أمني لـ« صحراء ميديا » أن الدوريات الموريتانية أوقفت 4800 زورق صيد سنغالي منذ أن دخل القرار حيز التنفيذ.
من جانبه أعلن خفر السواحل الموريتاني الأسبوع الماضي أنه قام خلال العام المنصرم (2017) بأكثر من 62 عملية اعتراض، أسفرت عن توقيف 108 زوارق واعتقال 930 صياداً، تشير المصادر إلى أن غالبيتهم العظمى سنغاليون ينحدرون من مدينة سينلوي، وتحديداً من حي « غت اندر ».
سكان « غت اندر » يتذكرون ضحايا مطاردات زوارقهم مع خفر السواحل الموريتاني، ذلك ما أكده أحد كبار الصيادين خلال الاجتماع، حين قال إنه قد آن الأوان لتوقف « إذلالهم » من طرف البحرية الموريتانية، مستعيداً أسماء عشرة صيادين قال إنهم كانوا ضحية لهذه المطاردات، ما بين قتلى وجرحى.
ولكن الصياد المتحمس تفادى الإشارة إلى أن البحرية الموريتانية كانت تطارد الزوارق السنغالية حين تتسلل إلى المياه الموريتانية لتصطاد فيها بطريقة « غير شرعية »، وفق الرواية الموريتانية.
في بعض الأحيان تحدث مناوشات تدفع أفراد البحرية إلى استخدام طلقات تحذيرية، أسفرت في مناسبتين منفصلتين عن مقتل صياديْن أحدهما قبل عامين ويدعى « بارا غي »، يبلغ من العمر 21 عاماً، أصابته رصاصة في الرقبة خلال مطاردة زورقه من طرف خفر السواحل الموريتاني، نُقل على جناح السرعة إلى العاصمة دكار حيث فارق الحياة، تاركاً خلفه زوجة وولدين.
وقبل أسبوعين قتل الصياد الثاني ويدعى « فالو صال » ويبلغ من العمر 19 عاماً، ينحدر من مدينة اللوغه، وسط السنغال، قدم قبل عامين إلى عمه في مدينة سينلوي، لممارسة مهنة الصيد من أجل إعالة والدته وإخوته.
شُيِّع جثمان « فالو صال » ودفن الأسبوع الماضي، ولكن مقتله أعاد الحديث عن اتفاقية الصيد بين بلاده وموريتانيا إلى الواجهة، كما أعاد الأمل إلى رفاقه الصيادين بالحصول على رخص جديدة للصيد في المياه الموريتانية، تلك المياه التي اختلطت بدمه وهو ينزف عالقاً بين الحياة والموت في قبضة خفر السواحل الموريتاني.