يصل الرئيس السنغالي ماكي صال مساء اليوم إلى العاصمة الموريتانية نواكشوط، في زيارة فرضها حادث مقتل صياد سينغالي في المياه الموريتانية، برصاص البحرية بالقرب من مدينة سنلوي، وما تبعها من استهداف للمحلات التجارية الموريتانية في المدينة.
ملفات عديدة على طاولة المباحثات المتوقعة بين ماكي صال، والرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، لعل أبرزها ملف الصيد، المبرر الأول لزيارة الرئيس السنغالي لنواكشوط.
الصيد أولا القديم الجديد..
دأبت موريتانيا منذ عدة سنوات على منح مئات الرخص للصيادين السنغاليين، تمكنهم من العمل في المياه الإقليمية الموريتانية بشروط متعددة، وظل هؤلاء من بين الممونين الرئيسيين للسوق المحلية بالسمك.
غير أن قرار السلطات الموريتانية العام الماضي بمرتنة قطاع الصيد التقليدي، فرض واقعا جديدا، يمنع الصيادين غير الموريتانيين من ممارسة الصيد التقليدي في المياه الموريتانية، وتبعا لذلك لم تجدد الرخص بالنسبة للصيادين السينغاليين.
قرار خلف في بدايات تطبيقه أزمة في تموين السوق المحلي بالسمك، لكن موريتانيا تقول إنها سرعان ما تجاوزتها بجملة من الإجراءات شملت تكوين صيادين موريتانيين، وتدخلات الشركة الموريتانية لتوزيع الأسماك وغيرها من الإجراءات.
السلطات السينغالية عبرت عن احترامها لقرار جارتها الشمالية، بمرتنة قطاع صيدها التقليدي، ودعت مواطنيها من الصيادين إلى احترام القرار.
ونظرا لارتباط موريتانيا والسينغال بحدود بحرية، تم تسجيل عدة عمليات صيد غير قانوني للصيادين السينغاليين في المياه الموريتانية، وظلت البحرية الموريتانية تتعامل مع الموضوع، من خلال عمليات مطاردة ورقابة واعتقال في بعض الأحيان.
الواجهة من جديد..
الحادث الأخير الذي أودي بحياة صياد سينغالي، وما تبعها من عمليات نهب للمحلات الموريتانية في السنغال، أعاد قضية الصيد إلى الواجهة، والتقي ماكي صال، بولد عبد العزيز في قمة الاتحاد الافريقي الأخير بأديس أبابا، وتحدثا حول الموضوع.
بعد ذلك خرج وزير الداخلية السنغالي، ليدعو للتهدئة مع أوامر بحماية الموريتانيين المقيمين بالسنغال؛ توالت تصريحات المسؤولين السنغاليين بهذا الخصوص، ليخرج ماكي صال بتصريحه الأخير، الذي أكد فيه أن بلاده وموريتانيا بلدان جاران، وسيجدان طريقا لحل خلافاتهما، معلنا عزمه زيارة نواكشوط.
من جهتها البحرية الموريتانية أصدرت بيانا شرحت فيه ملابسات حادت مقتل الصياد السينغالي، وكشفت فيه عن مئات الحوادث المماثلة، التي مرت بسلام دون أي ضحايا، وعبرت عن أسفها لمقتل الصياد.
في الأسبوع الماضي، خرج الناطق الرسمي باسم الحكومة من جديد، ليعبر عن حزن موريتانيا لحادث مقتل المواطن السنغالي على يد البحرية الموريتانية.
الغاز واستغلاله..
في شهر ابريل من العام 2015 أعلنت شركة كوسموس أنيرجي الامركية اكتشاف حقل كبير للغاز على سواحل الحدود البحرية الموريتانية السينغالية.
وأكدت أن لقاءات جمعت بين الطرفين السنغالي والموريتاني، للتفاهم حول استغلال الاكتشافات الواقعة على الحدود البحرية بين البلدين.
ملف الغاز المكتشف على الحدود البحرية بين البلدين وطريقة استغلاله، سيكون له حيز على طاولة مباحثات الرئيسين الموريتاني والسينغالي.
خصوصا وأن الشركة الآمريكية ذاتها أعلنت العام الماضي، عن اكتشاف مخزون جديد من الغاز الطبيعي قبالة الشواطئ السنغالية، ينضاف إلى الكميات المكتشفة على الحدود الموريتانية-السنغالية.
وأشارت الشركة الأمريكية إلى أن التقديرات الأولية تشير إلى وجود 15 بليون قدم مكعب في البئر الجديد، وهي كمية هائلة إذا أضيفت إلى ما تم اكتشافه في بئر “تيرانغا 1” العام الماضي.
وأوضحت الشركة أن هذه الاكتشافات من شأنها أن تسمح للسنغال بإنشاء مركز ثانٍ لإنتاج الغاز الطبيعي المسال وبأسعار تنافسية.
متفرقات..
الملفات المطروحة للنقاش بين الرئيسين لا تتوقف على الصيد والغاز فقط، فمواضيع عديدة تجمع البلدين الجارين وتفرض نفسها بقوة في كل فترة، فالعمالة السنغالية في موريتانيا، والتجار الموريتانيون في السنغال يظلان هاجسا لدي البلدين، يطفو موضوعهما على السطح في كل حين.
الجفاف الذي يهدد مناطق واسعة من موريتانيا هذا العام، بسبب نقص الأمطار، وفرضية لجوء المنمين الموريتانيين إلى الأراضي السنغالية للانتجاع، ربما يكون حاضرا بقوة، وهو رغبة موريتانية ملحة، في ظل التداعيات المتوقعة للجفاف، والحراك الحكومي الساعي لمواجهته.
استيراد السنغال للمواشي من موريتانيا، بصمة ثابتة في علاقات البلدين في السنوات الأخير، حتى أن زيارة المسؤولين السنغالين لنواكشوط، وتسابق التجار الموريتانيين للحصول على تسهيلات في مواسم استجلاب الأضاحي، أصبح عرفا ثابتا بين البلدين.