يفرك الصراف نجيب ولد سيدي الواقف على رصيف سوق نواكشوط يديه: فالطلب على العملات الصعبة ازداد كثيرا في موريتانيا منذ الإعلان عن بدء التداول بالأوراق النقدية الجديدة للعملة الوطنية، الأوقية.
واعتبارا من الأول من يناير 2018 أصبحت الورقة النقدية فئة 10 أوقيات، تساوي أوقية واحدة. ومع اقتراب الموعد المشؤوم “ازداد الطلب خمسة أضعاف”، وفق هذا الصراف.
ويضيف أنه منذ إعلان الرئيس محمد ولد عبد العزيز عن هذا التدبير في يوم العيد الوطني في 28 نوفمبر، “يتهافت الناس على الدولار واليورو ويشترونهما ويحتفظون بهما”.
وأكد رئيس مكتب صيرفة في السوق المركزية “ازدياد” الطلب على اليورو والدولار اللذين ارتفع سعر صرفهما “بنسبة 3،5% خلال أسبوع”.
وقال صراف آخر إن “الناس كانوا يخزنون الأوقية. أما وقد اضطروا الآن الى التخلص منها، فإنهم يشترون العملات الصعبة ويحتفظون بها في خزناتهم المنزلية”.
وحتى قبل الإعلان عن طرح الأوراق النقدية الجديدة، انخفضت قيمة العملة الموريتانية في االأشهر الماضية في السوق السوداء أمام اليورو والدولار، لكن هذا الاتجاه ازداد تفاقما منذ ذلك الحين.
إلا أن محمد هيين، التاجر في السوق المركزية بنواكشوط توقع أن “الأسعار ستتراجع” تدريجيا بفضل طرح هذه الأوراق النقدية الجديدة. وأوضح “من قبل، كانوا يقولون لك 10،000 او 20،000 أوقية ثمن سلعة ما. أما الآن فسيقولون لك 800 او 700. هذا يتسم بمزيد من المنطق لتجنب التضخم”.
وفي بداية ديسمبر، نفى محافظ البنك المركزي عبد العزيز ولد الداهي شائعات عن خفض قيمة الاوقية، مؤكدا أنها “ستحتفظ بقيمتها والقدرة الشرائية للمواطنين لن تتأثر”.
وتشهد أسعار السلع الاستهلاكية ارتفاعا منذ بضعة أشهر.
فسعر الأرز التايلاندي الذي تقبل عليه الأسر الموريتانية، ارتفع من 300 الى 350 أوقية للكيلوغرام الواحد (من 70 الى 82 سنتيما لليورو)، وقنينة الحليب من نصف ليتر، من 250 (0،58 سنتيما) الى 300 أوقية. كذللك شهدت أسعار الإسمنت والحديد، ارتفاعا من 10 إلى 12%.
وحمل بدء التداول بالأوقية الجديدة عددا كبيرا من المصارف على أن تفتح أبوابها بصورة استثنائية في الأول من يناير، في حين تشكلت صفوف انتظار أمامها.
كان على المؤسسات المصرفية استعادة جميع البرامج القديمة ودفاتر الشيكات، وإعادة برمجة أجهزة الصرف الآلي بحيث تتطابق مع العملة الجديدة.
وفي الشوارع، كان الأشخاص الخارجون من المصارف يتفحصون الأوراق النقدية الجديدة المصنوعة من البوليمر، فيقلبونها ويعيدون تقليبها، ويتأملون ألوانها الزاهية ويختبرون متانتها التي طالما تباهى بها البنك المركزي.
وكانت الأوقية الجديدة متوافرة ابتداء من منتصف الليل في بعض الموزعات الآلية للعملة.
وفي تصريح لوكالة فرانس برس، قالت مديرة التسويق في البنك الشعبي في موريتانيا، مريم خيار “توافد على سبيل المثال الى وكالة تفرغ زينة (أحد احياء نواكشوط) حوالي عشرين زبونا عند منتصف الليل”.
وبغض النظر عن الحاجة إلى الأوراق النقدية “كان ثمة كثير من الفضول للمس هذه العملة الجديدة بعد انتظار”، كما أضافت.
ويقول اختصاصيون “إن هذا التغيير سيؤدي إلى إعادة ضخ السيولة في النظام المصرفي، هذه السيولة التي يخزنها أشخاص يعملون في السوق السوداء أو يخشون من الكشف عن أموالهم المكونة بالاحتيال”.
واعتبر الخبير الاقتصادي ايسلمو ولد محمد أن “العملات الصعبة والعقارات والملاذات الآمنة الأخرى، ستستفيد من هذه الموجة لتبييض الأموال التي سترافق العملية”.
ولدى الإعلان عن هذه الخطوة في 28 نوفمبر، أكد الرئيس ولد عبد العزيز أن هذا التعديل سيتيح “للأوقية أن تستعيد مكانتها في المعاملات المالية، ويحمي القدرة الشرائية للمواطن ويخفض كمية العملة المتداولة”.
وستسحب الأوراق النقدية والعملات القديمة وفق جدول زمني أعده البنك المركزي الموريتاني، بدءا بالأكبر مثل الورقة النقدية من فئة 5000 (11،76 يورو) حتى 31 يناير، والأوراق النقدية من فئة 2000 و1000 خلال شهر وشهرين بعد يناير، أما الأوراق النقدية الصغيرة فحتى يونيو.
في 2004، استبدلت موريتانيا كل الأوراق النقدية التي كانت متداولة منذ 1974.