مع بدء عمليات فرز نتائج الانتخابات الرئاسية التي انطلق شوطها الأول صباح اليوم السبت، تتبادر إلى أذهان المتابعين لهذا الاستحقاق الرئاسي جملة من الأسئلة حول الضمانات المتعلقة بشفافية الانتخابات، وكيف يتم تحرير المحاضر المتعلقة بنتائج الانتخابات؟ وما هي الضوابط القانونية التي يتم بها إعلان النتائج ؟.
وللإجابة على هذه الأسئلة استضافت صحراء ميديا الخبير في العمليات الانتخابية ومدير مكتب الرشاد للدراسات والاستشارات، محمدن ولد سيدي الملقب “بدن”.
صحراء ميديا : ما هي ضمانات الشفافية بالنسبة لعمليات الاقتراع ؟
بدن: أود أن أذكر في البداية بأنه نظرا لحساسية الانتخابات الرئاسية فقد اختصها المشرع بجملة من الاجراءات لعل أهمها أنه جعل المجلس الدستوري يحرص على سلامتها من بدايتها إلى نهايتها وذلك بموجب أحكام المادة 15 (جديدة) من الأمر قانوني رقم 91 – 027 الصادر بتاريخ 7 أكتوبر 1991 المعدل الذي يتضمن القانون النظامي المتعلق بانتخاب رئيس الجمهورية التي تقول :”يسهر المجلس الدستوري على صحة العمليات الانتخابية ويقر ويعلن النتائج النهائية لالقتراع التي تنشر في أقرب الآجال في الجريدة الرسمية”.
أما بالنسبة لضمانات الشفافية بالنسبة لعمليات الاقتراع ، فبالاضافة إلى دور المجلس الدستوري بصفته شريكا للجنة الانتخابية في العملية برمتها ، فقد خول المشرع كل مرشح حقَّ انتداب ممثل له في كل مكتب من مكاتب التصويت، وألزم اللجنة الانتخابية بتسليم ذلك الممثل مستخرجاً من محضر العمليات الانتخابية.تقول المادة 19 من المرسوم رقم 2012.278 الذي يحدد إجراءات سير الحملة الانتخابية وعمليات التصويت بالنسبة للانتخابات الرئاسية : “يمكن لكل مترشح أن يعين ممثلا له في مكتب التصويت (…) تدون ملاحظات ممثلي المترشحين في محضر مكتب التصويت”.
صحراء ميديا : وما هي الضمانات التي تضمن أن تكون النتائج المُدونة في المحضر تعكس الحقيقة ؟
بدن : إن روح القانون تقتضيي جعلَ كل مرشح يطمئنّ على النتائج التي حصل عليها في كل مكتب من مكاتب التصويت على عموم التراب الوطني وفي الخارج وعلى مسارها بعد ذلك حتى مآلها الأخير في محضر الاعلان النهائي من قبل المجلس الدستوري .
أما بخصوص فرز النتائج مثلا – ويحضره ممثلو المترشحين – فتقول المادة 22 من المرسوم المتعلق بالانتخابات الرئاسية:” تطبق على فرز النتائج ترتيبات المرسوم رقم 275.2012الصادر بتاريخ 06 ديسمبر 2012المحدد لإجراءات الحملة الانتخابية وعمليات التصويت الخاصة بالانتخابات البلدية. بيد أنه بالنسبة للانتخابات الرئاسية، يحدد مكتب التصويت عددَ الأصواتِ المعبرِ عنها بأن يخصم من العدد الإجمالي لبطاقات التصويت التي وجدت في صندوق الاقتراع، عددَ البطاقاتِ المعتبرةِ لاغيةً طبقا للشروط المحددة بموجب المادة 31 من المرسوم المذكور، وعددَ الأصوات المحايدة”. وهكذا إذن فإن الأصوات المحايدَ لا تُحتسبُ ضمن الأصوات المعبر عنها بالنسبة للانتخابات الرئاسية خلافًا لبقية الاقتراعات، إذ أن الأصوات المعبر عنها في الانتخابات الرئاسية تنحصر في الأصوات المتحصل عليها من قبل المرشحين فقط .
صحراء ميديا : كيف يتم تحرير المحاضر ومستخرجاتها و توزيعها على الشركاء ؟
جواب : في ما يتعلق بتحرير المحاضر ومستخرجاتها وتوزيعها بعد ذلك على الشركاء في العملية الانتخابية ،تأتي المادة 23 من المرسوم لتقول :” يحرر مكتب التصويت محضر فرز النتائج في خمس (5) نسخ توزع على النحو التالي: نسخة للمجلس الدستوري – نسخة لوزارة الداخلية و اللا مركزية – نسخة للجنة الوطنية المستقلة للإنتخابات- نسخة للولاية – نسخة للمقاطعة.تسلَّم نسخة اللجنة الوطنية المستقلة للإنتخابات لممثلها في مكتب التصويت. يسلِّمُ مكتبُ التصويت مستخرجاتٍ من المحضر لممثلي المترشحين في مكتب التصويت. يعلَّقُ مستخرج من المحضر أمام مكتب التصويت”.
وأنبه هنا إلى أن هذه المحاضر ومستخرجاتها في مكاتب التصويت تمثل المصدر الأساسيَّ الوحيد بالنسبة للنتائج ويُفترض أنها تم إعدادها بحضور ممثلي المترشحين وأن هؤلاء أودعوا طعونهم و ملاحظاتهم المحتملة في المحاضر طبقًا لما يخوله لهمْ القانون .أما بخصوص توزيع هذه المحاضر ومستخرجاتها فقد جعله المشرع متكافئا بين جميع الأطراف المتدخلة في العملية الانتخابية بما في ذلك المترشحون أنفسهم بواسطة ممثليهم في مكاتب التصويت .وليست اللجنة الانتخابية أوفر حظا من بقية الشركاء في هذا المجال .كل ما في الأمر
أنه نظرًا لاستحالة تنفيذ الالتزام القانوني المتمثل في تعليق مستخرجات المحاضر على واجهات مكاتب التصويت ليضطلع عليها الجمهور ، فقد تكون اللجنة الانتخابية استعاضت عن ذلك التعليق شبه المستحيل بنشرها على موقعها الخاص مستخدمة في ذلك تطبيق مايْ سيني، وذلك تأويل جدُّ مستساغ .
صحراء ميديا: ما هي الضوابط القانونية التي يتم بها إعلان النتائج؟
بدن: بالنسبة للانتخابات الرئاسية هنالك إعلان مؤقت من قبل اللجنة الانتخابية و إعلان نهائي من قبل المجلس الدستوري ؟
ويعتبر إعلان النتائج أهم محطات المسلسل الانتخابي ، ولذلك أحاطهُ المشرع باحتياطات مضاعفة لضمان الشفافية. فهو يمهد له بمركزة للنتائج على مستوى المقاطعة، و يوزع فيه المسؤولية بين اللجنة الانتخابية والمجلس الدستوري ويمنح فرصة الحضور لمن أراد ذلك من ممثلي المترشحين و خول الحاضرين منهم حقّ كتابة ملاحظاته في هذا المحضر ! وهكذا إذن وزع المشرع مسؤولية مركزة النتائج على مستوى المقاطعة: أسندَ إلى اللجنة الانتخابية مسؤولية “جمع نتائج البلديات ” بالتنسيق مع المجلس الدستوري و ألزمَ المجلس الدستوري بمسؤلية “الإحصاء العام للأصوات” بعد ذلك أي مركزة النتائج العامة .تقول المادة 24 من المرسوم المذكور :”تقوم على مستوى كل مقاطعة اللجنة الوطنية المستقلة للإنتخابات، بإحصاء الأصوات فور اختتام الاقتراع عند ورودها تباعا وتجمع نتائج البلديات، بالتنسيق مع المجلس الدستوري”. و تقول المادة 25 :”يمكن لممثل كل مترشح أن يحضر، بناء على طلب منه، العمليات المذكورة في المادة 24 وأن يطلب، إن أراد ذلك، تسجيل ملاحظاته بالمحضر” أي محضر مركزة النتائج على مستوى المقاطعة.
صحراء ميديا : متى يتم إعلان النتائج بالنسبة للانتخابات الرئاسية؟
بدن: إن لنتائج الانتخابات الرئاسية سواءً أكانت مؤقتة أو نهائية خصوصيتها الزمانية، تقول المادة 26 من المرسوم آنف الذكر : “يجب أن يكتمل الإحصاء و جمع النتائج في كل مقاطعة في أجل أقصاه يوم الاثنين الموالي للإقتراع عند منتصف الليل.تُدَوَّنُ النتائج في محضر يحرر في خمس (5) نسخ توقع من طرف جميع أعضاء اللجنة الوطنية المستقلة للإنتخابات. أربعة نسخ من هذا المحضر تحال فوراً للمجلس الدستوري واللجنة الوطنية المستقلة للإنتخابات و وزارة الداخلية والوالي. تخصص النسخة الخامسة لوثائق المقاطعة. تقوم اللجنة الوطنية المستقلة للإنتخابات بإعلان النتائج المؤقتة”.
وهنا أيضا تتكافأ الفرص بين جميع الشركاء في العملية الانتخابية وذلك بالاطمئنان على إحصاء الأصوات على مستوى المقاطعات و لبعضهم نسخ من محضر مركزة النتائج كما أن للبعض الآخر حق إيداع ملاحظاته المحتملة في هذه المحاضر . وعلى أساس هذه المركزة تعلن اللجنة الانتخابية النتائج المؤقتة للانتخابات الرئاسية.
وفي الأخير تأتي المادة 27 لتحدد مسؤولية المجلس الدستوري في إعلان النتائج النهائية فتنص على أنه : “يتم الاحصاء العام للأصوات من طرف المجلس الدستوري.ويُحرَّرُ محضرٌ به”.أي محضر بالنتائج العامة للانتخابات، وذلك بعد استيفاء الطعون المحتملة.تقول المادة 28 من المرسوم : “يقوم المجلس الدستوري إذا لم يحصل أي من المترشحين في الدور الأول على الأغلبية المطلقة بإعلان عدد الأصوات التي حصل عليها كل مترشح يوم الأربعاء الموالي للإقتراع عند الساعة الثامنة مساءا كآخر أجل. ويعلن المجلس الدستوري نتائج مجموع الانتخابات في العشرة (10) أيام التي تلي الاقتراع إذا حصل أحد المترشحين على الأغلبية المطلقة من الأصوات المعبر عنها.ويعلن رئيس المجلس الدستوري اسم المترشح المنتخب”.
هذا وطبقا لأحكام المادة 14 (جديدة) من الأمر القانون المنظم للانتخابات الرئاسية :” ينتخب رئيس الجمهورية لمدة خمس (5) سنوات بالاقتراع المباشر. وينتخب بالأغلبية المطلقة
لأصوات المعبر عنها. إذا لم يتم الحصول على تلك الأغلبية من طرف أحد المترشحين في الشوط الأول من
الاقتراع، ينظم شوط ثان بعد خمسة عشر يوما. و يتقدم لهذا الشوط فقط المترشحان الباقيان في المنافسة
والحاصلان على أكبر عدد من الاصوات في الشوط الأول”.