يزداد التوتر السياسي في السنغال، بعد تصاعد الحديث عن إمكانية تأجيل الانتخابات الرئاسية المرتقبة يوم 25 فبراير الجاري، وهو ما يرفضه عدد من زعامات المعارضة وهيئات المجتمع المدني.
وفي ظل هذا التوتر والجدل حول موعد الانتخابات، يترقب السنغاليون خطابًا سيلقيه الرئيس ماكي صال، اليوم السبت، للحديث عن الموضوع.
وقال مراسل “صحراء ميديا” في دكار، إن الخطاب كان من المرتقب أن يلقيه صال في بث مباشر عبر التلفزيون الحكومي، صباح اليوم، ولكنه تأجل حتى الثانية زوالًا بتوقيت دكار (نفسه توقيت غرينتش).
بداية الجدل
بدأ الجدل حول موعد الانتخابات الرئاسية، صباح اليوم، حين صادق مكتب الجمعية الوطنية (البرلمان السنغالي)، خلال اجتماع استثنائي على مقترح قانون طرحه الحزب الديمقراطي السنغالي (PDS)، يتضمن تأجيل الانتخابات لستة أشهر.
والحزب الديمقراطي السنغالي هو حزب معارض، يرأسه المخضرم عبد الله واد، الذي حكم السنغال في الفترة من 2000 وحتى 2012.
وكان الحزب المعارض قد تقدم بنجل رئيسه كريم واد مرشحًا للانتخابات، ولكنه أقصي من طرف المجلس الدستوري، وهو ما اعترض عليه الحزب، متهمًا أفرادا في المجلس الدستوري بالفساد.
وقال مراسل “صحراء ميديا” إن الصحف السنغالية تتحدث عن “افتعال” الأزمة من طرف حزب عبد الله واد، بعد أن رفض ترشح نجله للانتخابات.
وأضاف أن الحزب شرع في مسار قضائي يتهم فيه اثنين من أعضاء المجلس الدستوري بالفساد، من أجل قطع الطريق أمام منع كريم واد من المشاركة في الانتخابات.
رفض التأجيل
بسرعة أعلن عدد من زعامات المعارضة في السنغال رفضهم لتأجيل الانتخابات الرئاسية، وقال خليفة وهو واحد من أبرز المرشحين للرئاسيات، إنه يرفض التأجيل.
وقال صال في بيان صحافي أمس (الجمعة) إن تأجيل الانتخابات من شأنه أن “يهدد السلم واحترام الديموقراطية في البلاد”.
من جهة أخرى، أصدر عدد من الأئمة والخطباء في السنغال بيانا أمس (الجمعة)، حذروا فيه من تأجيل الانتخابات لما قد يكون له من عواقب على الوضع في السنغال.
ودعوا الرئيس السنغالي ماكي صال إلى “الحفاظ على المسلسل الديموقراطي”.
ولكن رفض تأجيل الانتخابات لم يقتصر على المعارضة، بل إن مرشح ائتلاف الأغلبية الرئاسية الحاكمة أمادو با، أكد أمس (الجمعة) أنه متمسك بموعد تنظيم الانتخابات.
وجاء رفض أمادو با للتأجيل في تصريح أدلى به بعد أن انتهى من تسجيل الفيلم الدعائي لدى التلفزيون الرسمي، الذي سيبث خلال الحملة الرئاسية المرتقبة.
خلاف الأغلبية
على صعيد آخر، يجري الحديث في السنغال عن خلاف صامت داخل الأغلبية الرئاسية، قد يكون له دور في السعي نحو تأجيل الانتخابات الرئاسية، يضمنُ الوقت لتسوية هذه الخلافات.
ونقل مراسل “صحراء ميديا” عن مراقبين في السنغال، قولهم إن مرشح الائتلاف الحاكم (أمادو با) يواجه صعوبة في خلق توافق عليه داخل ائتلاف (بينو بوكو ياكار) الرئاسي الحاكم.
وبدأت هذه الخلافات تطفو على السطح مع اقتراب موعد افتتاح الحملة الانتخابية، لتأتي الأزمة داخل المجلس الدستوري لتساهم في الدفع نحو تأجيل الانتخابات.
أزمة مفتعلة
ويشير مراقبون في السنغال إلى أن حالة الضبابية في المشهد السياسي، ازدادت أكثر خلال الأيام الأخيرة، حين شكلت لجنة تحقيق في فساد أعضاء المجلس الدستوري بطلب من الحزب الديمقراطي السنغالي المعارض.
ولكن هذه اللجنة عند تشكيلها صوت لصالحها نواب في البرلمان عن الائتلاف الحاكم، وتولى الائتلاف رئاستها أيضًا، ما دفع بعض المحللين إلى طرح فرضية أن تكون “الأزمة مفتعلة” من أجل تأجيل الانتخابات.
ويشير أصحاب هذا الرأي الرائج في أوساط المحللين، إلى أن تأجيل الانتخابات سيمكن من ائتلاف الأغلبية الحاكمة من تسوية خلافاته، عبر البحث عن مرشح توافقي بديل لأمادو با، الذي يعارض فكرة التأجيل.
ترقب الرئيس
وسط كل هذا الجدل، يرتقب السنغاليون الخطاب الذي سيلقيه الرئيس ماكي صال، من أجل الإدلاء بوجهة نظره وحسم الجدل.
في غضون ذلك، ما تزالُ الأغلبية الرئاسية الحاكمة تدافع بشدة عن موقف صال، وتصفه بأنه لن يتخذ أي قرار من شأنه أن يهدد الأمن والسلم والديمقراطية في البلاد.
وتقول هذه الأغلبية إن ماكي صال هو أول رئيس في تاريخ السنغال يرفض الترشح لولاية رئاسية ثالثة، وأول رئيس سنغالي يشرف على انتخابات لا يكون مرشحًا لها.
وحكم ماكي صال السنغال بعد الفوز بانتخابات 2012، أمام سلفه عبد الله واد الراغب آنذاك في نيل ولاية رئاسية ثالثة، وأعيد انتخاب صال عام 2019، بعد أن قلص عدد سنوات المأمورية الرئاسية من سبع سنوات إلى خمس.