بعد خمسة أيام من المداولات أعلنت محكمة الجنايات المختصة في جرائم الفساد، أنها ستصدر الحكم مساء اليوم الاثنين، في حق المتهمين في ملف العشرية.
حددت المحكمة الساعة الرابعة والنصف مساء للنطق بالحكم في ملف يستحوذ على اهتمام الموريتانيين، لذلك بدأ الصحفيون التوافد من أجل حجز مكان لهم في الداخل.
عند البوابة الرئيسية لقصر العدل كان يقف خمسة أفراد من الشرطة يرتدون زي مكافحة الشغب، فيما كان شرطيان آخران يدققان في هوية الصحفيين، بعضهم منع من الدخول لعدم إدراج أسمائهم في اللائحة، لقد كانا حازمين وصارمين “لا يدخل إلا من كان يوجد إسمه في اللائحة؛ كانت هذه أوامر القيادة”، يقول احد الشرطيين المذكورين للصحفيين.
مع اقتراب الموعد المحدد طلبت الشرطة من الصحفيين الذين لا توجد أسماؤهم ضمن المدعوين الابتعاد عن البوابة، بعضهم استجاب وتوجه إلى حيث يحتشد أنصار وأقارب الرئيس السابق والمتهمين في الملف.
لا شعارات لا صور للمتهمين كان الحماس أقل مما كان عليه يوم بدء محاكمة المتهمين في ملف العشرية، فالعشرات من أنصار الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز والمتهمين في الملف ينتظرون صدور الحكم من أمام قصر العدل.
حاول بعض هؤلاء الدخول وتجاوز المتاريس الحديدية عند مدخل قصر العدل، حيث تجري المحكمة، لكن أفراد الشرطة منعوهم “غير مسموح لكم بالدخول”، هكذا قال شرطي لإحدى قريبات الرئيس السابق.
رغم أن الجلسة علنية ويسمح بالحضور لها، إلا أن رئيس المحكمة قرر أن يكون الحضور محدودًا، مقتصرًا على المقربين من أوساط المتهمين أوعدة صحفيين واكبوا الملف منذ بدايته.
الهدوء يسود أمام قصر العدل، فأغلب الحاضرين جلسوا تحت ظلال الأشجار المحيطة بقصر العدل تحميهم من الشمس الحارقة ينتظرون صدور الحكم.
كان من اللافت أن أنصار الرئيس السابق الذين لا تتجاوز أعدادهم عشرين شخصا لا يرفعون لافتات أو صورا للمتهم الأول في ملف العشرية، إلا أنهم يتسابقون إلى كاميرات صفحات البث المباشر للحديث عن “المحاكمة”.
ركزت مداخلاتهم على أن الرئيس السابق “مظلوم وأن محاكمته مجرد تصفية حسابات الهدف منها إبعاد ولد عبد العزيز عن المشهد السياسي”.
فجأة علت الزغاريد والتصفيق بعد تلقي الحشود معلومات من صحفي تفيد بأن الرئيس السابق حكم عليه بالسجن خمس سنوات نافذة مع مصادرة حقوقه المدنية، وتبرئة كل من يحيى ولد حدمين ومحمد سالم ولد البشير والطالب ولد عبدي فال ومحمد عبد الله ولد اوداعه من تهم الفساد الموجهة لهم في إطار ما يعرف بملف العشرية.
ما إن صدر الحكم حتى سارعت فاطمة بنت حدمين ابنة الوزير الأول الأسبق للبحث عن أختها بين الحشود، تنادي باسمها، لمحتها وتعانقت معها بحرارة وهي تذرف الدموع.
قالت لأختها “الحمد لله الوالد برأه القاضي من تهم الفساد”، كانتا فرحتين بأن والدهما أحد أبرز المتهمين في الملف حصل على البراءة.
غير بعيد منهما صاحت إحدى السيدات وبدأت تبكي وتقول بصوت جهوري “حكم ظالم” حاول أحدهم تهدئتها، ثم ركبت السيارة، لم نتمكن من تحديد هويتها.
فيما كان أنصار الرئيس السابق هادئين، واكتفى بعضهم بالتكبير، يبدو أنهم تفاجأوا من الحكم عليه بالسجن خمس سنوات.
سألت أحد الصحفيين بجانبي عن هدوء أنصار ولد عبد العزيز وعدم تعليقهم على هذا الحكم قال “السكوت علامة الرضا”، في إشارة إلى رضاهم عن الحكم.
وبخصوص ردود الفعل على الحكم قال منسق هيئة دفاع الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز محمدن ولد اشدو، إن الحكم “سياسي”، مؤكدا أنهم سيستأنفونه.
وأضاف في تصريح ل”صحراء ميديا”، أن هذا الحكم يثبت أن محاكمة ولد عبد العزيز “سياسية” الهدف منها منعه من ممارسة السياسة وحرمانه من حقوقه المدنية”.
فيما اعتبر المحامي سيدي المختار ولد سيدي في تصريح ل”صحراء ميدايا” عند بوابة قصر العدل، أن الأحكام الصادرة من طرف القاضي مساء اليوم، كانت “مخففة”.
بعد حوالي 10 أشهر من استنطاق المتهمين والاستماع إلى الشهود ومرافعات المحامين في ملف من اثني عشر ألف صفحة، تطوى مساء اليوم منه صفحة، لتبقى صفحات أخرى تبدأ مع استئناف دفاع ولد عبد العزيز الحكم.