لا تخفي اندي ابتسامتها وسعادتها بعد حصولها على وثائق ملكيتها لقطعة أرضية في المنطقة 22 بتوجنين في العاصمة نواكشوط الذي تم استصلاحه وإعادة تأهيله من طرف الحكومة الموريتانية.
جاءت اندي باكرا حينما أبلغت من طرف السلطات المحلية أنها من بين المستفدين من قطع أرضية، وعليها أن تتسلمها، اليوم الجمعة، في حفل حضره الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني.
حلم يتحقق
تقول اندي إنها عاشت في حي “امبود” العشوائي في مدينة نواكشوط منذ ما يربو على 20 سنة، لا تتوفر فيه أبسط مقومات الحياة الأساسية.
وتضيف أنها كانت تكابد يوميا من أجل الحصول على المياه، تعتمد على السقايات التي تنظمها الجمعيات الخيرية في أحياء الصفيح، مؤكدة أنها لم تكن تحلم بالحصول على قطعة أرضية من طرف الدولة.
فيما يقول مصطفى ولد عبد الله إنه كان يقطن في الريف يعيش على بيع الماشية وتربيتها، لكن سنوات الجفاف قضت على رزقه ليغادر صاغرا إلى نواكشوط لبدء حياة جديدة.
وصل مصطفى مع أسرته إلى نواكشوط قبل ثلاثين عاما، فرضت عليه الظروف أن يسكن في حي “امبود” العشوائي، فهو غير قادر على استئجار منزل لضيق الحال.
يقول إن الحي العشوائي الذي يسكنه لا يتوفر على الخدمات الأساسية، والوضع الأمني المتردي فيه، يكاد يمر يوم من دون أن تحدث فيه جريمة.
يتنفس الصعداء تتهلل أساريره، حينما وجد اسمه من بين المستفدين من القطع الأرضية الموزعة على 9 آلاف و118 أسرة موريتانية تسكن في الأحياء العشوائية.
تفاقم ظاهرة العشوائيات
اختارت وزارة الإسكان الإطلاق على هذا المشروع “حياة جديدة” تقول إنه سيمكن هذه الأسر من“سكن لائق” في مناطق تتوفر على الخدمات الأساسية في العاصمة نواكشوط.
وتسعى الوزارة عبر هذا المشروع إلى القضاء على العشوائيات في العاصمة نواكشوط، إذ ظهرت في السبعينات من القرن الماضي مع موجة جفاف كبرى أدت إلى نزوح الآلاف من الداخل.
وتفاقمت ظاهرة العشوائيات خلال العشرين السنة الأخيرة، فقد تمددت في مختلف المناطق لتتحول إلى مدن من صفيح في داخل مدينة نواكشوط.
وأطلقت الحكومات المتعاقبة خططا للقضاء على ظاهرة العشوائيات، فنجحت في تنظيمها وتأهيل عدد من المناطق واستصلاحها، ثم وزعت قطع أرضية على الآلاف.
حياة جديدة
لكن تلك المقاربات يرى البعض أنها لم تعالج نهائيا هذه الظاهرة، فقد تفاقمت وتمددت منذ عام 2016 تسعى الحكومة الحالية إلى “القضاء عليها نهائيا” عبر برنامج وضعته وزارة الإسكان.
في هذا السياق أعلنت الوزارة انتهاء المرحلة الأولى من مشروع “حياة جديدة” بإعادة تأهيل 28 حيا عشوائيا في ولايتي نواكشوط الشمالية والجنوبية.
المرحلة الأولى من المشروع استهدفت تأهيل قطاع 22 في توجنين شيدت فيه 3 مدارس ابتدائية، وإعدادية وثانوية ومركزا صحيا ومفوضية للشرطة، و8 كلم من الطرق الإسفلتية و15 كلم من الطرق المدعمة.
وبحسب الوزارة، فإنها أنجزت في هذا المقطع شبكة للمياه وأخرى للكهرباء، وشيدت 10 محلات لتوزيع المواد الغذائية المدعومة حكوميا.
وقال وزير الإسكان والعمران والاستصلاح الترابي سيد أحمد ولد محمد إن هذا المشروع يهدف إلى توفير حياة جديدة لآلاف المواطنين الذين أجبرتهم الظروف عبر السنين، لاتخاذ ما يعرف (بالكزرة) سكنا، حيث يعتبر استصلاح الأراضي ومدها بالخدمات العمومية إحدى التوصيات الهامة في مجال القضاء على العشوائيات في العالم.
وأضاف أن المشروع سيسمح بالقضاء على 28 حيا عشوائيا في العاصمة وتبلغ تكلفته الإجمالية 4,12 مليار أوقية قديمة تم تمويلها من ميزانيات القطاعات الوزارية المعنية.
وأشار إلى أن مشروع حياة جديدة، يأتي ضمن مشاريع عديدة في البنى التحتية تولى القطاع تنفيذها، معتبرا أنه يترجم فحوى “برنامج تعهداتي خاصة في شقه الاجتماعي، المرتبط بالفئات الهشة، من أبناء شعبكم، والتي وجدت فيكم، صاحبَ الفخامة، الرئيس الإنسان، القريب منهم، الحريص على إنصافهم، والمرحب بتطلعاتهم لحياة أفضل في كنف الجمهورية“.