إبراهيم الهريم ـ نيامي (صحراء ميديا)
زحمة متوسطة ونشاط تجاري خافت في سوق «امالتاكي» في نيامي؛ مشهدٌ غير مألوف في واحد من أبرز أسواق العاصمة النجرية، لكن الأزمة التي تمر بها البلاد عقب الانقلاب، أدت إلى هذا الركود الاقتصادي الصعب.
في العادة يعرف السوق حركة كبيرة، خصوصا أن أغلب البضائع هنا هي من المواد الغذائية، من خضار وغيرها، وهي مواد رئيسية، لكن المستهلكين خفوا في الآونة الاخيرة، كما أن العرض شهد انخفاضا هو الآخر.
وسط هذا السوق، يتجول عيسى بين الحوانيت، بحثا عن خنشة أرز بسعر يناسب قدرته الشرائية، إلا أن أسعار المواد الغذائية «زادت بنسبة كبيرة بعد الانقلاب» هكذا يقول عيسى.
عيسى (70 عاما) يعيل أسرة وليس له دخل يومي منتظم، ما دفعه لممارسة الأعمال الحرة، لكن «عمله تأثر كثيراً في الفترة الأخيرة، زيادة على غلاء المعيشة» وفق مقابلة مع «صحراء ميديا»
أزمة خانقة
يعيد عيسى أسباب هذه الوضعية إلى العقوبات الاقتصادية المفروضة على الدولة الفقيرة، والتي كان أبرزها إغلاق الحدود البرية بين النيجر ودول الإيكواس المجاورة.
هنا في سوق امالتاكي يبلغ سعر خنشة الأرز 14 ألف و أحيانا 15 ألف فرنك، بعد أن كانت ب10 آلاف، في السابق، وهو ما «يمثل زيادة كبيرة من الصعب علي تحملها خصوصا أن خنشة 25 كلغ بالكاد تكفي لثلاثة أسابيع، فما بالك بالاحتياجات الضرورية اليومية الأخرى» يضيف عيسى
أما ماهمان، فهو سائق سيارة أجرة، يقول إن «نشاطه تأثر مؤخراً» ومع دخله المتواضع، يعاني في توفير حاجيات أسرته.
تضحية
لكنه يضيف في تعليق لـ«صحراء ميديا»: «نحن مستعدون للتضحية، لاستعادة كرامتنا» ويواصل في تحدٍ «لن نرضخ، مهما كانت الأسعار غالية، سنواصل نضالنا» في إشارة إلى العقوبات التي فرضتها المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا على النيجر، وإغلاق الحدود البرية.
معاناة ماهمان يشترك فيها مع كثير من النيجريين، فالبلاد التي تتذيل تصنيفات الدول الفقيرة، تواجه تحديا اقتصاديا واجتماعيا صعبا، فاقمه الانقلاب الذي أنهى حكم أول رئيس مدني يتسلم السلطة من رئيس مدني.
وكانت الأمم المتحدة حذرت بعيد انقلاب 26 يوليو من زيادة أعداد النيجريين المحتاجين إلى مساعدات غذائية، في وقت تصل نسبة الفقر في البلا إلي 13% من أصل 25 مليون نسمة.
الروافد الاقتصادية
على المستوى الاقتصادي تعتمد النيجر في تبادلاتها التجارية على ميناء كوتونو في جمهورية البنين، فهي دولة حبسية، لا تملك أي إطلالة على البحر، وتبلغ المسافة ما بين نيامي وكوتونو 1040 كلم، ويبلغ عدد السيارات التي (كانت) تسلك هذا الخط 1000 مركبة يوميا.
وحسب إحصاءات رسمية تصل قيمة المواد التي تستوردها النيجر عبر البنين 17 مليون دولار ، ما يعادل ازيد من 9 مليارات فرنك.
وفي حين يعتبر اليورانيوم أحد أهم دعائم الاقتصاد والواردات في النيجر، إلا أن البلد يعتمد كثيراً على دعم الميزانية الذي يقدمه شركاء اقتصاديون من أبرزهم فرنسا والاتحاد الأوروبي، وهو ما تم تعليقه بسبب الانقلاب.
تسبب هذا التعليق بالإضافة إلى عقوبات الإيكواس، في عجز في الميزانية، آخر فصوله نية الحكومة التي عينها العسكر انتهاج سياسة تقشف، تجلت بداية في الاستغناء عن عشرات العقدويين، حسب ما ورد في وثيقة داخلية حصلت عليها «صحراء ميديا»