الشيخ محمد حرمه – صحراء ميديا – سان بطرسبورغ
تنطلق اليوم الخميس فعاليات النسخة الثانية من المنتدى الاقتصادي والإنساني “روسيا – أفريقيا”، في مدينة سان بطرسبورغ الروسية، بحضور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى جانب 17 رئيس دولة أفريقية.
وتأتي هذه القمة بعد أربع سنوات من أول قمة روسية – أفريقية، احتضنتها آنذاك مدينة سوتشي الروسية، وكانت فرصة لتوقيع حوالي 100 اتفاقية تعاون بين دول أفريقية وروسيا.
ولكن النسخة الجديدة من القمة تأتي في سياق دولي مختلف، بعد تزايد النفوذ الروسي في أفريقيا على حساب الغرب، خاصة في منطقة الساحل، واندلاع الحرب الأوكرانية التي أطلق الاتحاد الأفريقي وساطة من أجل تسويتها، هذا بالإضافة إلى أزمة غذاء تواجه أفريقيا بسبب أزمة الحبوب التي خلفتها الحرب في أوكرانيا.
وتهدف القمة التي انطلقت اليوم وتختتم غدًا الجمعة، إلى “تعزيز” العلاقات الاستراتيجية بين روسيا وأفريقيا، و”الارتقاء بها لمستوى جديد”، على حد تعبير مسؤولين روس.
وكان مساعد الرئيس الروسي للشؤون الدولية، يوري أوشاكوف، قد أعلن مشاركة 49 دولة إفريقية من أصل 54 في القمة، منها 17 دولة ستمثل على مستوى الرؤساء، هذا بالإضافة إلى مفوضية الاتحاد الإفريقي والبنك الإفريقي للاستيراد والتصدير.
ترحيب بوتين
قبيل انعقاد القمة وجّه بوتين رسالة ترحيبية إلى القادة الأفارقة، جدد فيها رغبة بلاده في تعزيز التعاون مع القارة، بل إنه وصفها بأنها “أحد الأقطاب في عالم متبلور متعدد الأقطاب”.
وأضاف بوتين أن التعاون مع أفريقيا وصل إلى مستويات جديدة خلال السنوات الأخيرة، ولكنه شدد على أن بلاده تعتزم تطوير التعاون مع أفريقيا “لتحفيز التجارة والاستثمار، والعمل على حل مشاكل ملحة في أفريقيا مثل مكافحة الفقر وضمان الأمن الغذائي ومواجهة التغير المناخي”.
وقال في رسالته: “سنواصل مساعدة الشركاء الأفارقة بكل الطرق الممكنة في تعزيز السيادة الوطنية والثقافية لبلدانهم، وتطوير مشاركتهم في حل القضايا الإقليمية والدولية”.
حبوب على الطاولة
قمة روسيا – أفريقيا التي تنعقد تحت شعار “نحو عالم من الأمن والتنمية”، ينتظر أن تبحث عدة ملفات، من أهمها أزمة الغذاء في العالم، والتي تعد أفريقيا أكبر متضرر منها، وذلك من خلال بحث صفقة الحبوب المعروفة باسم “مبادرة البحر الأسود للحبوب”.
ويتعلقُ الأمر باتفاق وقع في مدينة إسطنبول التركية، شهر سبتمبر عام 2022، يسمح باستئناف صادرات الحبوب والمواد الغذائية الأخرى والأسمدة، بما في ذلك الأمونيا، من أوكرانيا عبر ممر إنساني بحري آمن.
ولكن روسيا قررت من جانب واحد إيقاف العمل بالاتفاق يوم 18 يوليو الجاري، متهمة الدول الغربية بأنه لم تنفذ التزامات تضمنها الاتفاق.
وفي هذا السياق، قال مسؤول في الكرملين: “الآن من المهم أكثر من أي وقت مضى بالنسبة لنا، أن نجتمع مع الشركاء الأفارقة، ونتحدث ونواصل الحوار حول صفقة الحبوب، عن أسباب توقفها”.
وأوضح المسؤول أن روسيا تسعى إلى توضيح جهودها “لدعم الأسواق العالمية، وسلوك روسيا المسؤول في هذا الصدد، والالتزامات التي لم يف الغرب بها”، وفق تعبيره.
الطاقة والأمن
من جهة أخرى، ينتظر أن تناقش القمة التعاون الأمني والعسكري بين روسيا وأفريقيا، وهو ما أدرجه مسؤول روسي ضمن ما سماه “تعزيز التنمية السيادية الوطنية للأفارقة”.
وأضاف نفسُ المسؤول أن القمة ستناقش أيضًا “موارد الطاقة”، وذلك في إشارة إلى واحد من أهم المشاريع التي تنفذها الشركات الروسية في القارة الأفريقية، هو مشروع محطة الضبعة النووية في مصر.
وقال بوتين بعد لقاء مساء أمس مع الرئيس المصري عبد الفتاح السياسي: “روسيا ومصر تمتلكان روابط قوية في مجال الطاقة، ومشروع إنشاء محطة الضبعة النووية يتطور وفقًا للخطة”.
أما السيسي من جانبه أكد أن بلاده “تقدر الدعم الواضح لروسيا في إنشاء محطة الضبعة النووية ومشروع المنطقة الروسية الصناعية”.
وأضاف الرئيس المصري أنه “يرحب بجميع مبادرات روسيا بشأن التعاون في أفريقيا”.