اعترف الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز، اليوم الثلاثاء، أنه اتصل على المدير السابق للشركة الوطنية للصناعة والمناجم (سنيم) محمد عبد الله ولد أوداعه وطلب منه أن يمنح صهره محمد ولد امصبوع تدريبًا في الشركة، انتهى بحصوله على اكتتاب رسمي.
ولد عبد العزيز كان يجيب على أسئلة قاضٍ يرأس جلسة المحكمة الجنائية المختصة في جرائم الفساد، التي يمثل أمامها ولد عبد العزيز في إطار ملفات العشرية، وكانت الجلسة مخصصة لتهم “منح امتيازات غير مبررة في مجال الصفقات، واستغلال النفوذ”.
وخلال الجلسة وجه القاضي سؤالا إلى الرئيس السابق حول اكتتاب صهره محمد ولد امصبوع في شركة (سنيم)، فرد ولد عبد العزيز: “فعلا كلمتُ مدير سنيم (محمد عبد الله ولد اوداعه) بخصوصه، وطلبت منه أن يمنحه تدريبا معهم، وفي النهاية اكتتبه”.
وأضاف ولد عبد العزيز مدافعًا عن صهره: “هو بحوزته شهادتي ماجستير ولم يسبق أن تم تعيينه أو تكليفه بأي مهمة، وهو مواطن موريتاني ولديه الحق في التوظيف”.
في غضون ذلك، سأله القاضي: “ولكن الموظف استفاد من نفوذ واقعي وافتراضي، حسب تصريحه هو، واستفاد من امتيازات لنقل العملة الصعبة خارج البلد”.
ليرد ولد عبد العزيز قائلًا: “أنا رئيس جمهورية ومهمتي هي أن أحافظ على استقرار البلد، لم يكن لدي أي علم بهذا الأمر، والسؤال من غير الوارد طرحه، خلال مساري في الجيش والرئاسة قدمت تضحيات، ونحن لسنا بحاجة إلى التهريب”.
العودة إلى الماضي
ولد عبد العزيز الذي بدا منفعلًا، قال في سياق رده على تهمة التهريب بالقول: “لقد خدمتُ كضابط في الجيش، وقدمتُ تضحيات عام 2003 من أجل الاستقرار، وأطلق علي الرصاص، وحررت إذاعة موريتانيا من قبضة الانقلابيين والتلفزة”، في إشارة إلى دوره في إفشال محاولة انقلاب قادها فرسان التغيير عام 2003.
وأضاف ولد عبد العزيز: “بعد ذلك بأسبوعين مُنحت 250 مليون أوقية للإذاعة من أجل شراء معدات جديدة، وكلمت الرئيس معاوية في الأمر وقلت له إن هذا غير مبرر”.
وقال ولد عبد العزيز في إطار عرض مساره: “بعد عملية لمغيطي أدركنا أن البلد بحاجة إلى التغيير، وقمنا بذلك التعديل السلمي، وأجريت انتخابات نجح فيها رئيس (سيدي ولد الشيخ عبد الله) ولكن عادت معه نفس الجبهة، لقد ناداني مرة وسألني عن رأيي في الحكومة، فقلت له إنه لا ينقصها إلا ولد الطائع”.
وأوضح أنه بعد ما سماه “انهيار الدولة اقتصاديا وأمنيا، أصبح لزاما علينا التدخل، لتبدأ حقبة جديدة في موريتانيا منذ 2008″، مستعرضًا بعد ذلك ما سماه “إنجازات” على مستوى تشييد القواعد العسكرية والتحسينات التي خضع لها الجيش.
لم أهدده!
خلال جلسة استنطاق ولد عبد العزيز، سأله القاضي عن شهادة رجل الأعمال سليمان ولد داداه الذي قال إنه تلقى تهديدا من ولد عبد العزيز بأنه سيسجنه إذا لم ينسحب من صفقة ربط نواكشوط ونواذيبو بخط الجهد العالي، عبر رئيس مجلس الشيوخ السابق محمد الحسن ولد الحاج.
رد ولد عبد العزيز: “هذا غير صحيح، لم أوجه له أي تهديد، هذا الملف كله عبارة عن تلفيق وكذب سياسي واستهداف شخصي”.
وفي سياق الحديث عن منح ولد عبد العزيز لامتيازات “غير مبررة” في صفقة إنارة شوارع العاصمة نواكشوط وصفقة خط الجهد العالي بين نواكشوط ونواذيبو ومحاولة صفقة بيع منجم افديرك، قال ولد عبد العزيز: “كل هذه الصفقات تمت بطريقة قانونية، وتجاوزت جميع المراحل، وأنا كرئيس للجمهورية لدي وزراء ومديرين، هم من يتولون هذه الأمور بطريقة واضحة”.
وأضاف: “مشروع خط الجهد العالي نفذته شركة (كالباتورو) الهندية، وصفقة إنارة مدينة نواكشوط التي نفذتها شركة (غودسولير) مرت بطريقة قانونية”.
قبل أن يؤكد أن “كل هذه الاتهامات أعدت من طرف سياسيين، وأنا كرئيس دولة لم يسبق أن تدخلت بطريقة قانونية، على حد علمي”.
أنا رئيس!
ولد عبد العزيز رفض بشدة أي اتهام له باستغلال النفوذ، وقال: “كل هذه افتراءات ولا دليل عليها، أنا رئيس جمهورية لست بحاجة إلى استغلال النفوذ، لأنني أتمتع بكافة الصلاحيات، أنا رئيس منتخب، وهذه تهم لا دليل يثبتها، وما قمت به من كان من أجل المصلحة العليا للبلد”.
ولكن القاضي سأله عن شهادة حسنه ولد اعلي (المدير السابق لشركة سنيم) حول رسوم دراسية منحتها الشركة لأحفاده، فقال ولد عبد العزيز: “علمت بهذه القضية مؤخرًا، ولم أصدر أي أمر لنيل هذه الرسوم، ولكن ما أعرفه هو أن سنيم تخصص أكثر من 500 مليون أوقية للطلاب، ويستفيد منها أشخاص لا علاقة لهم بالشركة، وهؤلاء أطفال في الروضة المدرسية ولا أفهم التركيز على أن هنالك استغلال نفوذ من أجلهم”.
وأضاف ولد عبد العزيز: “لا يمكن لأي مدير في الشركة أن يقول أو يثبت أنني قمت باستغلال النفوذ في هذه القضية”، رد عليه القاضي: “لقد قالها مدير سنيم الجالس هناك” وأشار إلى حسن ولد اعلي المتهم في نفس الملف.