حدث ما كان متوقعا في مدينة نواذيبو، حيث يحتدم الاستقطاب السياسي في العاصمة الاقتصادية للبلاد، وسط تنافس حاد بين مرشحي الانتخابات التشريعية والمحلية والجهوية، وصل إلى “حرب كلامية” عنيفة بين مرشحي الموالاة، ولم يتخلف عنها بعض مرشحي المعارضة.
يقود هذه الحرب الكلامية العمدة والنائب السابق عن المدينة القاسم ولد بلالي، الذي كان يتفاوض قبل انطلاق الحملة الانتخابية مع حزب الإنصاف الحاكم لترشيحه للمنصبين، وحين لم يحصل على ما يريد توجه إلى حزب الكرامة الموالي.
ولد بلالي الساعي إلى تقديم نفسه كرقم صعب في ثاني أهم مدينة في البلاد، اختار أن تكون استراتيجيته في الحملة هجومية، فأعلن الحرب على حزب الإنصاف الحاكم ومرشحه لمنصب العمدة أحمد ولد خطري، وطاقم حملته.
وانتقد ولد بلالي في تصريحات أمام أنصاره مرشح الحزب الحاكم، ووصفه بأنه ليس من “ساكنة” نواذيبو، مؤكدا أن أغلب السكان لا يعرفه، قبل أن يتساءل عن الطريقة التي سيعمل بها مرشح لا ينتمي إلى البلدية، ولم يحتك بأهلها ولم يمارس السياسة المحلية فيها.
واعتبر ولد بلالي أن أحمد ولد خطري الذي ينافسه على منصب العمدة، “تستغله جهة سياسية، هدفها تعطيل مشروع الإصلاح والتنمية في نواذيبو”.
وسرعان ما أوضح ولد بلالي أنه يقصد بذلك رئيس البرلمان السابق الشيخ ولد بايه، الذي وجه له انتقادات لاذعة واتهمه بـ “الفساد” حين كان يشغل منصب مستشار في ديوان وزير الصيد.
ويأتي هجوم ولد بلالي على رئيس البرلمان السابق، بعد أن وصل الأخير إلى نواذيبو بالتزامن مع انطلاق الحملة الانتخابية من أجل دعم مرشح حزب الإنصاف الحاكم، وظهر في اجتماعات مع سكان المدينة يطلب منهم التصويت بكثافة لصالح الإنصاف ومرشحه.
ولكن ذلك لم يعجب ولد بلالي الذي اتهم ولد بايه بأنه قدم “رشوة” لأئمة المساجد في المدينة، واصفًا ما يقوم به ولد بايه بأنه “مؤامرة” ضده.
تعبئة وتهدئة
من جانبه ظهر رئيس البرلمان السابق في اجتماع مع نسوة مدينة نواذيبو، يطلب منهم التعبئة من أجل التصويت بكثافة لمرشحي حزب الإنصاف الحاكم.
وقال ولد بايه في كلمة مقتضبة: “لقد جئتن بقناعة تامة، لم يرغمكن أي أحد، وأنا لم أدفع لكم أي شيء، وإنما القناعة وحدها هي التي حركتكن”.
وأضاف ولد بايه: “يجب أن نخوض الحملة بهدوء، نبتعد عن التجريح والكلام الساقط، ونقوم بالتعبئة لصالح مرشحينا من أجل ضمان فوزهم”.
نواذيبو تستحق
أما المرشح لمنصب العمدة أحمد ولد خطري، فرفض الدعاية التي تقول بأنه ليس من سكان نواذيبو، وقال إنه “جاء إلى المدينة شابا حديث التخرج عام 1993، عمل في وظيفة متواضعة، إلا أن تجربة البدايات تعلمها خلالها الكثير”.
واستعرض ولد خطري في خطاب أمام أنصاره المشاكل التي تعاني منها مدينة نواذيبو، وقال إن أكبر مشكلة تعاني منها هي انتشار الفقر في أوساط السكان، مشيرًا إلى أن 40 في المائة من السكان يرزحون تحت وطأته.
وأعلن ولد خطري أنه يستند إلى “خبرة كبيرة” في مجال التشغيل وجذب المستثمرين ومكافحة الفقر، قبل أن يتعهد “بوضع هذه الخبرة تحت تصرف سكان المدينة إذا انتخبوه عمدة”.
وتابع: “نواذيبو تستحق علي كثير، وجاءت اللحظة المناسبة لتسديد بعض الدين لها، من خلال خدمة سكانها والنهوض بمدينة تستحق أكثر من واقعها الحالي”، وفق تعبيره.
ولد خطري الذي اختار حي “الترحيل” لإطلاق حملته الدعائية، تعهد بأنه إذا نال ثقة السكان، سيوفر 500 فرصة عمل للشباب خلال الأشهر الستة الأولى من مأموريته، وتشييد جامعة قبل نهاية مأموريته.
هجوم المعارضة
وفيما حاول مرشح حزب الإنصاف تفادي الدخول في الحرب الكلامية المباشرة مع القاسم ولد بلالي، قرر ائتلاف حزبي تكتل القوى الديمقراطية واتحاد قوى التقدم أن يدخل على خط المواجهة، منتقدًا بشكل مباشر تسيير ولد بلالي للبلدية خلال مأموريته المنصرمة.
وقال المرشح للعمدة عن الائتلاف المعارض المختار ولد الشيخ، إن نواذيبو تعيش “معاناة كبيرة” في مجالات الصيد والخدمات والبنية التحتية.
وأكد مرشح المعارضة أن ولد بلالي “فشل في تسيير البلدية”.
وهكذا يحتدم الاستقطاب السياسي في نواذيبو، وهو استقطاب مرشح للتصعيد أكثر خلال الأيام المقبلة، في انتظار أن يحسمه ناخبو نواذيبو البالغ عددهم 48 ألف ناخب، حين يتوجهون إلى صناديق الاقتراع يوم 13 مايو المقبل، لتحديد من سيفوز بمفاتيح المدينة الاقتصادية.