على الرغم من التقدم الملحوظ طيلة العقود المنصرمة، فإن عملية اللامركزية في موريتانيا لا تزال بطيئة وغير ناجعة. فبالرغم من التجربة الطويلة نسبيا للبلديات، والمستمرة منذ أربعين سنة فإن النتائج على أرض الواقع المحلي مازالت ضئيلة وخاصة في البلديات التي ليست عواصم ولايات.
لقد شكل استحداث المجالس الجهوية قبل خمس سنوات خطوة سياسية مهمة في البناء المؤسسي للبلد، وبعث آمالا كبيرة في نفوس المواطنين الذين طالما اشتكوا من ضعف أداء الاجهزة الإدارية المركزية التي تسير من العاصمة نواكشوط بعيدا من الواقع المحلي الذي يعاني فيه السكان.
ولابد من التنويه بأن تجربة البلدان المزدهرة تعلمنا أن اللامركزية في تسيير شؤون الأمم هي صمام الأمان لتمكين المجتمعات المحلية من صنع مستقبلها وإحداث توازن عمراني اقتصادي واجتماعي على كافة تراب الوطن، وكذا الحد من هيمنة العواصم على الموارد المتاحة.
ولا شك أن نجاح المجتمعات المحلية في اغتنام الفرصة الممنوحة لها عبر القانون يتطلب إرادة سياسية قوية وكفاءات عالية لكي يتسنى لتلك المجتمعات وضع خططها التنموية وتنفيذها عبر المشاركة والتفاعل الايجابي بين جميع الفاعلين وعلى جميع المستويات من أجل دفع عجلة التنمية في كافة أبعادها وخاصة على صعيد التنمية البشرية.
وهنا لابد من التذكير بالرهانات الكبيرة التي تقع على عاتق المجالس الجهوية في بلدنا والتي أوضحتها القوانين والنصوص ذات الصلة والتي نذكر منها:
-تنسيق وانسجام أنشطة التنمية في الجهة؛
– وضع وتنفيذ برنامج تنمية جهوي ينسجم مع استراتيجيات التنمية الوطنية؛
-إعداد مخطط جهوي للإستصلاح الترابي والسهر على انسجامه مع المخطط الوطني للإستصلاح الترابي؛
– إعداد المخططات التوجيهية للاستصلاح والعمران على المستوى الجهوي بالتعاون مع البلديات المعنية والدولة.
-المساهمة في تنفيذ سياسة الدولة في مجال التهذيب ومحو الأمية والتكوين المهني؛
-إعداد وتنفيذ الخريطة المدرسية الجهوية
-بناء وصيانة البنية التحتية للتعليم الإعدادي والثانوي (الثانويات والإعداديات)؛
– بناء وصيانة مباني مراكز التكوين المهني والفني؛
– عند الاقتضاء، المبادرة بإنشاء هياكل التكوين المستمر أو الخاص في المهن المتعلقة بخصائص الجهات؛
– ترقية التكوين، والتدريب ، بالتنسيق مع القطاع العام أو الخاص لتحسين أداء قطاعات الأعمال في الجهة؛
– دعم الهياكل الصحية في الجهة؛
-ترقية العمل الاجتماعي على المستوى الجهوي؛
– تسيير الموظفين الموضوعين تحت تصرف الجهات؛
– تشييد وصيانة وتسيير المراكز الصحية الجهوية ومراكز الأم والطفل والمراكز الجهوية الأخرى المتخصصة؛
– تنظيم النقل الجهوي بالتنسيق مع الهيئات العمومية المعنية؛
– تصميم شبكة الطرق الجهوية؛
– تشجيع تطوير النقل الطرقي في الجهة وفك عزلة القرى والبلدات من أجل خدمة أفضل لها.
-إنشاء مناطق صناعية أو تجارية أو تجهيزات سياحية
– إعداد خطط جهوية خاصة لتسيير الطوارئ والمخاطر؛
-ترقية السياحة على المستوى الجهوي؛
-دعم وتشجيع المبادرات الحرة في إنشاء البنى التحتية السياحية؛
– ترقية وتطوير الأنشطة الثقافية على المستوى الجهوي ؛
– تنظيم التظاهرات الثقافية والأدبية والفنية على المستوى الجهوي ؛
– إنجاز البنى التحتية الرياضية الجهوية ؛
– مساعدة الجمعيات الثقافية والرياضية والشبابية ؛
وهنا يظهر حجم التحديات الواقعة على كاهل من سيحمل أمانة تسيير هذه المجالس الجهوية في المرحلة المقبلة.
وبعد أن اكتملت في الأعوام الماضية مرحلة التأسيس لهذه المؤسسات التنموية التي ينتظر منها المواطنون الكثير، فلا يمكن لأحد أن ينكر أن رفع هذه التحديات يتطلب جهودا مضنية وخبرة واسعة في تسيير التنمية. كل هذا في وقت بدأ البعض يشكك في جدوى إنشاء هذه المؤسسات أصلا وذلك لضعف أداء القائمين عليها في مرحلة التأسيس.
هذه التحديات والرهانات ستكون موضوع الحلقات القادمة ان شاء الله.
آب أحمد الطلبة – خبير تخطيط وتسيير المشاريع التنموية مدير سابق بوزارة الشؤون الاقتصادية والتنمية.