تجمهر أفراد من أهالي وأصدقاء الشاب الصوفي ولد الشين، مساء اليوم الجمعة، أمام المفوضية رقم (2) بمقاطعة دار النعيم، للمطالبة بكشف ملابسات وفاته “الغامضة” داخل مباني المفوضية، بعد ساعات من احتجازه.
وكان محتجون غاضبون قد رددوا شعارات مطالبة بكشف الحقيقة، فيما قال أحد المحتجين: “لن نقبلَ أن يذهب دمه هدرًا، لقد تمت تصفيته بدم بارد”.
وقال محتج آخر: “كان لديه حلم بموريتانيا يتساوى فيها الجميع، كان معتدلًا، ولا نريد سوى العدالة”.
سيدة تدعي أنها من أقارب الضحية، قالت: “نريد تحقيقًا محايدًا، وتقديم المذنبين للعدالة، حتى يلقوا مصيرهم”.
فيما قال آخر: “لن يدفن قبل التشريح، نريد معرفة إن كان خضع للتعذيب، وتحديد سبب الوفاة”.
وكانت وحدة من شرطة مكافحة الشغب تتحركُ في المنطقة، قبل أن تطلب من المحتجين عدم التجمهر وقطع الطريق، ورغم حالة التوتر، لم تحدث أي صدامات بين الطرفين.
أوامر رئاسية
وأصدر الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني تعليمات بتشكيل فريق طبي محايد، يتولى تشريح الجثمان وإعداد تقرير مفصل، حول سبب الوفاة.
وأكدت مصادر رسمية لـ “صحراء ميديا” أن وزير الصحة المختار ولد داهي تلقى أوامر رئاسية بتشكيل فريق طبي يتكون من عدة خبرات في مجال الطب الشرعي.
وقالت المصادر إن ولد الغزواني يتابع “شخصيا” تطور التحقيق.
تحقيق “مستقل”
من جهة أخرى، أعلنت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، إنها شكلت “فريقًا مشتركا” مع المفوضية السامية للأمم المتحدة، وكلفته بالتحقيق في الحادثة.
وقالت اللجنة في إشعار نشرته على الفيسبوك، إن الفريق سيشرف على “تحقيق شفاف وموضوعي”، وهو ما اعتبرت اللجنة أنه يدخلُ في إطار “الحرص على تعاطيها مع الأحداث، وواقع حقوق الإنسان في البلد”.
وأكدت اللجنة أن الفريق سيعمل وفق “نهج المهنية” من أجل تحديد “الظروف التي اكتنفت وفاة المواطن الصوفي ولد الشين، بعد توقيفه بإحدى مفوضيات الشرطة”.
اللجنة التي تعد هيئة استشارية دستورية، تعنى بحماية وتعزيز حقوق الإنسان في موريتانيا، قالت إن الفريق “باشر عمله على الفور، ولقي تعاونا إيجابيا من قبل السلطات الأمنية”.
تحقيق “قضائي”
وسبق أن أعلنت الإدارة العامة للأمن الوطني، صباح اليوم، فتح “تحقيق قضائي” لكشف ملابسات الحادث، وقالت إنها “تطمئن الرأي العام الوطني على أن العدالة ستأخذ مجراها الطبيعي في هذه القضية بكل شفافية”.
وأشارت الإدارة العامة للأمن في بيان صحفي إلى أن الضحية توفي “إثر تعرضه لوعكة صحية مفاجئة” خلال توقيفه في المفوضية، ونقل على إثرها إلى مستشفى الشيخ زايد حيث لفظ أنفاسه الأخيرة.
ولكن ناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي تداولوا صورًا لما قالوا إنها آثار تعذيب، تظهر فيها آثار دماء وكدمات في عدة أماكن من جسد الضحية.
ورغم أنه لم يتم التأكد من مدى صحة هذه الصور، إلا أن شهودا حضروا وصول الضحية إلى المستشفى أكدوا لـ “صحراء ميديا” أن حالة من الارتباك وقعت بعد وفاته.
وأضاف الشهود أن إدارة المستشفى استدعت وكيل الجمهورية في محكمة نواكشوط الشمالية، الذي عاين الجثة قبل إعطاء الأوامر بحفظها في الثلاجة الخاصة بالموتى.