محمد فال ابه – روصو
خمس ساعات قضاها أطر ومنتخبو ولاية اترارزة، ينتظرون في طوابير مزدحمة، للولوج إلى “خيمة اللقاء” مع الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، عقب أول اجتماع يعقده مجلس الوزراء مدينة روصو الحدودية.
بدأ الأطر يحتشدون خلال ساعات الزوال، وسط ساحة تقعُ إلى الغرب من المعهد العالي للتعليم التكنلوجي، حينها كان مجلس الوزراء منعقدًا نفس المعهد المعروف شعبيا بـ “ليسه كابولاني”، وهي الثانوية التي درس فيها أغلب رؤساء ووزراء البلاد، بمن فيهم الرئيس والوزير الأول الحاليين.
طوابير متعرجة فيها مئات الأشخاص، قدموا من مختلف المقاطعات السبع في الولاية، منتخبون وأطر ووجهاء انخرطوا في التنظيم، استعدادا لبدء مراسيم دخول “خيمة اللقاء”.
نصبت حواجز أمنية تتوقف عندها الطوابير المتعرجة والمزدحمة، فيما ينتشر أفراد الأمن من مختلف التشكيلات في الساحة، أما المنتظرون فيسجّون وقت الانتظار بأحاديث جانبية معظمها حول نتائج مجلس الوزراء، وطبيعة اللقاء الموعود.
صلى المنتظرون صلاتي العصر والمغرب، فرادى وجماعات في “ساحة الانتظار”، فلا أحد مستعد للمغامرة بمغادرة الساحة، بينما بدأت ترتيبات الدخول بعد أن غادر الوزراء قاعة الاجتماع.
كان أفراد الأمن يطلبون من الجميع إشهار بطاقة الدعوة الخاصة.
تدافع شديد وضغط كبير عند حاجز المرور الأول، لم يستطع معه أفراد الأمن مواجهة الحشود وتنظيمها، رغم استخدام الهراوات والدفع بالعصي والأيدي، ولم يكن المرور سلسًا، فوقع احتكاك ومشادات بين الحشود وأفراد الأمن، أسفرت عن إصابات طفيفة في صفوف المتدافعين.
بعد ذلك بدأت مرحلة العدو نحو الحاجز الثاني، الأكثر تعقيدا والأشد صرامة، إذ استخدم الأمن عشرات السيارات لسد الطريق أمام الحشود الغاضبة والمنهكة من معركة الحاجز الأول.
هتف المحتشدون احتجاجا على “الأسلوب” الذي تعامل به الأمن معهم كمواطنين، فيما ارتفعت دعوات تطالب بالانسحاب ومقاطعة اللقاء “صونا للكرامة”، على حد قول بعض المحتجين الذين واصلوا سيرهم نحو الخيمة.
لم تكن المرحلة الأخيرة أسهل من المرحلة السابقة، فبدت وتيرة الدخول بطيئة، لكنها كانت أكثر تنظيما، وطلب الأمن الرئاسي من الجميع إشهار بطاقة الدعوة قبل السماح لهم بالولوج إلى خيمة اللقاء، التي امتلأت بالمدعوين من أطر ومنتخبين، ظل بعضهم واقفا حتى نهاية اللقاء، بعد حجز كافة المقاعد.
كان الرئيس يجلسُ على منصة خاصة، نصبت قبالة المدعوين، عن يمينه والي اترارزة وعن يساره رئيس جهتها، فيما جلس المنتخبون بين المنصة والمقاعد المخصصة لبقية الحضور، غاب الوزير الأول عن اللقاء فيما حضر بعض أعضاء الحكومة، وحضر رئيس الاتحاد الوطني لأرباب العمل الموريتانيين.
بدأ اللقاء بكلمة مرتجلة ألقاها الرئيس، خصصها للحديث عن الأمن الغذائي والسيادة الغذائية والاكتفاء الذاتي، معتبرًا أن الزراعة هي الوسيلة التي يمكنها أن تضمن لموريتانيا سيادتها الغذائية.
بعد ذلك دعا الوالي بعض المزارعين للحديث، ليعترض بعضُ الحاضرين على تحديد المداخلات مسبقا، مما حدا بالوالي التدخل من أجل ضبط الاحتجاج وإنهاء الجدل.
رغم الفوضى التي أحدثها الحاضرون، ظل الرئيس هادئاً وهو يراقب المشهد، فيما واصل الوالي إدارته للنقاش وهو يدعو المحتجين إلى الانضباط والهدوء أمام رئيس الجمهورية.
طغت مشاكل الزراعة على معظم المداخلات، وتحدث آخرون عن “تهميش” أطر مقاطعاتهم، وطلبوا من الرئيس تحقيق الإنصاف، وتطرق بعض المتدخلين إلى الأوضاع الصحية والتعليمية في مناطقهم.
دعا الرئيس أعضاء الحكومة الحاضرين إلى الرد على بعض الاستفسارات، كان أبرزها ما قدمه وزير الداخلية من أرقام ومعلومات، حول سير الإحصاء الإداري ذي الطابع الانتخابي في اترارزة.
بعد خمس ساعات، اختتم الرئيس النقاش وأشاد بالانتقادات التي وجهت لبعض القطاعات، ووصفها بأنها “مفيدة وصحية”.