أعادت صفقة شراء طائرة خاصة للرئاسة الموريتانية، مع شركة إماراتية، بقيمة 24,9 مليون دولار، إلى الواجهة النقاش حول أهمية الطائرات الرئاسية في موريتانيا، خاصة وأن الموريتانيين غير متعودين على أن يمتلك رئيسهم طائرة خاصة، فما قصة قادة موريتانيا مع الطائرات الخاصة؟
تعود البداية إلى سبعينيات القرن الماضي، حين كان الرئيس المؤسس المختار ولد داداه، يسافر على متن طائرة رئاسية خاصة، عُدّت آنذاك أداة مهمة ساعدت في تعزيز مكانة موريتانيا الدبلوماسية.
الطائرة التي قدمها رئيس الغابون عمر بونغو، هدية لصديقه المختار ولد داداه، كانت من طراز كارافيل (Caravelle)، وهي عبارة عن طائرة ركاب نفاثة متوسطة المدى، من صناعة فرنسية.
الطائرة التي تحمل ألوان العلم الوطني (الأخضر والأصفر) وكتب عليها بالبند العريض “الجمهورية الإسلامية الموريتانية”، مكنتْ الرئيس الراحل من حضور الكثير من القمم والاجتماعات الدولية، بالإضافة إلى زيارة بلدان كانت مهمة لموريتانيا في تلك الحقبة مثل الصين، عدا عن جولات أفريقية كان لها تأثيرها في قرارات هامة.
Kinshasa, Jeudi 23 mars 1978
~~~~~
Le PR de la Mauritanie?? frappée par la sécheresse, le président Moktar Ould Daddah, effectué une brève visite au Zaïre?? pour des discussions avec le PR02 @Presidence_RDC Mobutu.@UEenRDC @AmbassadorIleka @exxousia @RogerShimba#MémoireRDC pic.twitter.com/d1StIOxJYb— MémoireRDC??? (@giressbaggothy) August 3, 2022
بعد الإطاحة بولد داداه في انقلاب 10 يوليو 1978، ظلت الطائرة الخاصة مركونة في مطار نواكشوط، وتستخدم في بعض الرحلات القليلة التي يقوم بها بعض كبار المسؤولين، وهي رحلات نادرة لأن موريتانيا انكفأت على نفسها لسنوات وسط حالة من الاضطراب السياسي والانقلابات العسكرية المتلاحقة.
مع استقرار الوضع نسبيًا تحت حكم الرئيس محمد خونه ولد هيداله، مطلع الثمانينيات، عادت طائرة “كارافيل” إلى الخدمة من جديد، ليسافر على متنها ولد هيدالة عدة مرات.
وهي نفسُ الطائرة التي عاد على متنها يوم 12 ديسمبر 1984، ليجد الجيش قد أطاح به في انقلاب عسكري أبيض قاده الرئيس معاوية ولد سيد أحمد الطائع، الموجود حاليًا في المنفى.
رئيس لا يُسافر
رغم أن معاوية ولد سيد أحمد الطائع حكم البلد لأكثر من عقدين، لتكون فترة حكمه هي الأطول، إلا أنه كان أقل الرؤساء سفرًا إلى الخارج، ومع بداية حكمه اختفت الطائرة، فيما رجحت بعضُ المصادر أن تكون خرجت عن الخدمة، وهي المصنوعة في خمسينيات القرن الماضي.
في تسعينيات القرن الماضي، تلقى ولد الطائع طائرة خاصة هدية من العاهل السعودي الراحل الملك فهد بن عبد العزيز، كانت من طراز (Grumman g2)، إلا أنها لم تحمل صفة الطائرة الرئاسية، لأن ولد الطائع قرر منحها لشركة الخطوط الجوية الموريتانية، بسبب كلفة صيانتها الباهظة.
بعد ذلك بسنوات قليلة، تلقى ولد الطائع طائرة أخرى هدية من أمير قطر حمد بن خليفة آل ثاني، كانت من طراز (Boeing 727)، توجّه مسؤول موريتاني رفيع المستوى إلى جنوب أفريقيا لاستلامها من هناك.
خلال عملية التسليم اكتشف المسؤول أن الطائرة الخاصة، لا يتجاوز مدى طيرانها أربع ساعات في الجو، أي أنها لا تصلح للرحلات الطويلة، وهو ما يفرض عليها توقفات متكررة تزيد من تكاليف كل رحلة.
حينها قرر ولد الطائع منح الطائرة القطرية للخطوط الجوية الموريتانية، حتى تُخصص للرحلات الداخلية، أو لرحلات نحو عواصم دول في شبه المنطقة.
ويفسر مقربون من ولد الطائع عدم رغبته في امتلاك طائرة خاصة، بكونه لا يحتاجه بسبب قلة أسفاره، إذ أنه خلال السنوات العشر الأخيرة من حكمه، لم يغادر البلاد سوى مرات معدودة، واحدة نحو المغرب والأخرى إلى السنغال، أو سفره الأخير نحو المملكة العربية السعودية للتعزية في وفاة الملك فهد بن عبد العزيز، وهو السفر الذي لم يعد منه.
عصر الأسفار
الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز الذي حكم موريتانيا لأكثر من عشر سنوات، كان يوصفُ بأنه من أكثر الرؤساء سفرًا إلى الخارج.
في بداية حكمه، سافر ولد عبد العزيز عدة مرات على متن طائرات خاصة، بعضها كان إعارة من قادة آخرين، على غرار الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، أو أمير قطر حمد بن خليفة آل ثاني.
كما كان ولد عبد العزيز يستخدمُ في الغالب طائرات “شركة موريتانيا إيرلاينز”، وبعد ذلك طائرات “الموريتانية للطيران”، وهو ما يؤدي في كثير من الأحيان إلى تأخر رحلات تجارية لعدة أيام.
نفسُ الأزمة تكررت خلال حكم الرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني، الذي كانت جميعُ أسفاره على متن طائرات “الموريتانية للطيران”، ما يسبب اضطرابًا في جدول رحلات الشركة.
يقول مصدر رسمي مأذون إن شراء طائرة رئاسية خاصة هو “قرار سيادي ودبلوماسي”، كما أن له تداعيات اقتصادية إيجابية على شركة “الموريتانية للطيران”، ويضيف المصدر أن أغلب دول الجوار يتنقلُ قادتها على متن طائرات خاصة.