يستعد الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، نهاية الأسبوع الجاري، لزيارة ولاية الحوض الغربي، بعد خمسة أشهر فقط من زيارته لمدينة تامشكط في نفس الولاية، التي يقارب تعداد سكانها نصف المليون نسمة، وتعد من أغنى ولايات موريتانيا بالمياه والثروة الحيوانية، ولكن من أكثرها فقرًا.
نهاية يوليو الماضي أطلق ولد الغزواني من مدينة تامشكط الحملة الزراعية الموسمية، التي رصدت لها الدولة أكثر من 40 مليار أوقية، لزراعة 80 ألف هكتار بالحبوب والخضروات والأعلاف.
اليوم يعود ولد الغزواني إلى الولاية من جديد، في إطار تقليد حكومي دارج منذ سنواتٍ، يقوم على فكرة تخليد ذكرى عيد الاستقلال الوطني بتدشين أو إطلاق مشاريع جديدة.
وكان ولد الغزواني قد دشن وأطلق مشاريع في العاصمة نواكشوط والعاصمة الاقتصادية نواذيبو، بالإضافة إلى مشاريع أخرى في ولايتي تكانت وكوركول، فيما محطته المقبلة ستكون مدينة العيون، عاصمة ولاية الحوض الغربي، وواحدة من أهم وأكبر مدن الشرق الموريتاني، إذ يقدر تعداد سكانها بقرابة عشرين ألف نسمة.
زخم سياسي
وإن كان سكان الحوض الغربي يترقبون زيارة الرئيس لمعرفة كيف ستنعكسُ على أوضاعهم المعيشية، في ظل أزمة اقتصادية حادة، إلا أن الزيارة مع ذلك أثارت الكثير من الزخم السياسي، في ولاية يعشقُ أهلها السياسة ويشتغلون بها، ولطالما كانت ساحة لصراع القوى السياسية التقليدية.
وتعاظم الزخمُ السياسي لأن الزيارة تأتي بالتزامن مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية والمحلية.
حزبُ الإنصاف الحاكم حاول إظهار قوته الانتخابية في الولاية، فانتشرت المهرجانات السياسية في البلديات، ورفعت شعاراته ولافتاته في مدينة العيون، عاصمة الولاية.
كتبَ شاب متحمس للحزب الحاكم، معلقًا على صورة لافتات الحزب مدخل مدينة العيون نشرها على الفيسبوك: “حسم سكان الولاية أمرهم لإعطاء الزيارة الميمونة ما يليق بها، وما يعكس الاحتضان الشعبي لبرنامج فخامة رئيس الجمهورية، وتشبثا بحزب الإنصاف الجناح السياسي لنظامنا المبارك”.
مع تصاعد الزخم، أعلن فاعلون سياسيون دعمهم لتوجهات نظام ولد الغزواني، في ولاية كانت خلال السنوات الأخيرة تقترب أكثر من المعارضة، بل إن أنباء تحدثت عن انضمام عمدة بلدية العيون للحزب الحاكم، وهو الفائز عبر تحالف معارض.
كل ذلك الزخم الذي احتفى به حزبُ الإنصاف، وبعثته التي تجوب الولاية، كان يخفي صراعًا محليًا على المناصب الانتخابية، فرغم “الإجماع” الذي يظهره أنصار الحزب الحاكم في دعم النظام، إلا أنهم يخفون تحته “خلافات” حول الأسماء التي يجب أن تمثل مقاطعات الولاية في البرلمان، وفي بقية المناصب الانتخابية.
https://www.facebook.com/100001029878661/videos/1296273807881686/
أحلافٌ جديدة
وسط الزخم السياسي، ظهر لاعبون جدد في الحوض الغربي، لعل من أبرزهم الداه ولد سيدي ولد أعمر طالب الذي يشغل منصب وزير الشؤون الإسلامية منذ وصول ولد الغزواني إلى الحكم قبل ثلاث سنوات، وهو واحد من خمسة وزراء تمسك بهم الرئيس منذ البداية.
وهو أيضًا الوزير الوحيد الذي حمل نفس الحقيبة منذ وصول غزواني إلى الحكم، لم يتغير موقعه خلال خمس تعديلات حكومية، صفة يتقاسمها مع وزير الدفاع حننا ولد سيدي.
ولد أعمر الطالب الذي يبلغ من العمر 38 عامًا، فقيه وقاض، سبق أن عمل مستشارا بمحكمة الاستئناف، ثم رئيسا لمحكمة اركيز، وخلال تلك الفترة لم يعرف له أي نشاط سياسي.
خلال الفترة الأخيرة، أصبح ولد أعمر الطالب قياديًا في حزب الإنصاف الحاكم، ما دفعه وسط الزخم السياسي الذي أحدثته زيارة الرئيس إلى الولاية التي ينحدر منها، أن يطلق “حلفًا سياسيًا” يسعى من خلاله لتقريب وجهات النظر وجمع مختلف القوى السياسية في المنطقة.
وتعليقًا على الحلف السياسي للوزير، كتب أحد أنصاره بانفعال: “تعيش مدينة لعيون هذه الأيام، في سابقة من نوعها، أجواء توافقية منقطعة النظير، بفضل حنكة وأخلاق معالي الوزير الداه سيدي اعمر طالب”.
وأضاف الناشط السياسي المتحمس أن الوزير “حقق المستحيل في تجاوز كل العقبات، واستطاع جمع التحالفات الصادقة، التي تضم جميع مكونات المجتمعات المحلية للمدينة والتيارات السياسية والهيئات القبلية”.
الشاب الصاعد
من جهة أخرى ظهر لاعب جديد، هو الشاب المختار ولد اقويزي، نجلُ المدير العام للأمن الوطني الجنرال مسغارو ولد اقويزي، وقد ثار حول طموحه السياسي الكثير من الجدل، خاصة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
ولد اقويزي خلال الاستعداد لزيارة الرئيس، أطلق أنشطة هيئة خيرية يتولى رئاستها تحملُ اسم “هيئة الحسنى للأعمال الخيرية”، بعد أشهر من رئاسته لمهرجان ثقافي في مدينة العيون، أثار هو الآخر الكثير من الانتقادات.
ظهر ولد اقويزي في صور وهو يوزع 200 سلة غذائية وبطانية، على أسر فقيرة في مدينة العيون، خطوة قال ناشطون إنها تمهيد لترشحه للانتخابات مدعومًا من حلف سياسي قوي يقف خلفه والده.
ولكن الشاب ولد اقويزي أوضح في بيان أن “الهيئة ستكون -بحول الله- سندًا قويًا لمؤازرة المستضعفين الذين يتم تسجيلهم من طرف نشطاء الجمعية، إذ سنعتمد -إن شاء الله- آلية شفافة ونزيهة لاختيار المستفيدين الأكثر احتياجًا وهشاشة”.