أمام الثانوية العربية في نواكشوط، جرت الأمور بانسيابية، هدوء غير معتاد في أول أيام امتحان الباكالوريا لشعبة العلوم الطبيعية، البداية كانت مع “التربية الإسلامية”، طبيعة المادة والنسيم الذي يسري في المكان، ربما ساعدا في تخفيف حدة التوتر والرهبة لدى الطلاب وأهاليهم.
رغم ذلك بقي التوتر حاضرًا لدى بعض المشاركين في الامتحان، فحتى اللحظات القليلة قبل الدخول إلى المركز، كان الجميع منكبا على أوراقه ليحفظ ما أمكن، الفتيات أعطين أوراقهن للأمهات للاستماع إليهن إن كن يحفظن المادة جيدا.
رغم أن التربية الإسلامية لا تعد مادة أساسية لدى شعبة العلوم الطبيعية، كانت أجواء بداية الامتحان مربكة للطلاب، بعد عام من الدراسة.
تفتيش وصرامة
عند بوابات المركز يرابط رجال من الدرك الوطني، نصبوا متاريس على بعد أمتار من المركز حيث تجمهر ذوي الطلاب المشاركين في الامتحان.
كان رئيس المركز يصدر تعليماته بصرامة بمنع دخول أي ورقة أو مقتنيات من أي نوع، يسمح فقط بالاستدعاء وبطاقة التعريف وقلم.
بعد تجاوز الطلاب للحاجز الأمني في البوابات الخارجية، تبدأ مرحلة أخرى من التفتيش عند البوابة الداخلية، هناك التفتيش أكثر دقة، يقوم به مراقبون ومراقبات للتأكد من عدم اصطحاب أي محظورات.
ضبطت بحوزة بعض الطلاب ملخصات اكتفى المراقبون ثم السماح للطلاب بالدخول إلى قاعات الامتحان، وتعلو وجوههم حالة من الارتباك.
يقول أحد المراقبين إن أساليب الغش تطورت كثيرا وتنوعت وبالتالي على المراقب أن يواكب كل ذلك ويطرح جميع الاحتمالات.
يضيف في حديث سريع مع “صحراء ميديا” وهو منتشيا بسحب ملخصات من أحد الطلاب: «لقد جمع كل المقرر في هذه الورقات من مادة التربية الإسلامية».
يعلق آخر: «منهم من يدخل مصاحف أصغر حجما من هذا».
قصص متعددة في أساليب الغش والاحتيال، كانت فرصة لتزجية وقت المراقبين قبل الدخول إلى قاعات الامتحان.
يقول رئيس المركز موسى ولد داوود، إن الظروف التي انطلق فيها الامتحان «كانت طبيعية واتخذت جميع الإجراءات اللازمة لضمان سير العملية بنجاح وفق المطلوب».
يضيف رئيس المركز في تصريح لـ«صحراء ميديا» أن رجال الدرك نصبوا «حواجز أمنية لمنع التجمهر، حفاظا على جو من الهدوء والسكنية، وإبعاد الطلاب عن أي مؤثرات خارجية قد تشعرهم بالتوتر أو تحدث التشويش».
أدعية وخوف
خارج المركز تجمهر عدد من أولياء أمور الطلاب؛ النساء يفترشن الأرض، بأيديهن سُبح، ويبعثن بتعويذات نحو قاعات الامتحان، فالباكالوريا هو البعبع الذي يخشاه كل الموريتانيين.
يقول أحد أولياء الأمور إن ابنته لم «تذق طعم الراحة ولا النوم منذ ما يزيد على شهر.. أتمنى أن تتكلل جهودها بالنجاح».
وطلب محمد الأمين من السلطات تغيير استراتيجية الباكالوريا «حتى لا يصبح عقبة أمام مستقبل الطلاب، بل يكون مجرد بوابة للدخول إلى الجامعة».
النساء يتضرعن بالدعاء؛ هذه سيدة تدعو أن تحظى القاعة التي يشارك فيها ابنها بمراقب كيس وغير متشدد، وأخرى تسأل أن يعمي أعين المراقبين.
نشطت على أبواب المركز مهن صغيرة، منها شخص تودع له الفتيات حقائبهن والطلاب هواتفهم والمقتنيات التي كانت بحوزتهم، مقابل أجر بسيط، حتى الخروج من الامتحان.
لعل الجديد في هذه النسخة من الباكالوريا، أنه يجري في ظروف عادية بعد الإجراءات التي كانت مفروضة في السنتين الماضيتين بسبب فيروس كورونا.
وبلغ عدد المترشحين هذه السنة 47 ألف و251 مترشحا، موزعين على 153 مركزا من بينها 63 مركزا في العاصمة نواكشوط.
وتمثل نسبة البنات ضمن المترشحين لهذه الشهادة 53,88 في المائة.