أحد أبرز وجوه نظام الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، وزير الداخلية السابق محمد سالم ولد مرزوك يتولى قيادة الدبلوماسية الموريتانية، في الحكومة الجديدة.
كان ذلك واحدًا من أهم التغيرات التي حملتها الحكومة الموريتانية الجديدة، حين أعلنت مساء الخميس الماضي، بعد يوم من تجديد الثقة في الوزير الأول محمد ولد بلال، الذي قدم استقالته واستقالة حكومته إلى الرئيس.
على غرار الرئيس ولد الشيخ الغزواني، ينحدر ولد مرزوك من منطقة كيفه، وهو ناشط ماوي سابق، حين كان يعتنق منهج الرئيس الصيني ماو تسي تونغ في الماركسية اللينينية، التي راجت في أوساط الشباب الموريتاني المثقف خلال ستينيات وسبعينيات القرن الماضي.
ينحدر من شريحة الحراطين، وُلد وتربى في كنف “أسرة فقيرة نسبيًا، معروفة بأنها متدينة وملتزمة”.
يمتلك ولد مرزوك شبكة علاقات قوية، ونفوذا سياسيا واسعًا، وكانت له مساهمة في نجاح ولد الغزواني خلال انتخابات يونيو 2019، ومنذ ذلك الوقت أصبح المفوض السامي السابق لمنظمة استثمار نهر السنغال، يحتل مكانة محورية في نظام الرئيس الموريتاني.
إذا كان 15 وزيرًا قد أعفوا من مهامهم في التعديل الحكومي الأخير، فإن ولد مرزوك الحاصل على شهادة دكتوراه في الجيوفيزياء من تونس، وجد نفسه مدفوعًا نحو الأمام، ليكون حاملًا لصوت بلده أمام البلدان الأخرى والشركاء الأجانب.
عُيّنَ مستشارا دبلوماسيا للرئيس محمد ولد عبد العزيز، في الفترة من 2016 وحتى 2019، بعد فترة صعبة أعقبت الحديث عن طموحات رئاسية يضمرها الرجلُ، إذ استجوبه الدرك السنغالي، مارس 2014، بعد تقرير أعدته الخلية الوطنية لمعالجة البيانات المالية، التقرير اتهمه بتبييض الأموال.
وضع ولد مرزوك رهن التوقيف، رفقة زوجته واثنين من محاسبي منظمة استثمار نهر السنغال المتقاعدين، بالإضافة إلى مدير بروتوكوله الشخصي، ولكن سرعان ما أفرج عنه بعد ساعات دون أن توجه له أي تهمة.
صحف موريتانية تحدثت آنذاك عن مؤامرة يقف خلفها جزء من النظام الحاكم، من أجل إجهاض أي طموحات رئاسية محتملة لدى سياسي معروف بطموحه الكبير، عائد للتو إلى بلده بعد سنوات طويلة من الغربة.
خلال السنوات الثلاث التي قضاها ولد مرزوك على رأس وزارة الداخلية، نجح على الخصوص في تعزيز الأمن على الحدود مع دولة مالي، ولكن قبل أيام من مغادرته للداخلية، كانت نواكشوط غاضبة لاختفاء عدد من مواطنيها في مالي.
السلطة في باماكو يستحوذ عليها منذ أغسطس 2020، ضباط شباب قادوا انقلابين عسكريين في غضون تسعة أشهر، يعتقدون أن موريتانيا هي الشريك الأهم في المنطقة، بعد الحصار الذي يتعرض له بلدهم من طرف مجموعة (إيكواس)، وقد بادر هؤلاء العسكريون إلى التحرك بسرعة نحو العاصمة الموريتانية لمحاولة إخماد الحريق.
بمثل هذه السيرة الذاتية على رأس الدبلوماسية، يمكن لموريتانيا إذا أن تعوِّل على رجل لديه دفتر عناوين هائل وخبرة صلبة في التفاوض.
في منظمة استثمار نهر السنغال التي قادها لمدة 13 عامًا، يلقبونه بـ “المؤسس الكبير”، لأن كثيرين يعتقدون أن في عهده حققت المنظمة الإقليمية الكثير من المشاريع العملاقة للطاقة الكهرومائية، كما أنه نجح في إعادة غينيا إلى المنظمة بعد سنوات من انسحابها.
حاصل على شهادة الدكتوراه في الجغرافيا، عام 1987 من تونس، محمد سالم ولد مرزوك دَرَّس في جامعة نواكشوط في الفترة من 1986 وحتى 2002، كما حمل عدة حقائب وزارية قبل أن يبدأ مساره الدولي.
الرجل الذي يتحدث بطلاقة الإنجليزية والفرنسية والعربية، كان خلال مروره بمنظمة استثمار نهر السنغال، رئيسًا للشبكة الدولية لمنظمات الحوض.
ولد مرزوك المعروف بشخصيته القوية، يشتهر أيضًا بحساسيته تجاه القياس والاعتدال، يكره الخطابات المتطرفة والمواقف المتصلبة، وحسب مقربين منه، فإنه يعتقد أن “مسيرة بلده نحو التنمية يجب أن تشرك جميع المواطنين”.
ترجمة صحراء ميديا (النص الأصلي باللغة الفرنسية)