في إحدى المزارع في ضاحية نواكشوط الشمالية، يغرس أحمد سالم بذور الخضروات في استقبال موسم زراعي جديد؛ عمل دأب عليه منذ أكثر من عشرين عاما.
يقول أحمد سالم بابتسامة تشي بالكثير من الرضا، إن العمل في زراعة بعض الخضروات والنعناع وفر له ولكثير من الشباب فرص عمل لا بأس بها.
يتحدث أحمد سالم عن المهنة التي ورثها عن آبائه، باعتزاز بالغ، لكنه لا يخفي ما يعترضه من مشاكل ونواقص خصوصا في موسم الصيف، وفق تعبيره.
يضيف أحمد وهو ينظف الأرض، أن المحاصيل التي ينتجها يوزعها بنفسه على التجار، وأن هذه الفترة التي تسبق رمضان في العادة تكون حركة التسويق منتعشة فيها، وينتظرها المزارعون بتلهف.
على بعد أيام قليلة من شهر رمضان الكريم، استبشر الموريتانيون خيرا بالمحصول الزراعي المحلي لهذا العام، خاصة بعد تداول صور للخضروات القادمة من مزارع ولاية لعصابه، فهل يتمكن المحصول المحلي من المنافسة في أسواق نواكشوط، التي يكثر فيها الطلب خلال شهر رمضان.
حين زرنا سوق الخضار قرب مسجد المغرب، وسط نواكشوط، كانت الصورة مغايرة لما هي عليه في وسائل التواصل الاجتماعي، فالصعوبات التي يواجه المنتوج المحلي كبيرة ومتعددة، رغم الجهود الكبيرة التي تبذلها السلطات منذ سنوات لتطوير قطاع الزراعة.
في أسواق نواكشوط يجمعُ التجار على أن الطلب كبير على الخضروات المحلية، ولكنها غير متوفرة بسبب عدم قدرتها على البقاء صالحة للاستهلاك فترة أطول من الخضروات المستوردة.
يقول يعقوب ولد محمد، وهو تاجر خضروات، إن المحصول المحلي «كثير في وسائل التواصل الاجتماعي، وقليل على أرض الواقع».
ويضيف ولد محمد أن الندرة الحاصلة في الخضروات المحلية تعود إلى أنها «غير مدخرة، وذلك لعدم وجود وسائل فنية جيدة لحفظها»، أي أنها تصل الأسواق وهي مهددة بالفساد.
وأوضح التاجر أن فترة صلاحية الخضروات المحلية «لا تتجاوز يوما واحدا أو يومين لسرعة فسادها»، ويؤكد أنه «خسر في كثير منها لهذا السبب».
ويخلص التاجر في سوق الخضار منذ عدة سنوات إنه رغم تحسن المحصول المحلي من ناحية الكمية والجودة، إلا أن التجار «لم يجدوا بديلا حتى الآن للخضروات المغربية»، وفق تعبيره.
ويؤكد التاجر في حديثه مع صحراء ميديا أن كميات الخضروات المتوفرة في السوق «كافية لتغطية حاجة المستهلك في الشهر الكريم، ولكن الأسعار مضطربة وغير ثابتة».
من جانبه، يقول الخبير الاقتصادي صبحي ولد ودادي إن الأرقام الرسمية الصادرة عن الدولة تقول إن موريتانيا تنتج ما يقارب 52 في المائة من حاجياتها من الخضروات الطازجة، إلا أن الخبير يتعبر أن هذه الأرقام «غير دقيقة».
يضيف ودادي أن الأراضي التي سبق وأعلن استصلاحها «تعاني من ضعف في الجوانب الفنية التي تحتاجها الأراضي لتحقيق إنتاج جيد من الخضروات».
ويعتبر ولد ودادي أن هذه الأسباب «تعيق مشروع تحقيق الاكتفاء الذاتي، خاصة في مجال الخضروات»، ولا يخفي ولد ودادي أن هناك عدة محاولات في أماكن مختلفة من البلاد إلا أن «مستوى الانتاج ما يزال ضعيفا جدا».
وتوقع الخبير الاقتصادي ارتفاع أسعار الخضروات والمواد الأساسية في السوق، خلال شهر رمضان، وذلك نتيجة «لزيادة تكاليف النقل والمحروقات»، على حد تعبيره.