حشد حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل)، اليوم السبت، أنصاره في العاصمة نواكشوط، في مهرجان تحت عنوان «ناقوس الخطر»، فيما أعلن رئيس الحزب محمد محمود ولد سيدي أن ما حدث في مقاطعات اركيز وكوبني «يوشك أن يقع ما هو أخطر منه» ما لم تأخذ السلطات الأمور «بجدية».
المهرجان الذي حضرته قيادات الحزب ذي الميول الإسلامية، يعد هو الثاني من نوعه للحزب المعارض الأكثر تمثيلا في البرلمان، منذ وصول الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني إلى الحكم، والذي دخل في تهدئة مع المعارضة كان «تواصل» غير متحمس لها.
وفي هذا السياق، قال ولد سيدي إن تواصل بعد الانتخابات الرئاسية وحين هرع الكثير من السياسيين نحو النظام الجديد «قررنا التريث، لأننا لسنا في عجلة من أمرنا، فإذا كان النظام مصلحا سنلتحق به مجانا، وإذا كان دون ذلك نكون قد بقينا في مكاننا».
وأضاف: «تقدمت سنة ثم سنتان، ونحن الآن نتجه نحو الثالثة، ولم نشاهد ما يغير موقفنا».
وذكر رئيس الحزب المعارض بالمهرجان الذي نظمه بعد مرور مائة يوم من حكم ولد الغزواني، تحت شعار «إصلاح لا يقبل التأجيل»، والوثيقة التي أصدرها بعد مرور سنة من حكم الرئيس تحت عنوان «نحو انتقال توافقي.. رؤيتنا للإصلاح»، قبل أن يضيف «لكننا لم نجد أي آذان صاغية».
الخطر المحدق
ولد سيدي في خطابه أمام أنصار الحزب المعارض، قال إن الخطر محدق بموريتانيا من الداخل والخارج، وأوضح أن المهرجان يأتي بعد أن «شاهدنا الخطر على أولادنا، شاهدنا الجريمة تنخر في صفوف الشباب، وشاهدنا المخدرات، وأحسسنا بالخطر الحقيقي».
ووجه ولد سيدي انتقادات لتسيير التعليم والزراعة والتنمية الحيوانية، وتساءل «أين هي خطة مواجهة الجفاف» الذي سيضرب البلاد عام 2022، قبل أن يشبه النظام بأنه «سيارة تسير بدون مكابح، لا تدري وجهتها».
وأضاف في السياق ذاته: «شاهدنا المساس بالحريات والاعتقالات في اركيز والنعمة ونواكشوط ونواذيبو، وشاهدنا الناس تقتل في نواذيبو وازويرات ونواكشوط، والمجتمع لم يعد آمنا».
وأكد رئيس الحزب المعارض أن «انسداد الأفق السياسي وهشاشة الوضع الأمني وخطورة الوضع الاقتصادي والاجتماعي، أمور إذا تواصلت فإننا نتجه نحو وضع يذكر بما حصل سابقا»، حين أحرقت مقرات الدولة في الشامي والطينطان وباسكنو وكوبني واركيز.
وأضاف: «من لم يفتح عينيه لمشاهدة هذه المؤشرات، توشك أن تتحرك مقاطعتان في نفس الوقت، أو ولايتان، ويفقد القدرة على التحكم في الوضع».
من جهة أخرى، قال ولد سيدي: «شاهدنا خطرا قادما نحونا من الخارج، فنحن في إقليم تهتز فيه الوضعية الأمنية، شرقا وشمالا».
الحوار تلاشى
أما فيما يخص الحوار الذي انطلقت جلساته التمهيدية، قال ولد سيدي إنه «بدأ يشك في وجود إرادة جدية لتنظيم ذلك الحوار»، وقال: «كان لدينا أمل في استقرار سياسي، ونعلن استعدادنا للحوار وتمسكنا به»، قبل أن يتساءل: «أين هو الحوار الذي يواجه مشكلات موريتانيا الحقيقية ويحلها».
وقال إن المعارضة استعدادا للحوار «توحدت وجهزت مشروعها، ولكنها حين اتصلت لم تجد من يرد عليها»، وأضاف أن الحوار «تلاشى» رغم أنه قد أعلن عنه من أعلى مستوى في الدولة.
وشدد ولد سيدي على أنهم مستعدون وجاهزون للحوار، قبل أن يقول إنه يتمنى أن يكون شكه في غير محله.
وأضاف: «لا بد من إصلاح حقيقي، وحوار حقيقي، وحكومة حقيقية قادرة على أن تنفذ بشكل جدي ودون تلكؤ مخرجات الحوار المرتقب».
مواجهة الفساد
ولد سيدي خصص فقرات من خطابه للحديث عن الفساد، وقال: «نحن أمام خطر قادم من الخارج، وآخر في الداخل، وقادتنا آمنون والمفسدون يمشون عرضا وطولا، لا أحد يذكرهم بسوء، الفساد يزداد وصفقات التراضي يرتفع سقفها، والرقابة القبْلية يعرض مشروع قانون للتخلي عنها، في سابقة من نوعها».
وأكد رئيس حزب تواصل أن «النظام حصل على مهلة، ولكنه لم يحسن تدبيرها»، كما سنحت له «فرصة حقيقية» حين طالبت المعارضة والأغلبية بتنظيم «حوار حقيقي يحل مشاكل موريتانيا، وإلى اليوم هذا الحوار لا يتقدم.. هناك مشكلة حقيقية»، على حد قوله.
وحذر ولد سيدي من خطورة الوضع، وأضاف: «لقد حان الوقت لتنبيه هؤلاء الناس، حتى يأخذوا الأمور بجدية، وإذا لم يفعلوا فما حدث في مقاطعات الداخل يوشك أن يقع ما هو أخطر منه، وحينها سيكون التحكم في الوضع غير ممكن».
وخلص إلى أنهم في تواصل «خائفون على وحدة الوطن وأمنه واستقراره، ولا سبيل نحو ذلك إلا بتعزيز الجبهة الداخلية، والجبهة الداخلية لا يعززها إلا إصلاح حقيقي، لا بد من طرد المفسدين وعقابهم أمام الناس، ولن نقبل الانتقائية، بل نريد محاسبة جميع المجرمين، فها هم ينعمون بمناصب سيادية».
وطلب ولد سيدي من الموريتانيين إعلان الحرب على المفسدين، ثم تساءل: «هل بإمكان المفسدين أن يصلحوا ؟ الإصلاح لن تقوم به إلا الكفاءات الحقيقية الموجودة بكثرة في موريتانيا، النزيهة والأمينة والمشفقة على موريتانيا، ولكنها مهمشة ومحاصرة».
وختم خطابه بالدعوة إلى «التوقف عن الصمت والسلبية، وأن نكون جاهزين للنزول لمهرجانات ومسيرات أخرى، من أجل الاصطفاف مع المواطن الموريتاني، حتى نقف في وجه المفسدين والظلمة، وفي وجه المفرطين في الأمانة».