لقد بات من المعلوم لكل المهتمين بالشأن السياسي أن النظام الرئاسي هو نظام حكم يقوم على فصل صارم بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية ويمنح صلاحيات واسعة لرئيس الجمهورية.
ويتميز هذا النظام بالانتخاب الشعبي للرئيس الذي يعطيه المصداقية والشرعية الدستورية التي تمكنه من توفير الاستقرار السياسي لمأمورية انتخابية كاملة، بغض النظر عن الاتجاهات الحزبية المعارضة.
.
ودون الدخول في التفاصيل ذات الصلة بهاذ النظام ومزاياه والأساس القانوني الذي يرتكز عليه، فإن هناك أسسا وحقائق ثابتة في موريتانيا لا يمكن القفز عليها: اولها: أن الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني اختير من قبل الشعب في اقتراع مباشر وفاز بنسبة ٥٢ ٪ من أصوات الناخبين.
وقد حظي الرئيس بقبول واسع من طرف المؤسسة العسكرية والأمنية ومن طيف واسع من النخبة السياسية والفكرية في البلد.
كما أن الرئيس من الناحية الدستورية يتمتع بكل الصلاحيات في تشكيل الحكومة التي يراها مناسبة لتنفيذ برنامجه السياسي أو إقالتها إن أراد ذلك دون إملاءات من أحد .
ووفق هذا المنظور فقد سعى رئيس الجمهورية منذ تنصيبه رئيسًا للبلاد في فاتح أغسطس ٢٠١٩ م بنية صادقة إلى تبنى استراتيجية جديدة في تسيير الحكم لم تكن معهودة في السابق قوامها التسامح واعتماد فكر الحوار والتشاور نهجا واحترام الآراء والانفتاح على مختلف الطيف السياسي وكل الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين، وذلك بهدف خلق جو ملائم للتهدئة وطمأنة الجميع على ضرورة المشاركة في عملية البناء الوطني.
فإن الدولة التي لا تملك القدرة على المصالحة مع أبنائها لا يمكن أبدا أن تحقق آمالها.
في هذا السياق ، و من أجل مواجهة التحديات الكبيرة الموروثة عن العشرية الماضية و المتمثلة في تدهور الوضع الاقتصادي بفعل التسيير غير المعقلن للموارد الاقتصادية للدولة و ما صاحب ذلك من تفشي الفساد الإداري و المالي و استفحال ظاهرة الزبونة و غياب الحكامة الرشيدة في تسيير الشأن العام عموما و ارتفاع الدين الداخلي و الخارجي و تدني مستوى الخدمات التي تقدمها الدولة في مجال الصحة العمومية و استفحال أزمة التعليم بفعل تراكم تجارب السياسات الفاشلة التي لم تكن تراعي خصوصيات موريتانيا الثقافية و واقعها الإقتصادي و الإجتماعي ، و غياب نظام عدلي يلبي طموحات المواطنين بسبب عدم استقلالية القضاء و عدم الفصل بين السلطات و ارتفاع نسبة الفقر في الوسطين الحضري و الريفي الذي زاد من معاناة الفئات الهشة و ارتفاع نسبة البطالة في أوساط الشباب نتيجة انعدام موائمة التكوين مع التشغيل و غيرها …، فقد أطلق الرئيس برنامجا طموحًا لنقل البلاد من هاذا الوضع المأساوي إلى ظروف أفضل ضمنه حزمة من النشاطات ذات الأولوية تمخضت عنها إنجازات ملموسة و مهمة خلال السنتين المنصرمتين نجملها في ما يلي:
– التركيز على إرساء دولة القانون من خلال فصل السلطات و دعم استقلالية القضاء
– تحسين طروف حياة المواطنين عبر إعادة هيكلة الإقتصاد الوطني ، حيث أعطيت العناية للدفع بعجلة النمو في القطاعات الإنتاجية و تعزيز الشراكة بين القطاعين العام و الخاص و أطلقت مشاريع تنموية مهمة شملت محاربة الفقر و تقوية اللحمة الاجتماعية و فك العزلة و تحسين مناخ الأعمال و الرفع من أداء الإقتصاد الكلي.
– الشروع في سياسة اصلاحات هيكلية تستهدف مراجعة المنظومة التربوية لملائمتها مع الحاجات التنموية للدولة.
وهي اليوم في طور متقدم بعد الإعلان عن إطلاق الأيام التشاورية حول إصلاح التعليم.
– التحسين من الخدمات الصحية على امتداد التراب الوطني و التكفل بالضمان الصحي لأكثر من مائة ألف عائلة من الفئات الإجتماعية الأكثر هشاشة.
-تحسين الخدمة العمومية و تقريب خدمات الإدارة من المواطنين و رفع السن الوظيفي و زيادة رواتب المتقاعدين.
– ترقية القطاع الفلاحي من خلال زيادة المساحات المستصلحة و تحسين السلالات بالنسبة للمواشي بغية الرفع من مساهمة هاذا القطاع في الناتج الداخلي الخام.
– إعادة الإعتبار للمنظومة القيمية و تشجيع كل أشكال الإبداع الثقافي و الفني و صيانة الموروث الحضاري.
وتعكف الحكومة حاليا على تنفيذ خطة جديدة لتموين السوق بالمواد الأساسية بصفة دائمة وذلك بهدف تحسين القدرة الشرائية للمواطنين ووضع حد نهائي للإحتكار ومضاربات الأسعار وذلك عبر استحداث آلية تموين السوق التي صادق مجلس الوزراء على إنشائها مؤخرا.
ولا شك أن هذه الإنجازات المهمة ما كانت لتتم لولا الإرادة الجادة والصادقة لفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ول الشيخ الغزواني في تطبيق مبادئ العدل والقانون والمساواة بين جميع فئات شعبنا ومحاربة الغبن والتهميش وإنزال الناس منازلهم والإنصات بروية لأصحاب المظالم وكل القضايا العادلة التي تحتاج الى تسوية الشيء الذي عزز الثقة بين الدولة ومواطنيها وأربك الكثير من الحسابات المراهنة على تأزيم الوضع الداخلي.
ومما يثير الإستغراب، هو أنه في الوقت الذي يتم فيه التحضير لتشاور سياسي جامع وصريح بين كل الفرقاء السياسيين بمباركة من السلطات العليا في البلد لمناقشة كل المشاكل العالقة بغية إيجاد الحلول المناسبة لها، تزداد وتيرة الأطروحات المشككة في قدرات النظام الحاكم على مواجهة التحديات التنموية لتنتقل هذه المرة في سابقة من نوعها لتوجيه الإتهام للرئيس بحماية الفساد دون تقديم سند قانوني وهو ما يطرح الكثير من الإستفهامات.
ومهما يكن من مرامي هذه الخطوة والاهداف السياسية المتوخاة من ورائها فإنها لا تنسجم على الإطلاق مع توجهات وآراء الأغلبية الساحقة من الموريتانيين التي ترى في الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، الرئيس المخلص من نظام حكم الفرد الذي عانت منه البلاد لسنين عديدة. وهم يدركون اليوم أكثر من أي وقت مضي بناء على حصيلة الإنجازات المشرفة سلامة نهج الرئيس ووطنيته وصدق مسعاه. وتزداد قناعتهم في الوقت ذاته يوما بعد يوم، أن من تربي على القيم الإسلامية السمحة وتشبع بفكر الزهد والتصوف لا يمكن أن يتهم بالخيانة والتقصير في أي حق من حقوق الرعية. وهي كلها أسباب كافية للتمسك به والالتفاف حول مشروعه المجتمعي الجامع.