انتخب أعضاء البرلمان الموريتاني، اليوم الثلاثاء، أعضاء محكمة العدل السامية، بعد الكثير من الجدل، واتهامات بالممطالة وجهت لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم وللنظام الموريتاني، ولكن تاريخ هذه المحكمة رافقه الكثير من الجدل، فرغم أن الدستور ينص على تشكيلها إلا أنها ظلت لعقود غير مفعلة.
تتولى محكمة العدل السامية مهمة محاكمة رئيس الجمهورية في حالة الخيانة العظمى، كما تحاكم الوزير الأول وأعضاء الحكومة خلال تأدية مهامهم في حالة اتهامهم بأي «جرائم أو جنح»، وهذه المهام تجعل منها جهازا خطيرًا ولكنه ركن متين لتعزيز الشفافية.
خلال الأشهر الأخيرة أخذت هذه المحكمة حيزا كبيرا من التغطية الإعلامية، وهي التي نص عليها دستور 1958، أي قبل الاستقلال بعامين، ولكنها بقيت حبرًا على ورق لعدة عقود.
وحين كتب الموريتانيون أول دستور تعددي عام 1991، الأهم في تاريخ البلاد، خصصوا المادة 92 منه لهذه المحكمة، وقالوا إنها تتشكل من أعضاء منتخبين، وبعدد متساو من أعضاء الجمعية الوطنية (الغرفة السفلى في البرلمان) ومجلس الشيوخ (الغرفة العليا في البرلمان).
ولكن الموريتانيين انتظروا 16 عامًا حتى صادق البرلمان خلال حكم الرئيس الراحل سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، على أول قانون نظامي لهذه المحكمة، وبدأت خطوات فعلية لتشكيلها، ولكن انقلاب أغسطس 2008 والأزمة السياسية التي سبقته، حولت هذه المحكمة إلى سلاح استخدمه الانقلابيون ضد ولد الشيخ عبد الله.
بعد الانقلاب دعا رئيس المجلس الأعلى للدولة محمد ولد عبد العزيز إلى دورة برلمانية طارئة، انعقدت شهر سبتمبر 2008، انتخب فيها أعضاء محكمة العدل السامية وانتخب سيدي محمد ولد محم رئيسًا لها، كان له نائبان هما جوب عبد الله دمبا (النائب الأول)، ومحمد محمود ولد أمات (النائب الثاني).
ورغم تشكيل المحكمة إلا أنها سرعان أفرغت من محتواها، ولم تعقد أي اجتماعات وظلت من دون ميزانية، حتى الانتخابات التشريعية عام 2013، فلم تجدد منذ ذلك الوقت، ودخلت دائرة النسيان.
ظلت المعارضة خلال السنوات الماضية، تطالب بتفعيل محكمة العدل السامية، لكن التعديلات الدستورية عام 2017، أدخلت محكمة العدل السامية في جدل دستوري، بعد إلغاء مجلس الشيوخ الذي كان ينص الدستور على أن المحكمة تشكل من أعضاء منهز
مع بداية حكم الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، اقترحت مجموعة من نواب المعارضة تعديلاً على القانون النظامي للمحكمة، حتى يتماشى مع التعديل الدستوري الأخير، ويتضمن بعض الإصلاحات، وهو التعديل الذي صادق عليه البرلمان في دورته العادية يوليو الماضي 2020.
وفي نوفمبر 2020 أعلن المجلس الدستوري في موريتانيا أن القانون النظامي المتعلق بمحكمة العدل السامية الذي صوت عليه البرلمان «مطابق للدستور»، وبالتالي فتح المجلس الباب أمام تشكيل المحكمة، ولكن الأمر تطلب عدة أشهر من الأخذ والرد بين الفرق البرلمانية.