ألقى الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، أمس الاثنين بمدينة روصو، خطابًا كان مفاجئًا وخاطفًا تحدث فيه عن تأثير الشائعات والأخبار الزائفة على الأمن، وأعلن أن قوانين جديدة سيتم سنها لمنع كل ما يهدد «السكينة العامة»، مع التعهد بعدم المساس بالحريات العامة أو الخاصة.
أثار حديث ولد الغزواني ردود فعلٍ عديدة، أغلبها صدر عن الأغلبية التي وصفت الخطاب بأنه «تاريخي»، بينما عبر معارضون عن خشيتهم من التضييق على الحريات في البلاد، خاصة حين يتم سن قوانين جديدة.
على مستوى الموالاة، قال الخليل ولد الطيب نائب رئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم في تصريح لـ «صحراء ميديا» إن الخطاب الذي ألقاه ولد الغزواني «كان في صميم تكريس الحرية، ولكن الحرية الواعية وليس الفوضى، وهنالك فرق كبير بين الحرية والفوضى».
وأضاف ولد الطيب أن الرئيس في حديثه «ركز على استغلال الحرية من أجل خلق الفوضى، وأكد تشبثه بالحرية وبتعميقها وتجذيرها في البلد، والأهم أنه أكد قوة الأجهزة الضامنة للأمن في البلد، وأن هنالك قوانين ضامنة للحرية، تجاوزها غير مقبول»، وفق تعبيره.
ووصف ولد الطيب خطاب الرئيس بأنه «كان خطابيا عميقا وواعيا وحمل الكثير من الدلالات، وأجاب على كثير من التساؤلات التي كانت مطروحة، وكان مطمئنا لحاضر البلد ومستقبله، وأبان حكمة الرئيس وحنكته وصرامته في نفس الوقت».
وشدد ولد الطيب على أن أهم ما استوقفه في الخطاب تركيز الرئيس على «الأمن الغذائي»، وكان أول رئيس يتحدث عن «ضرورة الاكتفاء الذاتي من الغذاء، وربطه بالسيادة».
من جانبها قالت النائب في البرلمان الموريتاني كاديتا مالك جالو، الناشطة في المعارضة، إن «سن قانون جديد لن يحل مشكل الأمن»، وأضافت في تصريح لـ «صحراء ميديا» أن الرئيس في حديثه عن الأمن «لم يعط تحليلا لأسباب انعدام الأمن، والتفسير الذي قدمه خاطئ وليس هو جوهر أزمة الأمن».
ورفضت النائب في البرلمان ربط نشر الشائعات وزرع الكراهية بما قالت إنه «انعدام الأمن»، وأوضحت أن «السبب الحقيقي لانعدام الأمن هو الظروف المعيشية الصعبة للسكان وضعف التعليم وقلة تأطير وتشغيل الشباب والتوزيع غير العادل للثروة، وغياب المساواة بين مكونات الشعب»، على حد قولها.
وأضافت المعارضة أن «الكراهية يزرعها النظام حين يسوده الفساد، وحين يكون هنالك من يتبجحون بما يملكون من ثروات ولا يخشون العقاب، فذلك يؤدي إلى ردات فعل لدى المواطنين الآخرين الذين يعيشون في ظروف كارثية».
وخلصت إلى أن «التهديد بقمع الناس فسبق أن جربه الموريتانيون ولم يضمن لهم الأمن»، مشيرة إلى أنه «بدل سن قوانين جديدة يتوجب اعتماد سياسات تنموية لتحسين ظروف الشعب»، وفق تعبيرها.
أما الرئيس السابق لحزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية «تواصل» محمد جميل منصور، فقد نشر على الفيسبوك معلقا على خطاب الرئيس أن الخطاب فيه «أمران مهمان، الأول استراتيجي ومطلبيته ملحة، وهو الإعلان عن مسعى الاكتفاء الذاتي في المجال الغذائي (تحقيق الأمن الغذائي لبلادنا) والثاني حساس والحذر فيه مطلوب، وهو الصرامة ضد توظيف الانترنيت والفضاء الإعلامي الحديث لزعزعة الأمن ونشر الكراهية».
وفيما يتعلق بالحريات فأكد ولد منصور على ضرورة أن يكون هناك «حد فاصل ومرئي بين ضبط الأمور أمنيا واجتماعيا (مواجهة بث الرعب ونشر الكراهية) وبين المس من الحريات أو التضييق على الصحفيين والمدونين».