تقلب “تسلم” نوى التمر على نار هادئة في منزلها لتستخلص منه قهوة خالية من الكافيين، متحفزة للمضي قدما في مشروع هو الأول من نوعه في موريتانيا، تراهن عليه لكسر البطالة التي تعاني منها منذ سنوات.
تخرجت تسلم البالغة من العمر 23 سنة، من الجامعة عام 2018، تحمل شهادة في النقل واللوجستيك، لتجد نفسها جليسة البيت بعد أن أضناها التعب في البحث عن عمل.
قفزت إلى ذهنها فكرة مستمدة من ذاكرتها، حين كانت جدتها تحمص نوى التمر في أودية آدرار وتخلطه بلبن الغنم وتقدمه لها مشروبا شبيها بالقهوة، عادة درجت عليها والدتها بعد أن توفيت جدتها، فلماذا لا تحول هذه الفكرة إلى مشروع تجاري.
تسلم القادمة من مدينة أطار التي بنت شهرتها على النخيل والتمر، فموائد أهالي آدرار زاخرة به، ويعتبر رافدا اقتصاديا مهما بالنسبة للسكان.
تقول تسلم إن نوى التمر “أنقذها من شبح البطالة حينما تسرب اليأس إليها إبان تخرجها من جامعة نواكشوط وحصولها على الإجازة، فما تعلمته من جدتي كان له الفضل فيما عليه الآن”.
كانت العقبة الأولى أمامها هي توفير المادة الأولية “نوى التمر”، فلجأت إلى تعاونيات في أطار، تزودها بكميات معتبرة من النوى، كما لجأت إلى شركات في نواكشوط تستخرج العسل من التمر، ولا تستخدم النوى.
تضع “تسلم” نوى التمر لعدة ساعات في المياه الساخنة، تغسلها جيدا قبل أن تجففها تحت أشعة الشمس لأربع وعشرين ساعة، ثم تبدأ تحويلها إلى القهوة.
بعد تجفيف النواة تبدأ المرحلة الثانية عبر طهيها حتى تكتسي اللون الأسود، ثم طحنها في جهاز كهربائي يحولها إلى مسحوق بني شبيه بالقهوة.
تؤكد تسلم أنها تلقت دعما من عدة شركات محلية، كما تلقت اتصالات عديدة تشجعها على الاستمرار في المشروع، أغلب المتصلين يتطلعون إلى تذوق قهوة بصناعة محلية، وهو ما يبعث الطمأنينة في نفس تسلم.
أنهت تسلم المرحلة الأولى من مشروعها كسرت فيها هاجس التردد، وتقول إنها تتلقى الاتصالات يوميا من زبناء يشترون من عندها المنتج الذي بحسبها “لاقى إعحاب الزبناء الذين أشتروه”.
تشير إلى أن قصتها وصلت إلى بلدان عربية بينها لبنان والمغرب والسعودية، كما تواصل معها تجار يتطلعون إلى العمل معها باستيراد ما تنتجه، ما دفعها للتفكير في إمكانية التصدير بعد تحقيق الاكتفاء الذاتي من أول قهوة موريتانية محلية.