وقعت اليوم الخميس معارك طاحنة بين الجيش التشادي وقوات «جبهة الوفاق من أجل التغيير»، في منطقة كانم، شمال غربي البلاد، وهي معارك وصفت بأنها الأعنف منذ مقتل الرئيس التشادي إدريس قبل عشرة أيام.
وأعلن المتمردون القادمون من جنوب ليبيا، في بيان صحفي، أنهم سيطروا على مدينة «نوكو»، عاصمة إقليم كانم، على الحدود مع النيجر، وذلك بعد أن تصدوا لهجوم نفذه الجيش صباح اليوم.
كما أعلن المتمردون أنهم أسقطوا مروحية عسكرية تابعة للجيش كانت تستعد لقصف مواقعهم، صباح اليوم، وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صورًا قالوا إنها للمروحية المذكورة.
وقال المتمردون في بيانهم إن الجيش التشادي يوجد في وضعية ضعف وتراجع، وأنه يتفادى المواجهة الميدانية ويركز على القصف الجوي.
واعترف الجيش التشادي بسقوط مروحيته، ولكنه نفى أن يكون ذلك بفعل مضادات المتمردين، وقال إنها تعرضت لعطب فني.
وسبق أن رفض المجلس العسكري الانتقالي عرضًا من المتمردين بالهدنة والحوار، ووصفهم بأنهم خارجون على القانون.
وتدار تشاد من طرف مجلس عسكري انتقالي يرأسه الجنرال محمد إدريس ديبي، نجل الرئيس الراحل الذي حكم تشاد لأكثر من ثلاثة عقود.
ومنذ تسلمه لمقاليد الحكم بعد وفاة والده، استقبل الجنرال محمد إدريس ديبي وفودا من مختلف دول العالم، كان آخرها اليوم حين التقى بوفد سعودي يقوده الوزير السعودي المكلف بالدول الأفريقية أحمد بن عبد العزيز القطان.
ورغم الدعم والمساندة الدولية، إلا أن حكم «ديبي الابن» يواجه معارضة، مع أنه تعهد بفترة انتقالية مدتها 18 شهرا، وحوار وطني شامل، ينتهي بانتخابات رئاسية شفافة وتسليم الحكم إلى المدنيين، مع إشراكهم في تسيير المرحلة الانتقالية.
إلا أن ذلك لم يمنع خروج مظاهرات بشكل شبه يومي في العاصمة انجامينا، دعت لها أحزاب المعارضة ومنظمات مدنية، كان آخرها اليوم الخميس، قتل فيها ستة متظاهرين، حسب ما أعلن الجيش.
وقال الناطق باسم المجلس العسكري، برماندوا أغونا, إن المجلس «يأسف» لوقوع 6 ضحايا في تلك التظاهرات.
وسبق أن أعلن أول أمس الثلاثاء، سقوط 5 قتلى منهم 4 في العاصمة، وقتيل واحد في «موندو»، ثاني أكبر مدن البلاد.
وفرقت الشرطة بالغاز المسيل للدموع تجمعات متفرقة في بداياتها، ضمت عشرات الأشخاص أحرق بعضهم إطارات السيارات.
ونفت الشرطة بشكل قاطع أن تكون قد استخدمت القوة لتفريق المتظاهرين، فيما اتهمها المتظاهرون باستخدام الرصاص الحي ضدهم.
Communiqué de #Presse: La Commission de l’Union africaine et son Conseil de paix et de sécurité entreprennent une Mission d’enquête en République du #Tchad https://t.co/U01lkp9CPW
— African Union Political Affairs Peace and Security (@AUC_PAPS) April 29, 2021
في غضون ذلك، أعلنت مفوضية الاتحاد الأفريقي وصول بعثة إلى تشاد، اليوم الخميس، للتحقيق في مقتل ديبي، والتأكد من الحقائق في محاولة لاستعادة العمل بالدستور.
وقالت المفوضية إن البعثة ستعمل خلال سبعة أيام على إعداد تقرير تقصي الحقائق.
ومن المقرر أن تجري البعثة مشاورات مع الجهات الفاعلة الإقليمية والعالمية، بما في ذلك الجماعة الاقتصادية لدول وسط إفريقيا (ECCAS)، ولجنة حوض بحيرة تشاد (LCBC)، وتجمع دول الساحل والصحراء (CEN-SAD)، والمجموعة الاقتصادية، ودول غرب إفريقيا (الإيكواس) ومجموعة دول الساحل الخمس والأمم المتحدة، بشأن التأثير المحتمل للتطورات الحالية في تشاد على منطقتي الساحل وحوض بحيرة تشاد.
ومن المتوقع أن تقدم البعثة نتائجها إلى مجلس السلام والأمن التابع للاتحاد الإفريقي في 8 مايو 2021 أو قبله للنظر فيها واتخاذ قرار بشأن الوضع في تشاد.
على صعيد آخر، عقد مجلس الأمن الدولي اليوم اجتماعًا غير رسمي، لمناقشة إجلاء المرتزقة و«المقاتلين» الأجانب من ليبيا، وتأثير ذلك على أمن واستقرار دول الجوار.
وتبرز الدول القلقة من هذا الإجلاء، مثال تشاد حيث وجدت حركة التمرد، ممثلة في «جبهة الوفاق من أجل التغيير (فاكت)» المسؤولة عن مقتل الرئيس إدريس ديبي، ملاذا في جنوب ليبيا، ومنه قادت توغلا في شمال تشاد محاولة الوصول إلى العاصمة انجامينا.
وتقاتل (فاكت) في ليبيا منذ سنة 2016, حين انضمت في بداية الأمر إلى قوات مصراتة في قتالها ضد عناصر ما يعرف بتنظيم (داعش)، وضد قوات اللواء خليفة حفتر، قبل أن تتقرب من هذا الأخير، وتبرم معه اتفاقا في 2017 بعدم القتال ضد قواته.
بعد سنتين من ذلك شاركت هذه القوات التشادية (غير الرسمية) قوات حفتر في الهجوم على العاصمة الليبية طرابلس.