تكلمَ الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز، لأكثر من ساعتين في مؤتمر صحفي ليل الأربعاء/الخميس، دون أن يكشف مصدر ثروته، مكتفيًا بالقول إنه سيكشف عن مصدرها «في الوقت والمكان المناسبين».
جوابٌ لم يشف غليل الصحفيين، فظل سؤال مصدر الثروة يعيد طرح نفسه، وإن بصيغ مختلفة خلال المؤتمر الصحفي، فدخل ولد عبد العزيز في مشادات مع أحد الصحفيين، ونهر بانفعال صحفيًا آخر، وكان في كثير من المرات يضرب بقبضة يده الطاولة «فتهتز» أمامه.
ولد عبد العزيز الذي «صمتَ» أمام المحققين، طيلة عام ونصف، حاول أمام الصحفيين أن يلبس ثوب المعارضة، فانتقد الأوضاع العامة في البلد، وقال: «هنالك فراغ بعد أن صمتت المعارضة ولم تعد موجودة، وأنا سأملأ هذا الفراغ».
تجاوز ولد عبد العزيز الحديث عن «غياب» المعارضة، ليقول إن «الدولة غير موجودة»، وحاول عقد مقارنات مع الأوضاع في العشرية، مدافعًا عن تسييره للبلاد، فأسهب في تعداد إنجازاته، كلما واجهه سؤال حول مصدر ثروته أو تهم الفساد التي تلاحقه.
كان ولد عبد العزيز يعقد مؤتمره الصحفي في منزل مملوك لأحد المقربين منه، رفعت عليه قبل أيام شعارات حزب «الرباط الوطني من أجل الحقوق وبناء الأجيال»، وزين بصور الرئيس السابق ونماذج من إنجازاته على غرار «رئاسة الاتحاد الأفريقي والقمتين العربية والأفريقية».
وهكذا خرج ولد عبد العزيز من قصره في لكصر، ليعقد مؤتمره الصحفي في بيت أحد الأقارب، غير بعيد من القصر الرئاسي، وجعل من حزب الرباط الوطني منبرًا سياسيًا للدفاع عن نفسه، ولكنه حاول أن يدفع بالملف المعروض على القضاء نحو ساحة معركة جديدة، حين قال إن ما يتعرض له «مؤامرة تقف وراءها جهة واحدة وقبيلتان».
أما رئيس الحزب السعد ولد لوليد، فقد أخذ مكانه وسط الجمهور، مكتفيًا بالوقوف ومتابعة المؤتمر الصحفي، تاركًا مقعد الصدارة لولد عبد العزيز، والمقعد الثاني في الخلف لحرم الرئيس السابق، في أول ظهور إعلامي لها منذ خروجها من القصر.
أظهر ولد لوليد طيلة المؤتمر الصحفي حماسًا كبيرًا لتصريحات ولد عبد العزيز، وكان في بعض المرات يرفع قبضة يده ويلوح بها وسط الجمهور، ويردد بعض الهتافات، حتى كأنه نسي منصبه كرئيس للحزب، وتحول إلى مناضل متحمس، في حضرة الرئيس السابق.
حين سئل ولد عبد العزيز عن طبيعة العلاقة بينه وحزب الرباط، رد بصراحة لا تخفى: «الحزب ليس حزب السعد، والسعد يعرف أنه ليس حزبه، ولا يمكنه أن يقول ذلك، هو حزب أفكار (..) لهذا جئته، ولم أدخله بحثا عن رئاسته، ولا عن رئاسة الدولة».
كان ولد عبد العزيز يتحدث بانفعال، فوصف أحد الصحفيين الحاضرين ما قام به في حزب الرباط بأنه «انقلاب»، قبل أن يضيف: «لعله آخر انقلابات الرجل».