في مكتب بسيط ببلدية الميناء جنوبي العاصمة نواكشوط، يزاول يرب ولد نافع عمله منذ 2002، رئيسًا لمصلحة الشؤون الاحتماعية والثقافية في البلدية، وهو الحاصل على شهادتي متريز في الجغرافيا وفي القانون، بالإضافة إلى إجازة في الفقه، اليوم أصبح يقود أهم حراك للدفاع عن حقوق الحراطين بعد سنوات من النضال الصامت والهادئ.
عمل ولد نافع لسنوات مع الدبلوماسي الراحل محمد سعيد ولد همدي، مؤسس ميثاق الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية للحراطين، وآخرين من أصحاب الفكرة الأولى، يقول ولد نافع في حديث مع صحراء ميديا: «أحس بأنني ضيعت فرصة التعلم من الراحل همدي».
كأي شاب موريتاني اختار السياسة والنضال في تسعينيات القرن الماضي، ذاق ولد نافع مرارة البطالة بسبب معارضته، وهو الذي تخرج من كلية القانون سنة 1993.
بداية المسار
يرب ولد نافع من مواليد عام 1968، بمدينة لعيون عاصمة الحوض الغربي، شرقي موريتانيا، وهناك درس الابتدائية والإعدادية، قبل أن يحصل على الباكالوريا سنة 1988.
دخل الجامعة في واحدة من أكثر الفترات السياسية اضطرابا وتقلبًا في موريتانيا، وتخرج منها بعدة شهادات، من أبرزها المتريز في الجغرافيا عام 1993، والمتريز في القانون العام (حول المجموعات المحلية).
واصل ولد نافع مساره التعليمي حتى سنة 2009، حين حصل على شهادة متريز في الفقه وأصوله من المعهد العالي للدارسات والبحوث الإسلامية.
يقول ولد نافع إنه بدأ الاهتمام بالسياسة وحقوق الإنسان، عام 1981 في حركة الحر، حين كان منتسبًا «سريًا» بسبب السجن الذي تعرضت له قيادات الحركة في مدينة روصو، جنوبي البلاد.
يضيف أنه بعد التعددية السياسية، مطلع التسعينيات، التحق بحزب اتحاد القوى الديمقراطية، وكان شاهدا على التأسيس، وفي عام 1994 أسس مع قادة آخرين حزب العمل من أجل التغيير، قبل أن ينتقل إلى حزب التحالف الشعبي التقدمي.
وفي السنوات الأخيرة استقر به المقام في حزب المستقبل.
يقول إنه كان واحدًا من مؤسسي منظمة «نجدة العبيد»، لكن جانبه السياسي غطى على جانبه الحقوقي، فلم يتقلد مناصب قيادية بارزة في المنظمة.
رسالة تعايش
اختار المكتب الوطني لميثاق الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية للحراطين، الأسبوع الماضي، يرب ولد نافع ليكون رئيسه خلفًا للمحامي الشاب والنائب البرلماني العيد ولد محمدن، كما اختار المناضل الحقوقي المعروف ببكر ولد مسعود لرئاسة مجلس الحكماء.
ويرفض الرئيس الجديد أي حديث عن ضعف أو فتور في الميثاق الذي تأسس عام 2013، ويقول: «الميثاق لديه وثيقة تجمع الموريتانيين أو غالبيتهم، والمشاكل التي تتطرق لها الوثيقة ما تزال قائمة».
ويضيف ولد نافع في مقابلة مع صحراء ميديا: «أما المسيرة فهي رمزية لربط ذهنية المواطن العادي بإحساس الحراطين بالغبن، وهي مجرد نشاط للتوعية، وخلالها تلقى خطابات مفيدة، وتطرح فيها المشاكل وحلولها والتنبيه على خطورة عدم حلها».
يؤكد ولد نافع أن رسالة الميثاق هي «رسالة تعايش»، والهدف هو التحذير من «الاحتكاك» بين فئات الشعب، ويقول: «نسعى لإيصال رسالة مفادها أننا نحمل هم المظلومين والمهمشين، وأن مكونات المجتمع كلها يمكنها التعايش كبقية المجتمعات لبناء وطن يتساوى فيه الجميع».
يستعد الميثاق لتنظيم مسيرته السنوية، مساء اليوم الخميس، مكتفيًا بسبب الاوضاع الصحية في البلاد، بتنظيم مهرجان خطابي.