في عريش صغير بالكاد يتسع لأربعة أشخاص، تنتظر أسرة محمدن نصيبها من إفطار توزعه إحدى الجمعيات العاملة في المجال الخيري، على عشرات الأسر في أحياء من العاصمة نواكشوط.
يقول محمدن إن إمكانياته المادية “لاتسمح له بإعداد مثل هذا الإفطار الذي توزعه الجمعيات الخيرية، وأقصى مايمكنه توفيره في شهر رمضان هو كأس من الشاي وشربة ماء بارد، ووجبة عشاء بسيطة قد لاتتوفر كل ليلة”.
في ركن قصى من أحياء نواكشوط، تقوم جمعية قلوب محسنة، بتوفير الإفطار لأسرة محمدن وعشرات الأسر الأخرى في الحي، خلال شهر رمضان.
تسابق الناشطات في الجمعية الوقت قبل موعد آذان المغرب، فهناك الكثير من العائلات المعوزة التي تنتظر مايسد رمقها في الشهر الكريم، ويجب الوصول إليها في الوقت المناسب.
دأبت جمعية قلوب محسنة، التي ذاع صيتها في السنوات الأخيرة، على تنظيم الإفطار للصائمين في الأحياء الفقيرة،خلال شهر رمضان، ما يسمح ـ حسب القائمين عليها ـ باستفادة عشرات الأسر، والمئات من أفرادها.
تشرف على هذه الجمعية التي أنشأت قبل خمس سنوات، نسوة يقلن إنهن “وهبن حياتهن للعمل الخيري”، ويعتمد تمويل أنشطتهن الخيرية على التبرعات التي يقدمها بعض المحسنين.
تقول رئيسة جمعية قلوب محسنة مريم بنت الزين، إن “الجمعية تبدأ التحضير لهذه العملية قبل شهر من رمضان، من خلال إطلاق عملية التعبئة من أجل التبرع “.
وتضيف بنت الزين، أن “هذه التبرعات يتم بها تمويل إفطار يومي للفئات التي تم تسجيلها على لوائح خاصة بالجمعية، فالإفطار يستهدف الأسر التي لا معيل لها خاصة الأرامل، أو أسر معيلوها من المعاقين”.
في مقر الجمعية، تتتوزع سيدات يقدمن جهدهن ووقتهن، على التحضير لأنشطة الجمعية الخيرية، رغم أن ظروفهن في بعض الأحيان لاتختلف كثيرا عن ظروف تلك الأسر المستهدفة في الإفطار.
تحكي عيشة بنت اميجين قصة التحاقها بجمعية قلوب محسنة، وهي تنهمك في تقشير البطاطس: “قد لا أملك مالا للتبرع به للجمعية، لكن أتقن فن الطبخ، وهما بالنسبة لي رأس مالي الذي تبرعت به للجمعية منذ سنوات”.
وتضيف عيشة: “رأيت أناسا لا يملكون مالا لشراء وجبة واحدة في الأحياء الفقيرة في نواكشوط، فكانت قلوب محسنة سندا لهم ووفرت لهم كلما يحتاجونه في رمضان من إفطار”.
في السياق ذاته تؤكد فاطمة، وهي إحدى المستفيدات من هذا الإفطار، أنها تعتمد في رمضان منذ سنوات على مساعدات تتلقاها من جمعية قلوب محسنة.
وتقول بحزن “إننا في هذا الحي نعيش في شبه مقبرة، فالخدمات الأساسية شبه معدومة، هاجسنا دائما توفير مؤونة، فمعظمنا لا يملك ثمن وجبة واحدة، خاصة في شهر رمضان الذي تتضاعف فيه أسعار المواد الأساسية”.
تحصل فاطمة على المساعدة يوميا من الجمعية رفقة العشرات من صديقاتها في حي الترحيل، ينتظرن من الخامسة مساء مجييء ناشطات من الجمعية يوفرن لهن يوميا الإفطار.
يجمع هؤلاء النسوة على أن هذا الإفطار “حلم” بالنسبة لهمن، ويعدن إلى أسرهن حاملين موائد إفطار لا تختلف مكوناتها عن تلك المجهزة في معظم البيوت في نواكشوط.