عاشت أحياء من مدينة ازويرات، شمالي موريتانيا، ليلة طويلة وهي تتابع واحدًا من أعنف الحرائق في تاريخ المدينة المنجمية، في مكب لعجلات الشاحنات العملاقة، استمر لقرابة عشرين ساعة وتصاعدت أعمدة دخانها على مدى عدة أمتار.
سكان حي «أم 4» وحي «كوريا»، في الضاحية الغربية من مدينة ازويرات، كانت هي الأقرب إلى الحريق، وعاش سكانها على أعصابهم طيلة الليلة البارحة، في ظل الحديث عن إمكانية تمدد الحريق نحو محطة لتخزين الوقود تابعة لشركة “سنيم”، وهو ما يعني تعاظم الحريق ليصل إلى البيوت.
يقول أحد السكان في حديث لصحراء ميديا، واصفًا الحريق: «لقد كان أشبه بحريق في غابة، وحتى الآن مازالت النار متقدة، رغم مرور 15 ساعة».
يضيف الساكن إنه طيلة الليلة كان يتابع الحريق، رفقة عدد من السكان تجمهروا غير بعيد من موقعه، يحركهم الفضول والخوف في آن واحد.
في المقابل فضل بعض السكان البقاء في بيوتهم، وآخرون غادروا الأحياء القريبة من الحريق، وقالت إحدى السيدات: «حتى وإن لم يصل الحريق إلى البيوت، كانت أعمدة الدخان وحدها كافية لاختناق الأطفال، وربما البالغين»، قبل أن تضيف: «لقد كانت الرياح طيلة الليل إلى جانبنا فحملت الدخان بعيداً عن المدينة».
الحريق الذي شب بعد صلاة المغرب، يوم أمس الثلاثاء، في مكب لعجلات الشاحنات العملاقة، بالقرب من منشآت حساسة تابعة للشركة الوطنية للصناعة والمناجم (سنيم)، أثار الذعر من أن يكون الحريق داخل تلك المنشآت.
مع تحديد مكان الحريق، ووصول السلطات الإدارية والأمنية والمسؤولين في الشركة إلى عين المكان، بدأت محاولة عزل الحريق ومنعه من التمدد نحو خزان الوقود ومكاتب الشركة القريبة، ويقول أحد العاملين ضمن فرق إخماد الحريق: «لقد كانت ألسنة اللهب تتحرك بسرعة كبيرة».
كانت النار تلتهم آلاف العجلات المطاطية العملاقة، التي تراكمت في نفس المكان على مدى عقود من الزمن، فكانت الخطة هي شق طرق واقية محيطة بالحريق، وتشييد سواتر رملية تحاصر الحريق وتمنعه من التمدد نحو العجلات السليمة.
بعد عدة ساعات من العمل نجحت الفرق في محاصرة الحريق ووقف تمدده، إلا أن حدة اللهب زادت مع الوقت، وارتفعت ألسنة النار عدة أمتار في الهواء، وانتشر الدخان في المكان، لدرجة تم استنشاقه في ضواحي مدينة افديرك على بعد ثلاثين كيلومترًا إلى الغرب من الحريق.
استخدمت الفرق سيارات إطفاء وصهاريج مياه عملاقة، ولكنها لم تنجح حتى زوال اليوم الأربعاء في إخماد الحريق بشكل نهائي، ولو أنها تمكنت من الحد من قوته وخطورته.
وحول سبب الحريق، قال مصدر أمني لـ «صحراء ميديا»، إن أشخاصًا مجهولين أشعلوا النار في عجلات سيارات بالقرب من مكب النفايات التابع لشركة “سنيم”.
المصدر الأمني الذي يوجد في نقطة تفتيش قريبة جدا من موقع الحريق، قال إن مجهولين أشعلوا النار في عجلات صغيرة وضعوها داخل عجلة عملاقة، لتصل النيران بعد ذلك إلى بقية العجلات العملاقة ويندلع حريق هائل في المكان، في حدود الساعة السابعة من مساء الثلاثاء.
وعادة يلجأ صيادو الحديد إلى إضرام النيران في العجلات العملاقة التي تستغني عنها شركة “سنيم”، وذلك من أجل استخراج مسامير الحديد الكبيرة، التي تدخل ضمن تركيبتها، وهي مسامير تباع بأسعار معقولة في السوق المحلية.