لوح نادي القضاة الموريتانيين ورابطة القضاة المهنيين الموريتانيين بتحريك الدعوى العمومية ضد النائب البرلماني ورئيس حزب الصواب عبد السلام ولد حرمة، إثر تصريحات أدلى بها حول «إصلاح القضاء»، قال بعض القضاة إنها «جنحة تلبسية» و«إهانة للقضاء».
ولد حرمة كان يتحدث في برنامج بثته إذاعة موريتانيا (رسمية)، قال فيه إن إصلاح القضاء يسبق استقلاليته، وأضاف أن «لا أحد اليوم ترضيه وضعية القضاء، ولا الوضعية التي يوجد فيها، لا في تمهينه، ولا قضاته سواء الجالسين أو الواقفين، ولا هو كمنظومة».
وفي أول ردة فعل على التصريحات، قال نادي القضاة الموريتانيين إنه «سيعمل من أجل تحريك الدعوى العمومية في حق النائب؛ وفقا للقوانين والنظم المعمول بها في بلادنا»، واصفًا التصريحات بأنها «مهينة للقضاء ومخالفة لمبادئ الدستور وقيم الديمقراطية».
وأكد النادي أن صاحب التصريحات يقع تحت طائلة المواد 83 و204 و208 من القانون الجنائي، واعتبرت أنها «تشكل جُنَحاً متلبّسا بها ومشهودةً، ترتفع معها الحصانة القضائية – تلقائيا – عن النائب المذكور».
وطلب نادي القضاة من النيابة العامة الشروع في تحريك الدعوى العمومية ضد النائب، وقال النادي إنه يحتفظ بحقه في «المتابعات المدنية ضد هذا النائب البرلماني، وضد كل من تُسوّل له نفسه التطاول على السلطة القضائية، وذلك وفق الضوابط المحددة في القوانين المعمول بها».
من جانبها أعلنت رابطة القضاة المهنيين الموريتانيين أن تصريحات ولد حرمة «إهانة للقضاة وللسلطة القضائية بشكل عام، وهي مستكملة لوصف الجنحة التلبسية»، ودعت إلى متابعته «بتهمة ارتكاب جنحة تلبسية تمثلت في إهانة القضاة والنيل من سمعة القضاء علنا وبدون دليل».
وقالت الرابطة في بيان صحفي إنها تمنح النائب الذي وصفته بـ «المشتبه به»، فرصة لتقديم «الاعتذار علنا للقضاة وللسلطة القضائية؛ قبل أن تباشر إجراءات تحريك الدعوى ضده».
ولم تصدر أي ردة فعل من النائب البرلماني، فيما علق نواب برلمانيون آخرون على الحادثة بالتضامن مع زميلهم، فكتبت النائب عن حزب تواصل زينب بنت التقي: «ما قاله الزميل النائب عبد السلام حرمه تم قوله مرارا وتكرارا، تحت قبة البرلمان من طرف نواب المعارضة ونواب الموالاة في هذه المأمورية ومأموريات سابقة.. إذا ارفعوا قضية على الجميع».
وأضافت بنت التقي في تدوينة على الفيسبوك أنه بنفس المنطق يمكن للنواب أن يرفعوا قضية «بسبب ما نتعرض له من تنمر وتشهير» وضربنا جميعاً بحصى واحدة، وفق تعبيرها.
أما النائب البرلماني محمد الأمين ولد سيدي مولود، فنشر مقطع فيديو من تصريحات ولد حرمه، وكتب متسائلا: «هل يستدعي هذا التصريح مطالبة نادي القضاة النيابة بالبدء في إجراءات توقيف نائب برلماني؟!»، وأضاف: «أظن أن توقيف من نهبوا المليارات والمشبه بفسادهم أولى من هذا».
وقال الوزير والنائب البرلماني السابق سيدي محمد ولد محم، في منشور على الفيسبوك إن القضاء «يعتبر الركيزة الأهم في دولة القانون والعدل، ولذلك فإن الحرص على استقلاليته بحماية منتسبيه وأعوانه، والعمل على أن لا يخضع القاضي في حكمه إلا للقانون بعيدا عن كل مؤثر أمر مهم وبالغ الضرورة».
وأضاف ولد محمد أنه «مع ما لهذه السلطة من وقار وهيبة، إلا أنها ليست بمنأى عن النقد والدعوة إلى إصلاحها، وخصوصا إذا جاء النقد من نواب الشعب الذي يحكم القضاة في دمائه وأمواله وأعراضه ومصائره، وعلى السادة القضاة الموقرين الشرفاء تقبل ذلك بصدر رحب والحذر من الإنزلاق وراء العقلية النقابية التي – على سموها ورفعتها- لا تليق بهم ولا تناسب مكانتهم منشأً وممارسة».
واستغرب ولد محم أن «تصدر الدعوة إلى متابعة نائب برلماني بسبب رأيه، عن قضاة، لا لكونها مستهجنة أصلا بحكم علائق السلط في النظم الديموقراطية، وإنما لكون القانون يحظرها، إذ تنص المادة الخمسون من الدستور على أنه: «لا يرخص في متابعة عضو من أعضاء البرلمان ولا في البحث عنه ولا في توقيفه ولا في اعتقاله ولا في محاكمته بسبب ما يدلي به من رأي أو تصويت أثناء ممارسة مهامه».