انتهت الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية في جمهورية النيجر، التي جرت يوم 21 فبراير 2021، بين السيد محمد بعزوم مرشح الحزب الحاكم في النيجر (PNDS-TARYYA) والسيد ماهمان عثمان مرشح حزب (RDR TCHANDJI)، بفوز واضح للسيد محمد بعزوم ليصبح الرئيس العاشر لجمهورية النيجر.
إلى ساعة كتابة هذا المقال ظهر يوم الثلاثاء 23 فبراير، لم تظهر النتائج الرسمية النهائية من قبل اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات، والتي لديها خمسة أيام كاملة لتعلن عن النتائج بشكل نهائي.
كل التقديرات والمعطيات تشير إلى انتصار مريح للسيد محمد بعزوم، مع أغلبية برلمانية سوف تشكل دعامة قوية للمرحلة القادمة في جمهورية النيجر.
وصف هذا المقال في جزء من عنوانه ما حدث بأنه (الحلم الذي أصبح حقيقة)، لأن كثيرين كانوا ينظرون لهذا الترشح المبكر من قبل السيد محمد بعزوم، على أنه مجرد حلم وأماني من الصعب تحققها، وأنه لا يمكن أن يصل إلى الرئاسة.
وبنى كثيرون فرضياتهم على حسابات، بعض منها تاريخي من قبيل أنه لم يسبق أن وصل إلى رئاسة النيجر أي شخص من المكون العربي الذي يمثل أقلية في البلاد، وبعضها عرقي يقوم على محاججة أن العرقيات الكبيرة في النيجر لن تقبل برئيس من خارجها.
لقد خاب ظن هؤلاء جميعا، وكانت حساباتهم تفتقد للدقة والموضوعية، لأنها نابعة من قصور وعدم فهم وإدراك للتطورات التي حدثت في الحياة السياسية والاجتماعية في النيجر، منذ بداية الألفية الجديدة.
مما لا شك فيه أن للرئيس محمدو يوسفو دور هام جدًا في حسم أي تباينات أو خلافات كان من الممكن أن تحصل داخل الحزب الحاكم، وكان لموقفه الصلب من الترشيح المبكر للسيد محمد بعزوم في فبراير 2019 خلال المؤتمر العام للحزب، دور أساسي في لجم أي تطلعات لبعض الأطراف النافذة في الحزب، والتي كانت تمني النفس أن تحظى بهذه الثقة وهذا الترشيح.
ولقد كان مهما جدا الحضور القوي للسيد بعزوم منذ تأسيس الحزب بداية تسعينات القرن الماضي، وظل مناضلا ومعارضا صلبا لنظام الرئيس أمادوا تانجا، ولعب دورًا قويا في دعم الحزب ومأسسته وتوسيعه ليشمل كل عرقيات النيجر.
وقدم بعزوم دعمًا قويًا للرئيس يوسفو في انتخابات 2011 و2016، وفرض نفسه في أهم وزارتين هما الخارجية والداخلية طيلة عشر سنوات من حكم الرئيس يوسفو.
واستطاع تقديم نفسه للمحيط الإقليمي والدولي، على أنه امتداد للسياسة العقلانية والتنموية المتميزة للرئيس يوسفو، وشريك قوي في مكافحة الإرهاب والتطرف، وأنه قادر على دعم هذه المكتسبات الوطنية المهمة، التي تحققت طيلة العشرية السابقة.
حصلت أحداث ومواقف كثيرة في الحملة الانتخابية، كانت بالغة القسوة، بل إن من بينها مواقف مؤسفة، زعزعت الثقة لدى بعض الأطراف في دولة النيجر، والتي أثبتت صلابتها ونجاحها بتنظيم هذه الانتخابات الرئاسية والتشريعية والبلدية.
من المؤكد أن الرابح الأكبر هو جمهورية النيجر، وتجربتها الفتية، وكسبت منطقة الساحل وغرب أفريقيا نموذجًا مشرفًا للتداول السلمي على السلطة.
انتهت محطة مهمة وحاسمة من تطور الحياة السياسية في النيجر، سيكون لها دور كبير في تعزيز رصيد الديمقراطية في هذا البلد الأفريقي الواعد.