عود على بدء: إصلاح التعليم العالي عنوان للحكامة الجيدة.. وكسب لرهان التنمية
لا يخفي على أحد أن التعليم العالي في وقتنا الحاضر يمثل أهم دعائم تطوير المجتمعات البشرية وأدوات النهوض بها وذلك نظرًا لمزاياه الكثيرة في إعداد الأطقم الفنية والعلمية المؤهلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، إضافة إلى دوره في صناعة المعرفة والعلم ونشرها.
كما أن الارتباط القوي بين النمو الاقتصادي وبين رأس المال البشري قد غير النظرة للتعليم العالي من كونه استهلاكا إلى اعتباره من العوامل المهمة التي يجب الاستثمار فيها.
لقد أدرك فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني هذه الحقيقة مبكرًا في اللقاءات التي جمعته بمسؤولي القطاع أثناء الحملة الانتخابية، ومع التشكلات النقابية في التعليم العالي المساندة لمشروعه السياسي.
فعندما ركز سيادته على أن كسب الأفراد للمعارف والمهارات الجيدة والمتنوعة هو الذي يساعد على زيادة القدرة الانتاجية للبلاد ويخلق بالتالي مزيدًا من الدخل ويساهم مساهمة فعالة في تحقيق النمو الاقتصادي المرجو.
ومن أجل التطلع لترجمة برنامج رئيس الجمهورية «تعهداتي» على أرض الواقع، فقد ركزت الإصلاحات التي تم تبنيها بهذا الخصوص، على العمل ضمن حزمة مؤشرات تزيد على الثمانين، بدءًا بهيئة التدريس مرورًا بالموارد المالية وبرامج التكوين، والنجاعة الداخلية والخارجية، والخدمات داخل الوسط الجامعي والبحث العلمي والتعاون الدولي، إنتهاء بمقبولية الطلاب ودمجهم في المحيط الاقتصادي والاجتماعي وقدرة المؤسسات الاستيعابية.
وقد أسفرت هذه الجهود عن تحقيق نتائج معتبرة شملت:
– تحسين المخرجات وتطوير القدرات التنافسية للقطاع
– زيادة رأس المال البشري المؤهل
– زيادة قدرات البحث العلمي من خلال رصد مزيد من الموارد الضرورية لتطويره
– وضع آليات جديدة لضمان الجودة في مختلف مؤسسات التعليم العالي
– توسيع القدرة الاستيعابية لمؤسسات التعليم بإنشاء وتوسعة المعاهد ومختلف مؤسسات التكوين
– إقامة حكامة جيدة على مستوى قيادة القطاع وإضفاء شفافية صارمة شملت منصات المنح والتوجيه واكتتاب الأساتذة
– إنجاز قاعدة بيانات إحصائية دقيقة مكنت من سياسة تدبير محكمة واستشراف أفضل لصالح تنمية القطاع
وبالرغم من كل هذه الجهود المبذولة والنتائج التي تحققت، فإننا نستغرب تداول تقرير في مواقع التواصل الاجتماعي، يعزيه البعض لليونسكو، يسيء إلى موريتانيا ونظام تعليمها العالي، وهي منه براء.
ففي وقت لم يمض أكثر من أسبوع على الإشادة الكبيرة للرأي العام في البلد، على شفافية ونزاهة مسابقة الاكتتاب الأخيرة لأكثر من مائتي أستاذ تعليم عال، توجت العملية باستقبال فخامة رئيس الجمهورية بالقصر الرئاسي للمكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للتعليم العالي، وإعلانه عن مسايرة الإصلاحات ودعمه لكل مطالب أساتذة التعليم العالي الرامية إلى تحسين أوضاعهم المادية والرفع من أدائهم المهني.
أما آن لهؤلاء أن يعلموا أن الإساءة إلى سمعة البلد بالقول أو الفعل خيانة، وأن تضليل الرأي العام بالتجني على الحقيقة، ومحاولة طمس الإصلاحات ظلما هو من المحرمات التي نهى الشرع عن الركون لأصحابها.
بقلم: د. محمد الراظي بن صدفن، أستاذ بجامعة نواكشوط العصرية