«دالي كمبه».. قرية موريتانيا تبعد ألف كيلومتر إلى الشرق من العاصمة نواكشوط، ظلت لعقود معزولة عن العالم كأغلب القرى الموريتانية، إلا أن إصابة أغلب سكانها بالعمى أخرجها من عزلتها، فأصبحت مادة دسمة لتقارير صحفية تداولت على نطاق واسع.
الساعة الرابعة مساء، أطفال القرية يلعبون كرة القدم، يركلونها دون رؤيتها، يكتفون بالصورة التي تنقلها لهم أرجلهم، ويعتمدون على الاصوات لتحديد مواقعهم وتوقع حركة الكرة، لقد تعودوا على الاستعاضة بحواسهم عن الإبصار.
الوصول إلى «دالي كمبه» سفر عبر الزمن، وعودة إلى الماضي البعيد، إذ تغيب الدولة والحكومة، فلا مشاريع ولا استثمارات، كما يقول محمد محمود، أحد أعيان القرية، قبل أن يضيف: «لم تترك الدولة بصمتها في هذه القرية التي يعاني أهلها الحيف والفقر المدقع».
يؤكد محمد محمود أن ثمانين في المائة من سكان القرية يواجهون مشاكل في الحصول على قوتهم اليومي.
يعيش محمد محمود في عريش متواضع، يسرد قصة القرية التي يعاني معظم سكانها من العمي الوراثي، ويمنعهم من الهجرة والسعي لتحسين ظروفهم المعيشية.
يقطن القرية حوالي 200 شخص، من ضمنهم 180 مصابون بنقص حاد في الرؤية، يصل إلى العمى الكلي لدى 35 شخصاً، ويستعين المصابون بنقص الرؤية الحاد والعمى بالمبصرين في التعليم والزراعة والطبخ ورعاية الماشية.
مع ظهور قصة «القرية المكفوفة» في الإعلام، أطلقت ندءات استغاثة لمساعدتها، فأرسلت الحكومة الموريتانية مساعدات لصالح سكان القرية، وبدأت مبادرات فردية في نفس الاتجاه.
ودخلت على الخط اللجنة العليا لمبادرة «عطايا» الشيخة شمسه بنت حمدان آل نهيان، فخصصت سنة 2018 ريع الدورة السابعة للمعرض، لإقامة مشاريع تنموية وتأهيل البنية التحتية في القرية.
تولى الهلال الأحمر الإماراتي تنفيذ تشييد مركز طبي ومدرسة ومساكن للأسر في القرية، استمر العمل لقرابة ثلاث سنوات، قبل أن يكتمل ويتسلم السكان وحدات سكنية مجهزة، فغادروا أعرشتهم المصنوعة من القماش المتواضع.
أربعون وحدة سكنية، ومدرسة ومسجدا وعيادة طبية وبئرا اتروازيا، وغرفة لتعليم الحِرف، تلك هي خلاصة المشروع الإماراتي في القرية الموريتانية النائية، وعلق عليه عمدة كمبي صالح، التي تتبع لها القرية، قائلاً إن «المشروع الإماراتي جاء لينهي عقوداً من معاناة السكان».