أعلنت السلطات الموريتانية تسجيل ستة عشر وفاة، و44 إصابة في مناطق متعددة من موريتانيا، بينها العاصمة نواكشوط بسبب حمى الوادي المتصدع.. خطورة هذه الحمى تكمن في ارتفاع نسبة الوفاة بين المصابين بها، ما أثار قلقا كبيرا بين مربي المواشي وتجارها.
” منذ ظهور المرض لا أحد يشرب اللبن باستثناء أسرتي” يقول ابحيده الذي يملك مشروعا لبيع لبن الإبل في ضواحي العاصمة نواكشوط، يعيد ابحيده عزوف الزبناء إلى ماوصفها ب”الشائعات” التي تقول إن لبن الإبل يسبب مرض “حمى الوادي المتصدع”.
ابحيده الذي دخل في عقده السادس، يقف متكئا على عصاه، في انتظار زبناء حال بينه وبينهم الخوف من حمى الوادي المتصدع، مؤكدا أن “الشائعات المصاحبة لهذه الحمى الغامضة أثرت على لقمة عيشه بدرجة كبيرة”، فكرة يشاطره فيها بعض الرعاة العاملين معه.
يقول ابحيده إنه يهرق لبنه في الأرض كل يوم ،بسبب قلة الزبائن، مطالبا الدولة بإجراء فحوص سريعة لمعرفة الصحيح من المواشي من المصاب منها.
في سوق المواشي بالضاحية الشرقية للعاصمة نواكشوط، لاتبدو الصورة واضحة حول طبيعة هذه الحمى بالنسبة للتجار في هذه السوق.
بصوت متشنج يتسائل أحمد ولد الخي “ماهي حمى الوادي المصتدع؟ نحن نحتاج أولا لمن يطلعنا على حقيقة هذه الحمى ويعرفنا بأعراضها، يضيف أحمد ” هي مجرد كلام يقوله آخرون”.
أحمد الذي يعمل في مجال تجارة المواشي، مرت عليه أيام عديدة، منذ إعلان حالات من حمى الوادي المتصدع، في مناطق من البلاد بينها العاصمة نواكشوط، دون أن يشتري منه أحد، على غير العادة.
ويرجع ذلك إلى ما اعتبرها ” إشاعات تخوف الناس من اللحوم الحمراء” مطالبا، الحكومة بالتدخل لفحص الحيوان، وتعريف المنمين بطبيعة هذا المرض وطريقة انتقاله وكيفية الوقاية منه.
لايخفى أحمد استغرابه من هذا المرض الذي قال إن “السلطات تعلن كل فترة عن ظهور حالات منه، دون أن تقدم عنه معلومات واضحة للمنمين، ولا عن أسبابه وأعر اضه ووالوقاية منه، وبالتالي نحن نجهل طبيعته ونتضرر منه أكثر من غيرنا” حسب تعبيره.
في مناطق أخرى من السوق الذي يعتبر أكبر سوق للمواشي في العاصمة التي يقطنها أزيد من مليون شخص، ويغذيها يوميا باللحوم، يشكوا مستوردو المواشي مما وصفوه بـ”تقصير الوزارة في توفير مخبر بيطري لفحص الحيوانات بصفة دائمة، أو على الأقل في مثل هذه الحالات الاستثنائية”
يقول أجه ولد فاليلي، الذي يعمل في سوق “تنويش” للمواشي إن أربعة آلاف أسرة تعيش من مردودية هذا السوق ” كلها تضررت من هذه الشائعات، لأن الزبناء عزفوا عن شراء المواشي، خوفا من حمى الوادي المتصدع، وبالتالي فإن فحص الحيوانات ومراقبة السوق أصبحت ضرورة ملحة على الدولة تنفيذها لتفادي مثل هذه الحالات”.
ناقوس الخطر
تزامنا مع ظهور الحالات الأولى لحمى الوادي المتصدع٬ أطلق رواد مواقع التواصل الاجتماعي٬ نداءات بضرورة التدخل السريع لتفادي” الكارثة” في ظل تزايد الوفيات بسبب حمى الوادي المتصدع وحالات الإصابة٬ كما حذروا من شراء اللحوم والألبان في هذه الظرفية.
وكتب الدكتور، مصطفى عبد الله السجاد، أخصائي أمراض باطنية، أن “كل حالات حمى الوادي المتصدع التي يتم تشخيصها هي من النوع الخطر، وتمثل 4% والباقي 96% بين حالات خفيفة إلى متوسطة”.
ويوضح الدكتور “أنواع الحالات الخطيرة والأعراض التي تعتري المصاب بها، كإصابة العيون مما قد يؤدي إلى فقدان البصر ومنها كذلك إلتهاب الدماغ والنوع النزيفي وهو الأخطر، وهو ما يتم تشخيصه في موريتانيا”.
من جهته الصحفي زايد محمد كتب على حسابه في فيسبوك ” الوضع ليس تحت السيطرة إطلاقا و الموضوع قابل للانفجار ارواح المواطنين ليست لعبة إطلاقا”.
وأضاف أن حمى الوادي المتصدع تحصد الضحايا و”الوضع خطير وكارثي على السلطات تحمل المسؤولية واتخاذ كافة الاجراءات من غير المقبول قبول المزيد من الضحايا”. وفق تعبيره.
ارتفاع الوفيات
أعلنت وزارة الصحة الموريتانية أرتفاع عدد الوفيات بسبب حمى الوادي المتصدع إلى 16 حالة، بعد تسجيل 8 وفيات جديدة خلال الأسبوع المنصرم.
وحسب ما أعلن عنه المدير العام للصحة العمومية، سيدي ولد الزحاف ليل الأربعاء/ الخميس فإن الجهات الصحية سجلت حتى الآن 44 حالة موجبة موزعة على تسع ولايات.
وأضاف ولد الزحاف في تصريح لقناة الموريتانية (الرسمية) أن ولاية تكانت سجلت أكبر عدد من الإصابات بلغ 26 حالة، فيما تم في ولايتي لبراكنة ولعصابة، تسجيل خمس حالات في كل منهما، وحالتان في كل من اترارزة، والحوض الغربي، بالإضافة إلى تسجيل حالة واحدة في كل من غورغول والحوض الشرقي، ونواكشوط الشمالية، وآدرار.
وكان وزير الصحة ، محمد نذير ولد حامد، قد أعلن في وقت سابق أن الحكومة اتخذت مبكرا إجراءات عملية على مستوى وزارتي الصحة والتنمية الريفية، وأطلقت حملة تحسيس من خلال مصالحهما وإيفاد بعثات مشتركة تعمل بشكل منسق على توزيع ناموسيات مشبعة في الأماكن الموبوءة مع التكفل ببعض الحالات.