قال إبراهيم ولد أبتي، منسق فريق محامي الدولة الموريتانية الذي يمثل الطرف المدني في مسطرة «ملف الفساد»، إن الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز يحقق معه في جنح وجنايات غسيل أموال، وهي أمور اعتبر أنه لا يمكن إدراجها ضمن وظائف رئيس الجمهورية المحصنة بالمادة 93 من الدستور.
جاء ذلك في بيان توضيحي نشره فريق المحامين وموقع باسم ولد أبتي كمنسق للفريق، للرد على فريق الدفاع عن ولد عبد العزيز، الذي شدد على أن موكلهم يتمتع بحصانة دستورية تم انتهاكها خلال مسطرة الإجراءات الأخيرة.
ولكن منسق فريق محامي الطرف المدني، اعتبر أن ما يقوم به فريق الدفاع هو «تكرار القول، وإلقاء للكلام على عواهنه»، مستغرباً استخدام المادة 93 من الدستور «كدرع واق» للرئيس السابق يعطيه «حصانة مطلقة وإفلاتا تاما من العقاب حتى من جنح وجرائم القانون العام!».
وأوضح ولد أبتي أن المادة 93 من الدستور تقول إن «رئيس الجمهورية ليس مسؤولا عن الأفعال التي يرتكبها أثناء ممارسة وظائفه إلا في حالة الخيانة العظمى»، وهو ما اعتبر ول أبتي أنه يوضح أن حصانة الرئيس السابق «مقيدة»، أي أنها حصانة له «ما دام في مأموريته فقط، وللأعمال التي تدخل في إطار ممارسة وظائفه حصرا».
وتساءل ولد أبتي: «هل من المستساغ بحال من الأحوال ربط ممارسات الفساد والجرائم العديدة المماثلة لها من جنح وجنايات غسل الأموال -التي هي موضوع التحقيق الحالي- بالممارسة العادية لوظائف رئيس الجمهورية».
وقال ولد أبتي إن «إعفاء شخص ما من المسؤولية المطلقة عما يرتكبه من أفعال محظورة قانونا، يظل أمرا صادما للضمير الجمعي»، معتبراً أن ذلك يتناقض مع «منع الإفلات من المساءلة والعقاب»، وفق تعبيره.
وشدد ولد أبتي على أن الرئيس السابق «الذي أصبح مواطنا عاديا بعد انتهاء مأموريته»، لا يمكن أن يقاضيه سوى «القاضي العادي» في الأمور التي تخص «جرائم الحق العام»، مشيراً إلى أن محكمة العدل السامية مختصة في «الخيانة العظمى».
وفيما يخص التزام الرئيس السابق الصمت أمام المحققين، قال ولد أبتي إنه «يدخل ضمن حقه كمتقاض عملا بخطة الدفاع التي اختار لنفسه»، ولكنه تساءل: «ألا ينم موقف كهذا عن ازدراء شديد لمؤسسات الدولة، وعن رغبة شديدة لدى صاحبه في لف تسييره للشأن العام وراء ظلام دامس؟».
ووصف ولد أبتي النقاش الذي أثاره فريق الدفاع حول شرعية لجان التحقيق البرلمانية بأنه «طفولي، عديم الجدوى!»، مؤكداً أن «مراقبة عمل الحكومة صلاحية للبرلمان خولها إياه الدستور».
وأضاف في السياق ذاته أن «الدعوى القضائية تتم مباشرتها على أساس نتائج التحقيق الذي تجريه الضبطية القضائية، لا على أساس ما خلصت إليه لجنة التحقيق البرلمانية في تقريرها واستنتاجاتها».
وحول رفض فريق الدفاع عن الرئيس السابق لقرار تقييد حريته في التنقل، قال ولد أبتي إن الدفاع «نسي أن المادة 10 من الدستور إذا كانت قد كرست لكل مواطن لم يرتكب جرما حرية التنقل، فإنها تنص كذلك على أنه يجوز تقييد هذه الحرية بموجب القانون».
وأضاف أن القانون «خول وكيل الجمهورية سلطة تقييد حرية تنقل أي شخص يُشتَبَه في ارتكابه جريمة بلغت درجة موصوفة في القانون».
وتستعد شرطة الجرائم الاقتصادية والمالية لإنهاء محضر التحقيق الابتدائي في ملفات فساد العشرية، التي يلاحق فيها عدد من المسؤولين السابقين والحاليين، من ضمنهم الرئيس السابق، وردت أسماؤهم في تحقيق قام به البرلمان بين شهري يناير ويوليو الماضيين.
ومن المنتظر أن يحال المحضر النهائي إلى النيابة العامة، لتبدأ مرحلة «التحقيق الجنائي» وإحالة من توجه إليهم تهم إلى السجن.