خمسُ وفيات في غضون أيام قليلة بسبب حمى نزيفية تعرف باسم «حمى الوادي المتصدع»، تعود الموريتانيون خلال السنوات الأخيرة، ظهورها بعد كل موسم خريف تكثر فيه الأمطار، ولكنها هذا الموسم تتزامن مع جائحة «كورونا».
الوفيات التي سجلت وزارة الصحة أربعٌ منها في ولاية تكانت، وسط البلاد، وواحدة في العاصمة نواكشوط لدى شخص قادم من ولاية لعصابه، جنوب شرقي البلاد، فيما يتلقى مصابان العلاج في مستشفى تجكجه، وحالة يشتبه بها في نواكشوط قادمة من ولاية لعصابه.
خطورة «حمى الوادي المتصدع» تكمن في ارتفاع نسبة الوفاة بين المصابين بها، إذ وصلت إلى أكثر من 80 في المائة بولاية تكانت، بعد وفاة أربعة أشخاص من أصل ستة تأكدت إصابتهم بالحمى، حسب الأرقام التي أعلن مدير الرقابة الوبائية والمعلومات الصحية بوزارة الصحة محمد محمود ولد اعلي محمود، أمس الثلاثاء.
ورغم خطورة الإصابة بهذه الحمى، إلا أنها ليست شديدة العدوى، بالمقارنة مع حميات نزيفية أخرى، أو مع فيروس «كورونا» المستجد، إذ تتطلب العدوى بحمى الوادي المتصدع مخالطة قوية للحيوانات المصابة أو البشر المصابين، مع إمكانية نقل العدوى من طرف أنواع محددة من البعوض.
انتشار للمرض
سجلت الحالات الأولى من «حمى الوادي المتصدع» لدى أشخاص في ولاية تكانت، وإن كانوا رعاة إبلٍ قادمين من الانتجاع في ولاية لعصابه، ولكن قبل ذلك أكدت السلطات أن المرض تسبب في نفوق 25 رأساً من الإبل في تكانت.
ولكن المرض ظهر في مناطق أخرى من البلاد، لدى قطعان الإبل وهو ما يزيد من خطر انتقاله للإنسان، رغم أن السلطات أعلنت أنها ستنظم حملات تلقيح.
وفي ولاية ترارزة، جنوبي البلاد، نقل مراسل «صحراء ميديا» عن المندوب الجهوي المكلف بالبيطرة الدكتور محمد ولد الشيخ، إن المؤكد حتى الآن هو أن هنالك «حالات اشتباه» لدى قطعان من الإبل في بوتلميت والمذرذرة واركيز، دون إعطاء تفاصيل أكثر.
وأضاف المندوب أن فرقاً من وزارة التنمية الريفية أخذت عينات من هذه الحالات بغرض التأكد من إصابتها.
في غضون ذلك قال مصدر طبي لمراسل «صحراء ميديا» إن إصابات بالمرض ظهرت بالفعل لدى قطعان من الإبل في قرى «بوسديره» و«بوطليحية» في مقاطعة بوتلميت، وقرى «التاگيلالت» و«تگند» في مقاطعة المذرذره، بالإضافة إلى «أجار» و«مفتاح الخير» في مقاطعة اركيز.
وأشار المصدر إلى أن قطعان البقر والأغنام، هم الأكثر عرضة للإصابة بحمى «الوادي المتصدع»، ونقلها إلى الإنسان، إلا أن الحالات التي تم تسجيلها أو الاشتباه بها حتى الآن هي في قطعان الإبل فقط.
حالة استنفار
هيئات وزارتي الصحة والتنمية الريفية، أعلنت حالة استنفار قصوى، وبدأت التحرك السريع لتطويق المرض قبل أن يستفحل، مستفيدة من حالة اليقظة الصحية الناتجة عن خطط مواجهة جائحة «كورونا».
يقول مصدر طبي في مستشفى ألاك لـ «صحراء ميديا» إن بعثات وزارة الصحة نظمت ورشات تكوينية سريعة للطواقم من أجل التعامل مع المرض، ويضيف: «نحن هنا في حالة استنفار ويقظة تامة».
على مستوى ولاية تكانت عقدت السلطات اجتماعاً طارئاً، بحضور بعثة من وزارة الصحة وأخرى من وزارة التنمية الريفية، وبدأ النقاش حول آليات مواجهة المرض.
وقال المدير العام للصحة سيدي ولد الزحاف، إن الحكومة اتخذت عدة إجراءات لمواجهة المرض، على غرار تفعيل منظومة الوقاية من خلال التعبئة والاتصال وإبلاغ الناس بالإجراءات الاحترازية.
وأضاف ولد الزحاف أن مديرية الرقابة الوبائية تعمل على رصد جميع حالات الحمي مهما كانت طبيعتها، لمحاصرة المرض في وقت مبكر، وفق تعبيره.
أما فيما يتعلق بوزارة التنمية الريفية، فقررت السلطات فرض رقابة على المواشي وتقليص تحركها للحد من انتشار العدوى بين القطعان.
وأعلنت السلطات أن وزارة التنمية الريفية ستتولى مهمة رش البرك ووالمستنقعات والحيوان، من أجل مكافحة البعوض بصفته ناقلا للمرض، فيما ستطلق وزارة الصحة حملة لتوزيع الناموسيات المعقمة.