الدوحة – قطر
اتفقت أحزاب منسقية المعارضة على ألا تتفق على مرشح واحد, بينما اتفقت أحزاب الأغلبية على دعم الرئيس محمد ولد عبد العزيز, وشتان ما بين الاتفاقين فاتفاق أحزاب الأغلبية قادها إلى نجاح مرشحها نجاحا ساحقا, ومواصلتها لدعم برنامجه الطموح, وحمايته, والسهر علي تطبيقه كبرنامج تنموي شامل, وتجسيده علي أرض الواقع, مما أقلق قادة منسقيه المعارضة, فوثبوا وأجمعوا على أن يبحثوا عن كلمة واحدة يتفقون عليها, ليجدوا ضالتهم في الكلمة التي رددتها وبكل عفوية, شعوب الربيع العربي, التي كانت تئن تحت ظلم أنظمة الاستبداد, وكبت الحريات, منذ عقود من الزمن,( ارحل ).
وفعلا قيلت هذه الكلمة في تلك الدول في محلها, ولاقت استجابة واسعة وآتت أكلها حيث أسقطت تلك الأنظمة الدكتاتورية, أما محاولة إسقاطها في جو كالذي نعيشه نحن الآن من حرية الرأي, وعلي شعب كشعبنا المسلم المسالم, ورئيس كرئيسنا المنتخب منذ أقل من ثلاث سنوات, وبطريقة شفافة, وبشهادة جميع قادة المنسقية, لا أرى انه وارد إطلاقا إلا إذا كان محاولة يائسة للانقلاب على الديمقراطية.
فبدلا من قيام المعارضة بدورها المتمثل في مراقبة النظام, ومطالبته بالإصلاح وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين, من صحة, وتعليم جيد, وتخفيض أسعار المواد الغذائية, والمحروقات, يتركون كل هذه المطالب التي تمس الحياة اليومية للمواطن, ليرفعوا سقف مطالبهم إلى المطالبة بإسقاط النظام. فلم يجدوا صيغة جامعة يرددونها, فمنهم من يقول ارحل, ومنهم من يقول نطالب بالرحيل, ومنهم من يقول لا بديل عن الرحيل, حتى في صياغة الكلمة, لم يتفقوا ولن يتفقوا, مهما قالوا من عبارات محلية أو مستوردة, ومهما نظموا من مهرجانات ومسيرات, واعتصامات.
ألم يان للذين شاركوا في الانتخابات الرئاسية ( 2009 ) بل وأشرفوا على سيرها من خلال تبوئهم للوزارات المهمة في الحكومة الانتقالية ورئاسة اللجنة المستقلة للانتخابات واعترفوا بنتائجها, أن ينتظروا الانتخابات القادمة ؟؟؟
أم أنهم تأكدوا من فشلهم فيها, كسابقتها, وبالتالي أرادوا أن يخلقوا مشكلة, أو يختلقوا محنة, ويوهموا الشعب من خلال خطبهم في جولاتهم المكوكية, أن هذا النظام هو السبب في جميع ما قد عاناه الشعب من فقر وجهل وحروب وويلات لا تحصى ولا تعد, منذ أن استقلت البلاد إلي يومنا هذا, وأنهم وحدهم قادرون علي حل جميع مشاكل العالم الثالث, لاسيما مشكلتنا نحن, وهم بذلك يريدون الرجوع بنا إلي المراحل الانتقالية, والأحكام الاستثنائية, التي عادة ما يتبوؤن فيها مكانا قياديا, ويدخلون في سلسلة مشاورات, يخيل إليهم أنهم أصبحوا فعلا قادة هذا الشعب, ويسعون بذمته, لكن الرياح تجري بما لا تشتهي سفنهم. فكل ما يرددونه في مهرجاناتهم, في العاصمة, وفي الولايات الداخلية من شعارات, لم يرقى إلى درجة الاستماع, أحري أن يصل إلى درجة الإقناع, لما يحمله من التناقضات,
فهم يطالبون بإبعاد الجيش عن السياسة مثلا , مع أنهم يفتخرون بانضمام عقيد أو ضابط إلى منسقية المعارضة, بل ويضعون له مكانة في المقدمة, ويستشهدون بمداخلاته, التي قد لا تكون ذات أهمية معتبرة, وهم يقولون أن النظام, متجسد في شخص الرئيس, أفسد الحرث والنسل, في الوقت الذي يدشن الرئيس المشاريع الكبيرة, التي تعود بالنفع على المواطن, وخير دليل علي ذلك: برنامج أمل 2012, و مشروع آفطوط الشرقي, ومشاريع كهربة المناطق النائية, وفك العزلة, ومشروع الحالة المدنية, وما إلي ذلك من المشاريع البناءة.
و في الوقت الذي يرخص لهم النظام تظاهراتهم واعتصاما تهم التي يتجاوزون فيها الحد في الأقوال والأفعال, و يطلق لهم العنان في التعبير عن آرائهم, في جو من الديمقراطية وحرية الرأي لم تشهده البلاد قبله, يقولون ان رحيل النظام أصبح محسوما, وانه سيرحل بأسرع مما نتصور, وكأنهم يتحكمون فيه, يزيحونه بالطريقة التي يرونها مناسبة, وفى الوقت المناسب, ولو كان الأمر كذلك, لأصبح جزءا من الماضي كما يقولون لكن الحقيقة أن النظام حاضرو قوي, قوة مستمدة من الشعب الذي منحه الثقة, قوة ثابتة لا تزول ولا تتأثر بزوال أنظمة عربية, ولا أنظمة افريقية, ولا حتى أوروبية, نظام يبنى حاضر هذه الأمة ويخطط لمستقبلها, وهم, أي قادة المنسقية, ليسو جزءا من الماضي القريب, بل هم الماضي البعيد, الذي تجاوزه الشعب فعلا كما برهنت على ذلك نتائج الانتخابات الرئاسية 2009.
ألا يظن أولئك أنهم مسؤولون عن كل ما يهدر من أموال طائلة, على المسيرات, والمهرجانات, والاعتصامات, والتي لو استخدمت فى مصالح الفقراء والمحتاجين من الشعب, لكان ذلك أولى من شراء اللافتات, وتأجير السيارات, وهم حكماء وعقلاء, ويعرفون أن أفعال العقلاء مصونة عن العبث.
ألا يظن أولئك أنهم مسئولون عن ما يمكن أن ينجم عن هذا الحراك من قتل ونهب, وفوضى عارمة, يستغلها عادة خفافيش الظلام المتسترة بأقنعة مزيفة.
ألا يعلمون أن هذا الشعب لا طاقة له اليوم بما حدث في الدول العربية, من قتل وهدم وجروح نازفة, ولا يتحمل يوما واحدا من الفوضى والاحتقان وغياب السلطة, ولا يزال يتذكر اليوم المشئوم 8-6-2003 حيث قضى يوما وليلة بلا خبز ولا علاج ولا دراسة ولا مواصلات ولا ولا…………..
ألا يرون أن المتضرر الأول من هذه التحركات هو الشعب الذي يرددون أنهم يسعون في حل مشاكله وهم يعمقونها وينوعونها بعد ما كانت بسيطة وقابلة للحل عن طريق الحوار الذي دعا إليه النظام في أكثر من مناسبة, وهنا استطرد قصة مريض كان يعانى من مرض في إحدى عينيه والطبيب الذي جاءه ليعالجها له فاقتلع الأخرى التي كانت سليمة وأصبح أعمى بعد ما كان أعور, كذلك فان ساسة المعارضة اليوم هم بمثابة الطبيب الذي سيعالج موريتانيا باقتلاع ما لم تصدق أنها حصلت عليه, من أمن, واستقرار, ونمو, في ظل النظام القائم, ظنا منهم أنهم سيعالجون ما تعانى منه من مشاكل اقتصادية, وسياسية, مستخدمين مضادات حيوية قديمة, وعقاقير منتهية الصلاحية, فلا يمكن للمعارضة أن تجد حلا للمشاكل التي يعاني منها البلد, مادامت لم تحل مشاكلها الداخلية أولا, ولم تنتهج آليات وأخلاقيات الديمقراطية, في منسقيتها, و في أحزابها المكونة لها ثانيا, لتبرز للشعب وجوه وشخصيات جديدة, منتخبة من هيئات حزبية تمثل رؤساء أحزاب المعارضة, ولو على الطريقة الروسية التي ابتكرها بوتن لكي لا يبتعد عن الكرسي, عندها يمكن للبعض من الفضوليين أن يستمعوا لخطبهم التي اتفقوا علي أن تكون مليئة بعبارات السب والشتم والتشاؤم, لكن النخب لن تضيع الوقت فيها.
ومهما قالوا ومهما تحركوا, فإن ذلك لن يثنى النظام عن مسيرة البناء التي بدأها بخطى حثيثة و مدروسة , وعجلة النمو لن تتوقف بإذن الله تعالي , فالقافلة تسير, ولا عودة إلى الوراء.