بكار ولد العاقب
تشهد الساحة السياسية الوطنية احتقانا سياسيا غير مسبوق ولدته الأزمة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والتي تعرف بلادنا منذ بعض الوقت أهم تجلياتها يكمن في التسيير المنفرد للحكم منذ وصول النظام الحالي إلي السلطة حيث تمت مركزة القرارات السياسية والإدارية والاقتصادية في يد شخص واحد مما كان له أثر سلبي واضح ليس علي مستوي انعكاسه علي النخب المعارضة التي غيبة تماما عن المشهد السياسي والاقتصادي وإنما كذلك على مستوي الأغلبية الحاكمة التي ظلت ثقتها تتزعزع في النظام حيث وجدت نفسها بالرغم من استماتتها في الدفاع عن القرارات السياسية للنظام خارج اللعبة السياسية بفعل هذه المركزية التي جردت المسؤول وصاحب الكفاءة.
وحتي العامل البسيط من أدنى صلاحياته مما أدى إلى توقف دينامكية الإدارة المطلوب حيث فقدت المبادرة مما أدى إلي شل الجهاز الاداري الوطني وسلبها الحد الأدنى من الإرادة بالمقابل أنعكس ذالك علي مختلف المشاريع “الكبري” التي دشن النظام السياسي في إطار ما يسميه حملت الالتزامات الانتخابية ورغم العناوين العريضة التي حملت مكبرات الصوت الإعلامية إلى مختلف أرجاء الفضاء الموريتاني فإن فعالية هذه المشاريع ظلت مدفونة في طيات الموجات الصوتية بعيدا عن الواقع وفي أحسن الأحوال تبقي حبرا على ورق مكتوبة بجمل غير مفيدة خاصة إذا علمنا من كتبها لايهتم بالشعر و النحو ولا يستشير فنيين مختصين في ما وضع على أوراقه ورغم ولعه بالهندسة والعلوم التقنية لا يجد صاحبنا أهمية بجدوائية الدراسات وهو أمر أدى إلي مراجعة أغلب هذه المشاريع والتراجع عن أهم هذه القرارات المتخذة بصددها بل إلي استمرار عمل الجمهورية في ظل غياب الدستور بالإضافة إلي إهدار عشرات المليارات من أموال دافعي الضرائب الموريتانيين في مشاريع ثبت بعد انطلاقها با أسابيع فقط عجزها عن تقديم الخدمة المنوطة بها لعدد بسيط من المواطنين المستهدفين بها.
خلقت هذه السياسات الارتجالية جوا من الاحتقان السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي عكسته الموجات المزعجة للمحتجين من مختلف التشكيلات السياسية و المدنية والاجتماعية ، تزامن ذالك لسوء الحظ مع التغيرات الجذرية والمنعطف التاريخي الذي يعيشه العالم العربي ودول الجوار مع ما يحمل ذالك من تداعيات أمنية خطيرة وغير محسوبة العواقب.
هذا الأمر شكل وقودا للنخبة السياسية المعارضة و المنفعلة بفعل هذا الواقع وبفعل الاقتصاد و التهميش الممنهجين الذي وجهت به منذ وصول الرئيس الحالي إلي السلطة
فوجدت في المرحلة الوقت مناسبا لتعبير عن مشاعرها المتشنجة.
هذه الأمور كلها أوصلت البلاد الى منعرج خطير يجعل كل مواطن مخلص لهذا الوطن على محك حقيقي وأمام تحدي كبير وخيارات محدودة جدا وهي أن تكون موريتانيا اولا تكون.
لن تكون إذا تركت المبادرة بيد من تحركهم مصالح ضيقة هم مستعدون كل الاستعداد لدفع تاريخ موريتانيا وجغرافيتها وثقافتها مقابل الحصول علي أتفه الأشياء بالمقارنة مع الوطن.
إذا تركت بأيدي الذين يحلمون فقط بالثراء الفاحش الذي لا يعرف الأسباب الشرعية حتى إذا تطلب الأمر أن يفترشوا جثث المواطنين وهم تحت الركام.
الأغلبية الصامة من هذا الشعب الطيب مطالبة اليوم أكثر من أي وقت وفق وازعها الديني وضمائر الحية ووطنيتها المخلصة لاتخاذ المبادرة الوطنية التي تتطلبها هذه المرحلة الحاسمة من أجل تحويل المعركة إلي حراك وطني هدفه الرئيسي إنقاذ البلاد من حافة الهاوية.
وستكون موريتانيا إذا أخذت الأغلبية الصامة زمام المبادرة وحولت الصراع إلى معركة وطنية تتخذ من إنقاذ الوطن وبنائه في ظل الإستقرار قضية عادلة وشعارا يعتمد في القه علي الكفاءة والتجربة وحسن النية بعيدا عن العواطف المتشنجة و المتشوقة إلى إحداث التغيير الجذري دون إي حساب معقلن فيما قد ينجر عنه من كوارث غير طبيعية ودون أن تعد بشكل واع العدة لشغل الفراق الذي لابد من القدرة علي تصوره اولا وقبل كل شيئ وقبل فوات الأوان.