موسم الهجرة إلى “الجنوب”
يتدفق صوت عمدة مدينة كيبتاون في لكنة أفريكانية ومقاسات لكلمات أراد لها ربها أن تبقى ذات دلالة موحية ” سيدي الزائر: تنعم بلادنا بهبتين عظيمتين سيرة الزعيم نيلسون مانديلا وأبواق الفوفوزيلا.
ومن جديد أعاد المنظر العظيم قراءة حركة التاريخ من الداخل، طفق يكتشف كوامن أوتاره الصوتية، شرعت التحولات البيولوجية تدب في أوصال مولانا، الودجان بديا أكثر تهدجا، الشدقان أكثر أتساعا، ملامح المحيا ـ فقط ـ ظلت جرداء كمنبسطات تَفلّي القاحلة.
التقم العائد الجديد القرن الأوسط للفوفوزيلا وبدأ فضاء القاعة يضج بالزعيق.
أصحاب الكراسي يتمايلون في مراهقة متأخرة ونشوة أخاذة .
المناقرات بين القزمين الغريمين تبدوا ممتعة ، الأيمن يصدر أصواتا مجوفة قبيحة، عملية الانقضاض تتطلب شوطا إضافيا
رائحة الرطوبة النتنة تنبعث من مشارف القاعة الموقرة والعرض لا زال في أوج تجلياته وبريق ألوان الفوفوزيلا يلمع من بعيد
انقضت تلك السنون التي تناغمت فيها الأبجديات المائلة AC ، ANC.
تلاشت معالم السحنة السوداء، اختفت كاريزما الابتسامة التي تشع بالقهر والأمل والتلويح المطمئن
زعيم جنوب إفريقيا دفع من روحه وجسده وزعامته.
زعيم شمال إفريقيا تكسب بحنجرته وناصريته ولون جسده.
مناضل الجنوب تذوق إرادة النضال وفقد طعم السلطة.
رمز الشمال فقدَ حرب المبادئ والقيم وكسب معركة النفخ والتزمير.
مولانا كان أفرغ من فؤاد أم موسى عندما قدم الأعذار واستجلب التبرير وفلسف ثورات ميادين التحرير.
ورغم ذلك فلا زال رأس مولانا يعلو قليلا ثم يسفل لأن الفوفوزيلا لا زالت في كامل عطائها وصدى صوت عمدة كيبتاون يتدفق “تنعم بلادنا بهبتين عظيمتين ….