الرئيس واجه اسئلة الصحفيين بالابتسامة والنكت وتعهد بنزول الغيث
نواكشوط: صحراء ميديا
الصحفية التي رصدت أجواء تحضيرات إطلاق حوار الرئيس محمد ولد عبد العزيز مع الشعب بقصر المؤتمرات، لم تتعمد أن تصادف هوى في نفوس معارضي رئيس الجمهورية, وربما حتى بعض “مناصريه” عندما وصفت المكان ب”قصر المؤامرات”.
استرسلت موفدة التلفزيوني الرسمي في نقل اللحظات التي سبقت حضور الرئيس عزيز دون مبالاة بزلة لسان لم تعتذر عنها، ربما أملا منها في تفويت الموقف، فيما كان بعض رجالات الرئيس ممن غصت بهم الصفوف الأمامية في القصر يتمايلون من الضحك في مشهد نقل التلفزيون الموريتاني أدق تفاصيله.
غابت تلك الفتاة عن الشاشة أو غيبت، وبدأ جانب آخر من سهرة رمضانية تابع الموريتانيون فصولها على مدى أربع ساعات… فرصة نادرة أن يدخل الرئيس في حوار مباشر وصريح مع الشعب . وفي ظروف سياسية واقتصادية وأمنية كالتي تعيشها موريتانيا حاليا يبقى للحوار طعمه الخاص . أسئلة كثيرة كانت تزدحم في أذهان محاوري محمد ولد عبد العزيز شكلت اختبارا لجدية حوار بدا مختلفا نسبيا عن مؤتمرات رئاسية سابقة كان الكل يتسابق فيها لإعلان الولاء والتغني بمنجزات الرئيس .
ربما كان اختيار عدد محدود من الصحفيين لمحاورة الجنرال عاملا أساسيا في رفع مستوى الحوار،كما أن الحدة التي طبعت بعض التساؤلات لعبت هي الأخرى دورا في تغيير مجرى جلسة كان البعض يخشى أن تضيع في عموميات دون الخوض في تفاصيل القضايا التي تمس هموم المواطن اليومية.
وباستثناء أصوات منبعثة من داخل القاعة تردد بملئ حناجرها عبارات المدح والتبجيل، فإن كل شيئ آخر بدا هذه المرة على غير عادته. أسئلة الصحفيين كادت أن تخل بهدوء الرئيس لو لم يتدراك الموقف ” مماذا تستاء المعارضة والأغلبية؟” يتسائل الرئيس وهو يمعن النظر في محاوره ، يستمع منصتا لمبررات الاستياء ثم يرد ” حسنا أسئلة هامة لامانع من طرحها ليست مصدر إزعاج لي”. يجيب بهدوء محملا معارضيه مسؤولية تعطيل الحوار “بسبب إصرارهم على تحقيق أهداف يفترض أن تكون نتائج الحوار المرتقب لا شروطا مسبقة له” وفي ذلك ما يبرر استياء المعارضة أما عدم رضى الأغلبية فمرجعه” حرب الفساد التي جردت كبار المسؤولين من امتيازات كبيرة وفرضت على أعضاء الحكومة لأول مرة دفع فواتير الكهرباء والماء”.
صحفي آخر أثار قضية الفساد والصفقات المشبوهة مطالبا الرئيس بالتبرع ببعض ممتلكاته التي اعتبر أنه حصل عليها بطرق مختلفة وصفقات أقل ما توصف به أنها غير شفافة قبل وصوله إلى سدة الحكم علي حد تعبيره .. تتالت الأسئلة وتناولت القضايا الأكثر تعقيدا في المشهد الموريتاني.. ملفات الإرث الإنساني واختفاء والي انواذيبو في عهد ولد الطائع ومقتل قائد القوات المسلحة السابق ولد انجيان واختفاء طائرة ولد بوسيف وصفقة الصيد مع الصينين ونبش المقابر والقائمة تطول.
مواضيع كان الحديث عن بعضها بمثابة نكأ جراح قديمة لم تندمل بعد وإن حافظ عزيز على ابتسامته في أغلب الأحيان إلا أن الصدمة بدت واضحة أحيانا أخرى . وبين الموقفين تجد النكت مكانها في أجواء مشحونة بزخم السياسية وهواجس التأزم .
الحديث عن الاعتراف بالمجلس الانتقالي في ليبيا تضمن إشارة لوم مبطنة لقناة الجزيرة التي وصفها ضمنيا بالسيف المسلط على القذافي وإن جاء على شكل مزح رافقته ابتسامة خاطفة ” لا تفتصل انتوم اهل الجزيرة امع القذافي” . احتجاج دفع مراسلة القناة للتأكيد على حياد خط القناة اتجاه الصراع الدائر في ليبيا.
لم تتمخض السهرة الطويلة عن تعهدات واضحة تشفى غليل سكان علقوا آمالهم على هذه المناسبة ، غلاء الأسعار مرتبط بحركة السوق العالمية المتغيرة أما اسعار المحروقات فربما تكمن مواجهتها حسب الرئيس في تقليص مستوى التنقل اليومي تفاديا لتكاليف تثقل كاهل المستهلك كما الخزينة ،وبالنسبة للذين شكوا له شبح موجة الجفاف فقد تعهد لهم بنزول الغيث سريعا وإن تأخر فإنه قادم لامحالة على حد قوله امل يقاسمه الموريتانيون دون اعتبار ذلك جزءا من تعهدات حملة انتخابية سابقة لأوانها