كان صباح يوم عاثر-السادس أغشت ألفين وثمانية- أفلت فيه شمس ديمقراطيتنا الوليدة و صودرت فيه حريتنا المزعومة و قتل الحلم قبل الفطام
بدأت تباشير الصباح الأولى تنذر بالويل و الشؤم و بعودة أصحاب الأحذية الخشنة إلى سدة الحكم التي تخلوا عنها ذات يوم مشهود , إلا أن أفئدة و قلوب زمرة منهم أبت إلا أن تبقى معلقة بأمجاد أسلافهم الغابرين …
أسلافهم الذين اعتدوا على فتاة اسمها –موريتانيا -وهي في ربيع عمرها فضيعوا و أضاعوا و أباحوا و استباحوا وأهلكوا الحرث والنسل فتحولت الفتاة الناعمة الفتية إلى عجوز تعسة شمطاء رغم أنها لم تبلغ سن الخمسين بعد، ورغم أن نظيراتها يزددن شبابا وفتوة ورونقا بمرور الزمن …
كان آخر الفرسان المنقلبين الأكثر شبابا وهوسا بالسلطة والأقل خبرة من بين كل سابقيه فكان بحق بدعا من المنقلبين…
برر انقلابه بكونه أقيل من منصب اؤتمن عليه من طرف رئيس مؤتمن و كأن إقالة جنرالاتنا الموقرين ذنب يعاقب عليه شعب بأكمله وتداس كرامته و يعاد امتهانه واستغفاله لأنه حلم يوما بوطن خال من الانقلابات
فى مشهد تراجيدي ظهر الحكام الجدد و قد أحكموا سلطتهم و سطوتهم, على بلد سئمهم و سئم انقلاباتهم و صراعاتهم, و جوقة المصفقين و المطبلين من البرلمانيين لهم , التي كانت أول المشرعين للحركة التصحيحية كما كانت قبل ذلك في الخلاص, و الإنقاذ, والعدالة والديمقراطية. تسبح بحمد كل القادمين و تلعن السابقين” كل ما جاءت أمة لعنت أختها “..
تغلب ساكن القصر الرمادي الجديد على كل التحديات التي واجهته وخدع معارضيه باتفاق لا يساوي الحبر الذي كتب به ليعيد تملك البلاد و العباد من جديد و لكن هذه المرة بوصفه رئيسا ديمقراطيا لا عسكريا انقلابيا ….
تعهد الرجل على غرار سابقيه بأن يحول البلد إلى جنة وارفة الظلال ,ذات مطارات و جامعات و مرافق صحية وحدائق ذات بهجة وبنايات شاهقة خالية من الفساد والمفسدين و المحسوبية و الزبونية …
اقتفاء لسيرة من سبقه و اقتداء بنهجهم الرصين خلف آخر الفرسان كل وعوده التي قطع على نفسه و أسكر بها ألآف المساكين من أبناء هذا الوطن المستكين , قبل أن يعلموا أنه هو عين الحكم و قلب الحكم و ذات الحكم هو “الرئيس والوزير و المدير والكاتب و الحارس ….” تلك لذة الحكم ومرض الدكتاتورية الذي يسكن حكامنا الميامين
بعد حولين و حول على توليه مقاليد الحكم في “بلاد السيبة” فقدت هذه الأرض الكثير من حيويتها و ثروتها ومكانتها وانتشر الفقر و الجوع و البطالة و الجهل في ربوع زاخرة بالثروات و الخيرات ,نهبها حكامها المترفون الباغون, وأصبحت مغنما لكل من أسعفه سلاحه على أن يكون فارسها المنتظر ..
في آخر إبداعات –صاحب الريادة- كان لقاء الشعب الأخير الذي مثل مسرحية سيئة الإخراج و الإنتاج , فقد كانت أجوبة الرئيس سطحية للغاية و كأنه قادم من كوكب آخرأ و يقود شعبا غير هذا الشعب الذي عاني الأمرين منذ قدومه للحكم -بطالة و تسيب و فساد منظم و صفقات مشبوهة و نسبة فقر تجاوزت حاجز الخمسين في المئة …
كلها هذا يحدث و البلاد تعيش عصرها الذهبي بحسب مؤيدي الرئيس ….
ياللمفارقة !!
بلاد شنقيط تتألم في ذكري مأتمها السادس وتبكي دما ودمعا على سنينها الخوالي وعلي ثروتها وتعليمها وصحتها وثقافتها وديمقراطيتها وشبابها وشيبها وفقهائها ومشايخها ومعالمها.
كل ذلك ضاع في عهد العسكر الطغاة بعد أن أبدلو ا اسمها من بلا د شنقيط أرض المنارة و الرباط ، إلى بلاد الانقلابات و الانقسامات والصفقات.. إنها مأساة و طن…
فأهلا بكم في و طن الانقلابات ….