قال إن هنالك ضرورة ملحة لابتكار آليات جديدة لاتخاذ القرارات داخل المنسقية
أكد الأستاذ محفوظ ولد بتاح؛ رئيس حزب اللقاء الديمقراطي الوطني؛ الرئيس الدوري لمنسقية أحزاب المعارضة الديمقراطية في موريتانيا، أن العلة في مقاطعة حزبه للانتخابات القادمة “لا تتعلق بتأجيل الانتخابات من عدمه، وإنما تتعلق بغياب شروط انتخابات شفافة ونزيهة”.
وقال بتاح؛ في مقابلة مع صحراء ميديا، إنه لا يختلف اثنان على عدم صلاحية اللائحة الانتخابية الحالية “التي هي نتيجة لترقيع لم تحضره سوى السلطة وغيبت عنه الأطراف الأخرى”.
وأضاف أنه لم يعد يفصلنا عن الانتخابات المزمع تنظيمها سوى أقل من شهرين “ولم تنشأ ولم تشكل اللجنة الوطنية للانتخابات”، مشيرا إلى أن ما وصفه بعدم حياد أجهزة الدولة “الملزمة طبعا بالحياد، وحتى اندفاع بعضها لصالح النظام القائم واحتكار وسائل الإعلام العمومية من طرف السلطة واستعمالها لحملة لا هوادة فيها هي أمور تمنع أن نتصور أي عملية انتخابية توفر أبسط الضمانات للمشاركة”.
وأكد أنه بناء على ذلك “فإنه يصعب تصور مشاركة أي حزب سياسي من أحزاب المعارضة، ورغم ذلك فقرار المشاركة من عدمه سيتحدد من خلال موقف مشترك لأحزاب المعارضة”؛ قائلا إن ما عبر عنه بتمادي السلطة في تنظيم انتخابات في هذه الظروف “سيعمق من الأزمة السياسية القائمة أصلا والتي كان يراد للحوار أن يكون وسيلة لتجاوزها والذي حال دونه بالطبع الموقف المتعنت للسلطة والرافض لتوفير أبسط الشروط لتهيئة جو ملائم للحوار”.
واتهم ولد بتاح السلطة بعدم تنفيذ قوانين الدولة التي وصفا بالمعطلة، والمتعلقة بحق الأحزاب السياسية في الولوج إلى وسائل الإعلام العمومية وتلك التي تفرض الحياد على الإدارة والجيش والقضاء أو تلك المتعلقة بالتظاهر السلمي دون التعرض لقمع قوى الأمن.
وحول جهود حزبه في حل خلافات أحزاب المنسقية حول الحوار، قال ولد بتاح إن تلك الخلافات تدور حول المقاربة التي يجب اعتمادها في شأن الحوار مع السلطة، مضيفا أنها في بعضها “أكثر شكلية منها جوهرية”.
وكشف الرئيس الدوري لمنسقية المعارضة عن إنشاء لجنة لتقريب وجهات النظر وتوحيد الموقف من الحوار، ملمحا إلى أن هذه اللجنة “ستقوم بجهود مستمرة للتوصل إلى حل مرضي للجميع وقد تكون غير بعيدة من الوصول إلى هذا الهدف”.
وأشار محفوظ ولد بتاح إلى أن الخلاف حول الحوار لا يشكل مانعا دون استمرار التنسيق بين أحزاب المعارضة، “فقد تقرر منسقية المعارضة في النهاية أن تتخلى عن البحث عن موقف مشترك حول الحوار ويسترد كل حزب حريته في تقرير موقفه ويبقى مع ذلك مجال لتنسيق عمل الأحزاب في أمور أخرى”.
وضرب المثل بعملية الانتخابات وأمور أخرى قال إن موقف المنسقية منها لا زال يطبعه الانسجام، وقال إن “هنالك ضرورة ملحة لابتكار آليات جديدة لاتخاذ القرارات داخل المنسقية غير طريقة الإجماع”؛ مشيرا إلى أنه يمكن تصور أن تتخذ مستقبلا القرارات داخل المنسقية عن طريق الأغلبية مع الاحتفاظ بالأحزاب التي لا يعبر الموقف المتخذ عن طريق الأغلبية عن موقفها أن تعلن تحفظها عليه، “ورغم التحفظ يبقى القرار قرار المنسقية ونحن نعمل الآن على انجاز هذا المطلب”.
وحول موقف حزبه من استدعاء هيئة الناخبين لتجديد الفئة ب من مجلس الشيوخ، عبر ولد بتاح عن تشبثه بالموقف الذي عبرت عنه المنسقية في الماضي، ويتمثل في عدم توفر شروط شفافية ونزاهة هذه الانتخابات وبالتالي فتحفظاتنا واعتراضاتنا على هذه الانتخابات مازالت قائمة خاصة بعد أن تأكد من الاستدعاء الأول لهيئة الناخبين الفئة «ب» عدم نزاهتها واستخدام السلطة لكافة الوسائل لكسبها بما في ذلك الرشوة وشراء الذمم مثال ما حصل في دائرة كرمسين؛ بحسب تعبيره.
ووصف رئيس حزب اللقاء الديمقراطي الوضع السياسي والاقتصادي في البلد بالمزري بكل المقاييس، مؤكدا أن “هناك أزمة سياسية خانقة تكاد تعصف بمستقبل البلد”، وأن تلك الأزمة “جاءت وليدة انقلاب 6 أغشت 2008 ولم تفلح انتخابات 18 يوليو 2009 في تجاوزها”.
وقال إن تلك الأزمة تتجسد في أن الحكام الجدد بعد أن أطاحوا بالمؤسسات الديمقراطية التي بنيت في الفترة الانتقالية، أعادوا إنتاج الاستبداد بما يميزه من حكم فردي وخنق للحريات وملاحقة للخصوم السياسيين وتهميشهم وممارسة الزبونية السياسية وإقصاء كل من لم يرض بذلك والاستهتار بكافة مؤسسات الدولة وقوانينها وتكريس ما وصفه مونتسكيو بأنه ميزة للأنظمة الاستبدادية وهي : «بعث الخوف في قلوب الناس، حتى يضمن الحاكم سكينة القبور»، كما أعاد النظام القائم تجربة «حزب الدولة» الذي تجاوز منتسبوه الملايين –حسب البعض- وما يزيد على 53 في المائة من اللائحة الانتخابية حسب نائب رئيس حزب الدولة خلال حديث له في التلفزة الوطنية، وهو البرهان الساطع على إنفاذ مبدأ الخوف في نفوس الشعب الموريتاني لتسهيل عسكرتهم وانقيادهم لإملاءات السلطة؛ على حد وصفه.
وأضاف “لو تفحصنا أوضاع البلد اليوم على المستوى الاقتصادي للاحظنا وجود كثير من الاختلالات؛ فالدولة مفلسة اليوم تمام الإفلاس، ويتضح ذلك في عجزها عن الوفاء بالتزاماتها، وفي انهيار كافة قطاعاتها الاقتصادية والتجارية والصناعية والخدمية، كما يتجلى في فشل كافة السياسات الارتجالية المتبعة في مجال الصحة والتعليم والتشغيل”.
وأكد أنه نتيجة لذلك “استفحلت البطالة وكثرت الاحتجاجات، وما ثورة الحمالين الأخيرة منا ببعيد، والأدهى من ذلك والأمر هو هجرة العقول وهروب الشباب للخارج بحثا عن لقمة عيش كريمة”.
وأوضح أنه من نتائج الوضع الاقتصادي الذي وصفه بالمتأزم “تهيب الفاعلين الاقتصاديين وتوجههم نحو المشاريع آنية النفع بدل المشاريع الاستثمارية المنفذة على المدى الطويل”.
ووصف الحالة بالأزمة الاقتصادية التي قال إنها أنتجت كذلك أوضاعا لا تطاق، بفعل ارتفاع الأسعار وخصوصا المواد الأساسية التي تضاعفت أسعارها، وهو ما شكل عبئا على كافة فئات الشعب عمالا وموظفين وأصحاب مهن حرة، فبالأحرى أولئك الذين لم يكن لهم دخل ثابت وهم غالبية الشعب الموريتاني؛ بحسب قوله.
وعاد ولد بتاح ليصف أوضاع البلاد اليوم بالكارثية، قائلا إنها “تعكس إخفاق السياسات المنتهجة -إن وجدت- بفعل غياب الرؤية الواضحة لطرق الخروج من هذه الأزمة، فالنظام هو من أنتج هذه الأزمات وهو عاجز عن إيجاد حلول لها”.
وبخصوص موقف حزبه من الحرب التي أعلنتها الحكومة الموريتانية على القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، طالب رئيس حزب اللقاء الديمقراطي المعارض بإعادة النظر في تلك المواجهات “لنعرف الحد الفاصل بين الدفاع عن حوزة الوطن وأمنه والدخول في صفقات مشبوهة مع قوى خارجية تنأى بنفسها عن المواجهة وتدفع بالآخرين إلى خوض الحروب بالوكالة”.
وأكد ولد بتاح أن إخراج البلد من الوضعية الحالية “يكمن في إعادة بناء نظام ديمقراطي حقيقي واسترجاع ثقة الممولين والمستثمرين وشركائنا في التنمية وبعث الثقة في نفوس الفاعلين الاقتصاديين الوطنيين”؛ مضيفا أن الحصول على الاستثمارات والانشغال بالإنتاج “يستحيلان بدون إجماع وطني في غياب شرعية حاكمة تحظى بثقة الجميع”.