أسر الولاية تصطحب أبناءها إلى البادية لكي يشبوا على عادات الأجداد
النعمة ـ الرجل بن عمر
بعد أن أخذ القنوط من نزول المطر خلال موسم الخريف الجاري حيزا واسعا في نفوس ساكنة ولاية الحوض الشرقي؛ أقصى الشرق الموريتاني، وتداعى الإنسان والحيوان في أتون صيف جارف أتى على الأخضر واليابس؛ بحسب كثيرين. ها هي أجزاء كبيرة من الولاية تستعيد دورة حياة جديدة قوامها الماء والخضراء.
وعلى الرغم من تأخر موسم الخريف لهذه السنة لغاية أغسطس الجاري، إلا أن أيام وشهور انتظار السكان له، والمنمون على وجه الخصوص ترك ما يشبه الكارثة الحقيقية، التي يصعب ترميمها؛ بحسب تعبير أباه ولد خطري، أحد القادمين من العاصمة نواكشوط للاستجمام بأجواء الخريف والخضرة، التي تكتنف مناظر الولاية، وتحديدا مدينة النعمة وضواحيها.
ومن أمثال “أباه ولد خطري”، زينب بنت معاوية، التي أعربت عن سعادتها بوصفها جزءا من تقليد محلي مرتبط بموسم الأمطار يعرف ب”لعزيب” رغم شكواها من طول صيف هذه السنة، وما وصفته بالخسائر الكبيرة التي تكبدها ساكنة قريتهم الصغيرة، وتضيف “إنهم خسروا مواشي كثيرة مما قد يؤثر سلبا على انتجاعهم لهذه السنة، خاصة أنهم يمثلون رافدا يوفر الألبان لعدد من الأسر القادمة سواء من العاصمة نواكشوط أو مدينة النعمة نفسها؛ بحسب تعبيرها.
“أباه” رغم ارتياحه النسبي إلا أنه لا يخفي شعوره بالقلق حيال ما يصفه بالمظهر الخادع للخضرة، ما لم تتواصل الأمطار، وهو يدعو الحاضرين إلى مساعدة أبقار، أقعدهم الجفاف، على النهوض وحين يدعونا لدفع عدد من أبقاره عجزن عن القيام، مشيرا إلى أن المنطقة لم تألف هذا المشهد من عدة سنوات.
ويقول أباه إنه “رغم ذلك كله، أنا معتاد على الانتجاع في قريتي (مقام التيسيرـ 18 كلم غربي النعمة)، حتى قبل نشأتها بهذا الاسم قبل عشر سنواتمؤكدا حرصه على استقدام الأبناء معه من نواكشوط، “كي يتوارثوا مثل هذه العادات وكذا للرفع من شأن السياحة المحلية للبلد”؛ بحسب تعبيره.
وتتحدث زينت عن تغير في العادات الغذائية بالنسبة للمنتجعين، حيث تقول بهذه المناسبة “نشرب اللبن وماء (لغدير) المتجمع من مياه الأمطار، ونأكل المشوي و(الطاجين) والكسكس المسلح ( وهو تعبير عن لحم الخرفان )، قائلة إن المساء هو الوقت الأنسب لهذه الوجبات.
كما يمثل فصل الخريف في ولاية الحوض الشرقي مناسبة عائلية فريدة من نوعها، بحسب تعبير عبد الله شريف أحمد، عضو المندوبية الجهوية للسياحة، حيث يقول “الخريف موسم مهم بما فيه من سحر الكيطنة وجمال المناظر الطبيعية الأخاذة”، ويضيف: “إنه موسم الألفة الطبيعية.. يلتقي فيه الأهل والأصدقاء، وتتوطد بسببه صلات الرحم، كما تتشكل على إثره أواصر رحم جديدة“.
ويبرز عبد الله الوجه السياحي للولاية: “هناك مواقع سياحية أخاذة، تستلقي في مختلف مناحي الولاية، كـ(محمودة، والسليمانية وأنكادي وأبحيرة وأنواودار ووركن وأمات لعتاريس وبوخزامه وآكوينيت)، حيث الراحة والاستجمام؛ بحسب تعبيره.
ومع اقتراب نهاية شهر الصيام، يرتفع مؤشر انتعاش موسم الخريف والحركية الدؤوبة، التي اعتادت عليها ضواحي عاصمة الولاية التي تبدأ عادة أواخر يونيو من كل عام، لكن احتباس المطر لهذه السنة جعل موسم الخريف يتراجع بدوره لغاية شهر سبتمبر على غير عادته، ومن المتوقع أن تظل المراعي على حالها من الخضرة والجمال حتى شهر أكتوبر القادم، ليكون موسم الشتاء مع بداية نوفمبر هو النهاية الفعلية لتلك الخضرة؛ بحسب أباه ولد خطري.
.