محمد يحيى ولد أحمد معاوية
لأول مرة فى تاريخ بلدنا ، تأخذ السلطات العليا على عاتقها مهمة ضبط الحالة المدنية وانتشالها من الفوضى التى ظلت تعبث بها ردحا من الزمن ، فكانت فريسة لسماسرة ” غير وطنيين ” تاجروا بهويتنا ووفروا وثائقنا المدنية لمن لا يستحق ، فأضحت موريتانيا ملاذا آمنا لمهاجرين السريين ، وانتشرت الجريمة بكل أشكالها داخل الوطن.
وهكذا وإمعانا في ضبط الحالة المدنية ، وتصحيحا لهذه الوضعية المزرية ، بادرت الدولة إلى اقتناء نظام معلوماتي دقيق ، لن نستقيض فى إبراز خصائصه الفنية التى من بينها:
1ـ قدرته على ضبط و تأمين الوثائق المدنية
2 ـ حماية بلدنا من المهاجرين السريين ، وتمكين السلطات المختصة من تعقب الخارجين على القانون.
3 ـ إنجاز قاعدة بيانات دقيقة ، تمكن الدولة من وضع وتنفيذ الاستراتيجيات التنموية للبلد.
كما أن الدولة اكتتبت لهذا الغرض كفاءات وطنية بينها إداريون مؤهلون ومهندسون متخصصون فى الميدان ، مما كلفها الكثير من ميزانيتها ، وأخذ وقت القائمين عليه ، كما قامت باستحداث مسطرة قانونية جديدة كان من ضمنها مدونة للحالة المدنية ، تراعي الظروف الحالية ، وخصوصيات البلد ، وتستشرف الآفاق المستقبلية له ، وقد أسندتْ مهمة التقييد ( الإحصاء ) إلى رؤساء مراكز الحالة المدنية الذين تم دعمهم بلجان محلية ، تعينها السلطات الإدارية المحلية على أساس النزاهة والخبرة فى السكان المحليين ، و تتشكل كل لجنة من ممثلي الأجهزة الأمنية ، وعضو فى المجلس البلدي، إضافة إلى وجيهين من المقاطعة ، و يقوم رئيس المركز بأعمال السكرتيريا ، ويتمتع رؤساء هذه المراكز بصفة ضابط حالة مدنية ، محلفين أمام أكبر هيئة قضائية فى البلد ( المحكمة العليا ) . كل هذه الإجراءات تم القيام بها سبيلا إلى أن تتم عملية التقييد ( الإحصاء ) فى ظروف من الشفافية والحياد ، ولم يكن هذا الإحصاء إقصائيا ، كما يرى البعض خطأ ، بل إن ما ادعوه من أن الأسئلة التى توجه إلى المتقدم للإحصاء كانت ” استفزازية ” ، هو محض حكم غير موضوعي ، فالغرض من الأسئلة هو التاكد من البيانات الشخصية لكل فرد حتى لا يقع خلط فى تلك البيانات.
ولكي نرفع اللبس فى ما يراه البعض إقصاء من وجهة نظره الخاصة ، ينبغى التنبيه إلى أن المتقدم للإحصاء ، لا يخلو أن يكون أحد ثلاثة أشخاص:
1 ـ من هو أقل عمرا من 45 سنة ، و لا يزال أبواه على قيد الحياة ، فيجب أن يتقدما كلاهما إلى الإحصاء ( التقييد ) قبله ، حتى يتسنى له التقييد بدوره على أساس الوثائق التى يحصلان عليها دليلا على التقييد.
2 ـ من يزيد عمره على 45 سنة ، و قد توفي أحد أبويه أو كلاهما ، وفى هذه الحالة ، فهو غير ملزم بأحكام قضائية تثبت وفاة أحد الأبوين أو كلاهما ، وبالتالى فيمكنه التقدم للتسجيل مباشرة.
3 ـ من يقلّ عمره عن 45 سنة ، وقد توفي أحد أبويه أو كلاهما ، فهو مطالب بإثبات هذه الوفاة بحكم قضائي ، حتى يتمكن من التقييد.
إن تفاوت مستوى الوعي بين مواطنينا ، جعل بعضهم لا يستوعب العملية فى جوهرها ، ولا ينصاع لما تتطلبه من التقدم بالوثائق المدنية الضرورية ، فمثلا نجد البعض يتقدم للجنة دون أي إعلان ميلاد ، ويصرّ على إن يتم إحصاؤه ، غير مدرك أن هذا ما لا يسمح به النظام المعلوماتي المستخدم ، أحرى أن يكفله القانون.
إننا ندعو جميع المواطنين إلى الإقبال على مراكز التقييد ، لأن هذا النظام كفيل بالعمل على حماية مكونات شعبنا ، ويضمن له حالته المدنية ، خاصة و نحن فى أمس الحاجة إلى ذلك ، بقدر احتياجنا إلى ان نكون موضوعيين فى أجكامنا حتى نقدر هذه العملية الوطنية الكبرى حق التقدير ، وأن نكون عونا للدولة فى ضبط حالتنا المدنية ، بعيدا عن المزايدة والتصعيد لحاجات فى نفوس البعاقيب.