بقلم: محمد المختار، بن محمدي محمد يحي
في البداية أصالة عن نفسي بصفتي أحد عمداء البعثة الموريتانية في دولة الإمارات العربية المتحدة – من ناحية الأقدمية،لا من جهة المعنى والقيمة الشخصية – الذين قدموا إلى حياض الدولة في فاتح عقد (الثمانينيات) إثر اتفاقية ثنائية أمنية بين البلدين الشقيقين ،تمخضت عن اتفاقيات أخرى في نفس الإطار بلغت رقما (أمنيا معتبرا )، ناهيك عن الزملاء الذين كانـــــوا يخـــدمون في (الجيش) وانضموا فيما بعد إلى البعثة الرسمية الآنفة الذكر بعد انتهاء مهمتهم، ونيابة عن زملائي الكرام هؤلاء وأولئــك الذين انتهـت خدمتهم أو هم قاب قوسين أو أدنى من ذلك..
أقـول الشكـر الجزيـل المفعم بعبق التقدير والاحترام لدولة الإمارات العربية المتحدة ولشعبها الكريم، تثمينا وتنويها بالوفادة الكريمة التي أٌحِطْنا بها طيلة فترة مٌقامنا في فسيح منازلها.. وبطبيعة الحال فإن مَقام السياق يقتضي منا كذلك سبك وتدبيج واجب الشكر والتقدير لمعظم الضباط الأفاضل،وصف الضباط والأفراد المحترمين الذين عملنا تحت إمرتهم، أو كانوا زملاء لنا في العمل، ولولا خشية الإطالة في هذا السياق وتحوير هدف الرسالة الأخلاقي لدى البعض لذكرت الجميع بالأسماء رتبة بعد رتبة ، وقامة تلو أخرى، حيث كان لنا أغلبهم نعم المسؤول الشريف والخل الوفي، ونحن بدورنا بادلناهم تلك الأخوة الصادقة بأخوة صدوقة (شرواها)، جنبا إلى جنب مع خدمة مخلصة للدولة على أرض الواقع أنجزناها ،أحسبُ أن المنصفين من مسؤولي إدارات الدولة التي عملنا تحت ظلال دوحتها قد نوهوا بها وأشادوا، وإن كنا رغم ذلك لا نبرئ أنفسنا من الأخطاء والعيوب .
ولئن كانت الوفادة الكريمة التي أٌحطنا بها في حلنا وترحالنا داخل الدولة خلق رفيع وشيمة محمودة كانت العرب الأصيلة في الجزيرة العربية تحرص على التزين بألوانهما القزحية أمام(العربـــان) فـــي ساحات مرا بعها ،فإن شعب الإمارات -الذي هو ذؤابة شعوب الجزيرة في هذا المنوال- قد اتصفت هامته البشوشة بتلك الصفات الكريمة والأفعال الحميدة والشيم النبيلة، حيث دأب على استقبال كل الوافدين إلى حياض دياره من شتى بقاع الأرض بثغر باسم ووجه طلق بشوش،ولاغرو في ذلك، فمن شابه أباه فما ظلم .. إنه الراحل الأب، والطود الأشم، مؤسس صرح الإمارات العلم، المرحوم الشيخ زايد بن سلطان آل انهيان طيب الله ثراه، الذي فاق حكام عصره في الشهامة والمروءة والكرم ، وسالت لرحيله مآقي عيون العرب والعجم .
ولذلك حين قدمنا إلى بلدنا الثاني الإمارات ونحن حينئذ في ريعان شبابنا وعز فتوتنا ودخلنا معترك ميدان العمل اكتشفنا إلى أي مدى نشترك مع هذا الشعب الأبي في الكثير من عاداته وتقاليده البدوية الأصيلة وقيمه الاجتماعية النبيلة المستمدة من أزاهير ديننا الحنيف، مثل خلق التواضع وفضيلة الصدق وكرم الوفادة واستقبال الآخر بأريحية، إلى غير ذلك من الشيم النبيلة والأخلاق الرفيعة التي عز مثلها لدى كثير من الشعوب في عصرنا الحديث ،الأمر الذي ساهم في تحملنا مرارة الغربة والبعد عن الأهل والأحبة كل تلك الفترة دون أن نشعر بأننا غرباء أو نبتة وافدة قد نبتت فجأة على بساط أرض الإمارات، ما جعلنا بدورنا نجزم أن ذلك الشعور الطيب النابع من القلب كنا نتقاسمه مناصفة مع أهل الدار الكرام..
ولعمري إن ذلك هو و(حجم)أفراد البعثة المشار إليه أعلاه لكانا بمثابة (تاج نجاح ذهبي) تكللت به مهمتنا وضعناه فوق رؤوسنا بكل فخر واعتزاز.
والآن حان موعد عودتنا إلى ديارنا الحبيبة – ولله الحمد- بعد انتهاء مهمتنا لدى الأشقاء في الإمارات،والتي حزنا قصب السبق بتكليفنا بها من طرف دولتنا الحبيبة(موريتانيا) خدمة لهذا البلد العزيز ووفاء لقائده الراحل، الشيخ الملهم والرجل الشهم، طيب الله ثراه، ولخليفته المظفر والقائد الأشهر، سمو الشيخ خليفة بن زايد بن سلطان آل انهيان، وولي عهده الأمين المقدر ،سمو الشيخ محمد بن زايد بن سلطان آل انهيان ولشعب الإمارات الأغر ، حيث تعلمنا أثناء مهمتنا تلك الكثير من الأشياء المفيدة، بما في ذلك صحبتنا لأناس طيبين شرفاء، أشرنا إليهم آنفا في وجهة السياق ،تمثل شخصيتهم الاعتبارية الوجه المشرق والضمير الحي لهذا البلد المكرم ولشعبه الشهم، يود المرء أن تظل علاقته بهم موصولة إلى آخر يوم من أيام العمر، لا لمنفعة شخصية – معاذ الله- جنيناها من تحت الطاولة كما يقال ،أو ما شابه ذلك من الأمور التي تدنس عِر ضَ الرجال إلى أبد الآبدين، وإنما كان ذلك لطيب صحبتهم ، وتخلقهم بالأخلاق الفاضلة.
إلى هنا تجدر الإشارة ويطيب العَوْدُ على بدء مرة أخرى قبل أن أختتم هذه الرسالة المتواضعة،- وإن كان عزائي في ذلك هو دماثة خلق الجهة المحترمة الموجهة إليها وسعة صدرها، ثم صدق العاطفة المتدفقة عبر رعاف قلم صاحبها ، لأقول مــــرة أخرى.. أصالة عن نفسي ونيابة عن أفراد بعثتي لعشب الإمارات المسرور بسماحة وكرم ولاة أموره البــــــدور في سماء الخليج مدى الأيام والدهور،ولكل السادة الضباط وصف الضباط الذين عملنا تحت
معيتهم، نستميحكـــــم عذرا- وبخدمتنا لوطنكم نتوقع أن نرتفع في نظركم قدرا-‘ إن كنـا قد قصرنا في أداء المهمة التي استضافتنا دولتكم الموقــــرة من أجلها دهرا، أو صـــــدر منا – لا قدر الله- فعلُ ما لا ينبغـــي ذراعا أوشبرا !.
وفي الختام دامت وازدهرت واعشوشبت علاقة الجمهورية الإسلامية الموريتانية، بشقيقتها دولة الإمارات العربية المتحدة ،وجزاكم الله عنا خيرا في البدء وفي الختام .
Maktoob.com@Ziyad58