في انتظار الأحداث الكبرى
مع مطلع عام 2011 الذي هو عام وتر “وان الله وتر يحب الوتر” تساقطت اعتي أنظمة الاستبداد في الوطن العربي تحت ضربات “نقر” على لوحة جهاز محمول لشبان يافعين كنا نعدهم – قبل أسابيع- من “الفاشلين” الذين لا يصلحون إلا “للانترنت” و”التلفزيون” و”الوجبات السريعة“..
جاء الفرج على يد هؤلاء الشبان بعد أن استسلم آباؤهم وأصيبوا بالإحباط في ظل ما يعانون من ظلم وقهر واستبداد محليا ودوليا.. جاء النصر مصداقا لقوله تعالى {حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم كذبوا جاءهم نصرنا فننجي من نشاء}..
هذه الثورات المباركة التي هزت عروش الفساد في وطننا العربي ستقربنا رويدا رويدا نحو تحقيق ما وعدنا الله به من أنه – بواسطة أحد عباده الصالحين- سيملأ هذه الأرض عدلا وإنصافا بعد ما ملئت جورا وظلما.
ومن الأدلة على ذلك أن مفجري هذه الثورات من الشباب يريدون – في اغلب الحالات- تغييرا سلميا تصان فيه الحرمات، وهم زاهدون في السلطة، لكنهم يمتلكون تصميما خارقا – كما شاهدنا-، ويستخدمون آليات وأساليب لم نكن نعتقد – ونحن آباؤهم- أن بإمكانها أن تغير واقع مدرسة معزولة، فإذا بها تغير واقع بلد بأكمله.
ومن أجمل ما في هؤلاء الشباب أنهم لا يتاجرون بالدين ولا بالشعارات، ومع ذلك يفهمون بعمق أهداف ثوراتهم وهم غير مستعدين – كما رأينا في تونس ومصر- للتنازل عنها أو الالتفاف عليها..
وهؤلاء الشباب هم أمل الأمة، والشباب كان دائما أمل الأمة، لكن هؤلاء الشبان صاحبهم توفيق خاص لم يحظ به غيرهم.. “ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم“..
وانني افهم ثوراتهم في سياق تطورات مذهلة يشهدها القرن الواحد والعشرون، وهو قرن وتر كذلك و”إن الله وتر يحب الوتر“.
ألم يبدأ بأحداث الحادي عشر سبتمبر 2001 المذهلة؟! وهي كذلك في يوم وتر وشهر وتر وسنة وتر.. أحداث هزت اكبر قوة مادية في العالم.. وقد اقترح احد الكتاب في ذلك الوقت أن تكون هذه الأحداث بداية لتقويم جديد بدل التقويم الميلادي بأن نؤرخ لما بعد هذه الأحداث ب : “ب،ن” أي بعد نيويورك..
ثم جاءت الملاحم والفتن التي يشهدها العراق الحبيب ، وفي خضم ذلك ظهرت بوارق أمل مثل: انتصار حزب الله في 2006 وصمود أبطال غزة في 2009، إلى أن جاءتنا هذه الثورات المباركة عام 2011.
هذه الأحداث حسب تصوري – والله اعلم ومن أن يضل أكرم- مقدمة لتغيرات كبرى سيشهدها العالم إيذانا بقرب الساعة.. ذلك اليوم الموعود الذي يقوم فيه الناس لرب العالمين.. يوم الآخرة الذي هو من اشد أيام الله عظمة وجلالا.
فقبل أربعة عشر قرنا كانت الدنيا قد آذنت بالرحيل؛ فنبينا ورسولنا محمد عليه أفضل صلاة وأزكى تسليم يقول: “بعثت أنا والساعة كهاتين- وأشار بإصبعيه الوسطى والتي تليها”. وقد اخبرنا الصادق المصدوق أن هناك أحداثا ستقع كمقدمات لهذا النبإ العظيم وهي المعروفة “بأشراط الساعة” أو “علامات الساعة”… ومن أبرزها المهدي المنتظر وعيسي ابن مريم وفي عهدهما ستمتلئ الأرض عدلا وتعود إليها بركتها، وذلك بعد أن ينتصرا على المسيح الدجال الذي وصف الرسول صلى الله عليه وسلم فتنته بأنها أعظم فتنة منذ ذرأ الله ذرية آدم عليه السلام… وحذر الأمة منه لأنه سيدعي الربوبية وستسخر له الأشياء استدراجا وفتنة.. ومن أشراط الساعة كذلك الدابة وظهور الشمس من مغربها وغيرهما..
لكن هذه الأحداث إذا جاءت واحدة منها فإنها ستتابع بسرعة تتابع حبات سبحة انقطع السلك الذي كان يجمعها…
وفي انتظار هذه الأحداث الكبرى، فإننا نأمل خيرا في ثورات الشباب ،والأمل رحمة من الله، سائلين الله العلي القدير أن يحفظنا ويحفظ الأمة كلها من الشرور والفتن ويحقق لنا النصر والتمكين..