نواكشوط ـ صحراء ميديا
كشف نائب رئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم في موريتانيا؛ محمد يحي ولد محمد حرمه، عن اتصالات متقدمة تقوم بها الأغلبية الرئاسية من أجل ضم حزب العهد الوطني للديمقراطية والتنمية “عادل” إلى صفها، مؤكدا أن الحوار معه قطع مراحل متقدمة في فترة رئاسة حزبه لائتلاف الأغلبية.
وقال ولد محمد حرمه؛ في تصريح لـ”صحراء ميديا”، إن المعارضة هي “أول من تنصل من اتفاق داكار، حيث لم تعترف بنتائج الانتخابات، “وهو أول بند من بنود اتفاق داكار”. واتهم المعارضة بـ”السعي من خلال المطالبة بالحوار إلى اقتناص فوائد سياسية من خلال الدخول في الحكومة، ليس إلا”.
وأشار نائب رئيس الحزب الحاكم إلى أن للحوار مستويات عدة، فهناك “الحوار المؤسساتي، وهو يجري في البرلمان وفي الصحافة، وفي مراكز البحوث والدراسات، والحوار بهذا المستوى متواصل”.
وأكد أنه في حالات الأزمات يكون الحوار “واجبا”، كما هو الحال في الأزمة السياسية التي تمخض عنها اتفاق داكار.
وقال “إن الظرفية الحالية مواتية للحوار بهدف خلق رأي عام وطني يدعم مواجهة الجيش الوطني لعصابات الإرهاب والجريمة المنظمة التي تستهدف الحوزة الترابية الموريتانية”.
وتساءل “حوار من مع من؟.. ذلك الحوار الذي يُتحَدث عنه”، قائلا إن “أقطاب داكار كانت ثلاثة: الأغلبية، والجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية، وتكتل القوى الديمقراطية”، ملاحظا أن قطبي المعارضة انصهرا في منسقية المعارضة الديمقراطية، متسائلا من بقي منهم هناك ومن خرج، مؤكدا أن “جميع الأطراف المعارضة ترحب بالحوار، باستثناء التحالف الشعبي التقدمي والاتحاد من اجل الديمقراطية والتقدم اللذين يتخذان موقفا متشددا”، في حين أن “عادل” و”تواصل” يرحبان بالحوار، ودخل حزب “تواصل” في لائحة موحدة مع حزبه في التجديد الجزئي لمجلس الشيوخ العام الماضي.
وقال القيادي في الحزب الحاكم إن الرئيس محمد ولد عبد العزيز قدم للمعارضة “أكثر من داكار”، حيث صرح باستعداده لحوار معهم بدون قيد ولا شرط في جميع المواضيع وفي أي مكان.
وقال ولد حرمه إن “حزبه قام بمبادرات من أجل الحوار، حيث نظم أياما للتشاور حول الحكامة المتوخاة لموريتانيا بعد خمسين عاما من الاستقلال، ووجه دعوة للمعارضة بهدف المشاركة فيها، غير أنها فضلت أن لا تشارك باستثناء حزب “تواصل” الذي قبل الدعوة”.
وأكد أن عرض الأغلبية كان الأوسع والأكبر، “أوسع حتى من اتفاق داكار”، وتساءل “لماذا الإصرار على مرجعية داكار؟”، وقال إن “اتفاق داكار ينص على إمكانية تفاهمات سياسية حول الشراكة في الحكم، وهو ما يبحثون عنه”.
وتساءل “أي عرض يقدمونه للحوار؟”، وأضاف “لم يقدموا أي مقترحات جوهرية حول الحوار، في حين قدمت أحزاب الأغلبية مقترحات للحوار”.
وقال ان “الانتخابات تفترض رابحا وخاسرا، وأن المنهزم عليه أن يقنع بمكانه في المعارضة، فلا يمكن أن يكون خاسرا ورابحا في وقت واحد”.
وأكد أنه “من عدم النضوج السياسي المطالبة بحكومة وحدة وطنية، في حين انه لا يفصل عن الانتخابات البرلمانية والمحلية إلا عام واحد”، قائلا “إن الأحزاب تخرج من الحكومات الائتلافية في مثل هذه المرحلة لتعرف وزنها وشعبيتها”، وأردف “إذا أصروا هم على ذلك سنرفضه نحن”.
طي صفحة الحوار
محمد ولد مولود؛ رئيس حزب اتحاد قوى التقدم والرئيس الدوري لمنسقية أحزاب المعارضة، قال إن الحوار مع النظام الحاكم هو “صفحة تم طيها على الأقل في الوقت الراهن”، بعد اللقاء التلفزيوني الذي أجراه ولد عبد العزيز مع الصحافة الدولية والوطنية.
وأشار ولد مولود في تصريح لصحراء ميديا إلى أن المعارضة كانت تسعى لإيجاد حل لما تعتبره أزمة سياسية، مؤكدا أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز تنكر أثناء الحوار التلفزيوني لاتفاق داكار الذي يشكل مرجعية للأطراف السياسية في البلد، “وهو بذلك يمتنع من إنهاء الأزمة السياسية”؛ يقول ولد مولود.
وقال الرئيس الدوري لمنسقية المعارضة إنه، بحسب الاتفاق الذي جاء بعد الأزمة السياسية الناتجة عن الانقلاب العسكري الذي قاده الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز ضد الرئيس السابق سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، تقتضى بنوده أن تتم معالجة الأزمة بعيد الانتخابات الرئاسية التي جرت في الثامن عشر يوليو العام الماضي، نظرا لضيق الوقت آنذك، لكن ولد عبد العزيز كما يقول ولد مولود “حصر بنود الاتفاق في إجراء الانتخابات الرئاسية”.
وأضاف ولد مولود:”والرئيس بذلك يضع الكوابح في عربات قطار المسار السياسي داخل البلاد، وبالنسبة لنا كمعارضة فالأزمة السياسية باقية على حالها، ونعتقد أن الوضع الحالي لا يسمح بالتعاطي الايجابي في موضوع الحوار مع النظام مادام الطرف الحاكم يتنكر للاتفاقيات التي وقعها”.
مواقف منسقية أحزاب المعارضة من الحوار مع النظام بدت منسجمة باستثناء ما تتحدث عنه مصادر سياسية وإعلامية من خلاف داخل أحزابها مع “حزب تكتل القوى الديمقراطية”، رغم التطمينات التي قدمها رئيس الحزب أحمد ولد داداه؛ زعيم المعارضة الديمقراطية، باستمرار التنسيق مع قادة الجبهة، بعيد لقاء جمعه بالرئيس محمد ولد عبد العزيز.
سياسة مرتبكة
من جهته قال محفوظ ولد بتاح؛ رئيس حزب اللقاء الديمقراطي، إن من شروط الحوار الضروري وجود طرف جدي قابل للتعاطي مع الآخر، و”هذا ما نفتقده نحن في المعارضة، إذ لم نجد من السلطة الحاكمة بعد كل مطالباتنا لها بالحوار إلا المماطلة وكسب الوقت والادعاء بين الحين والأخر أنها ترغب في حل جدي”؛ بحسب تعبيره.
وأشار ولد بتاح، فى تصريح لصحراء ميديا، إلى أن إطلالة الرئيس ولد عبد العزيز التلفزيونية الأخيرة، وإعلانه تحلله من اتفاق داكار الذي وقع عليه هو “إعلان موت الحوار بالنسبة لنا كحزب داخل المعارضة”.
وأضاف: “كنا نعتقد أن أمن البلد واستقراره يهم النظام أكثر من غيره، لكننا تفاجأنا به يدخلها في حرب مفتوحة مع القاعدة دون التشاور حتى مع داعميه”. مشيرا إلى أنه “بقدرة قادر تحولت تسميتها إلى حرب مع تجار المخدرات وقطاع الطرق الذين تم إطلاق سراحهم بدعوى أن لا وجه للمتابعة”؛ على حد وصفه، في إشارة إلى معتقلي عملية لمزرب، وختم حديثه بالقول إن البلد “محكوم من قبل نظام ذو سياسة مرتبكة”.
مسؤولية مشتركة
الصحفي والمحلل السياسي الموريتاني السالك ولد عبد الله قال إنه حتى الآن لم يتبلور أي حوار سياسي فعلي بين الأغلبية والمعارضة، إلا أن اللقاءات التي أجراها رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز مع قادة أحزاب المعارضة، كل على حدة، كشفت عن وجود استعداد لدى الرئيس للتحاور مع المعارضة، التي عبر قادتها بدورهم عن استعداد مماثل”.
وأضاف ولد عبد الله، في لقاء صحراء ميديا، إنه “يمكن القول إن الحوار السياسي في موريتانيا ما زال في مرحلة التعبير عن الاستعداد وإعلان النوايا، وبطبيعة الحال هذا غير كاف للحديث عن حوار فعلي جاد وبناء”.
وعن إمكانية الحوار وضرورة إطلاقه في ظل المعطيات المتوفرة على الأرض، قال ولد عبد الله “إن الضرورة قائمة أصلا بوجود نظام ديمقراطي تعددي في البلد.. فلا ديمقراطية بدون حوار سياسي جامع. أما الإمكانية فتحتاج إلى توحيد المواقف والآراء داخل المعارضة حتى لا تجد الأغلبية حجة لتقول إنها تريد الحوار فعلا لكنها لم تجد مُحاورا منسجما ومتفقا حول رؤية موحدة. إمكانية الحوار قائمة لكنها تتطلب تجاوز بعض الأمور الشكلية المثيرة للخلاف بين قطبي المشهد السياسي الوطني، خاصة موضوع اتفاق دكار.. “.
وبخصوص سؤال حول من يتحمل مسؤولية تعطيل الحوار؟ أجاب الصحفي السالك قائلا “إن الأغلبية والمعارضة تتحملان معا مسؤولية تعطيل الحوار، الأولى لأنها لم تتقدم بخطوة عملية لإطلاق الحوار، والثانية لأنها لم تتجاوز بعد عقدة اتفاق دكار وصدمة نتائج اقتراع 18 يوليو 2009..”