أستاذ تعليم عالي مؤهل، كلية الحقوق جامعة نواكشوط
محام لدي المحاكم
(…)كان العزم ـ أبناء البلاد السائبة ـ الصدوف عن طرق كبريات القضايا ، ليقين راسخ ، عضده وعي تاريخي ، وتجربة مريرة ، مبناه أن أبناء هذه الأرض القائمين علي شأنها العام لا يعون ـ للأسف ـ ما يفعلون ، و إن وعوه لا يفعلون حياله اللازم ، و إن استحضروا نية فعل اللازم لا تترك بطانة السوء ـ الراسخة ، المستشرية ، في الفعل السياسي منذ سنين خلت ـ لفعلهم معني ، مما يعضض قناعة ترجمتها بعض مقولات البيضان ، بشأن كل نازل بين ظهرانيهم يخشون بوائقه … ويتحفظون سؤاله عن أصله ومنبته… ” خلوه يكبظ صاحب” …
فكانت أفكاري تدون في قصاصات ورق ضاقت خزائني ـ ضيقة النطاق ـ بتحملها ، وتعبت سلات مهملاتي الإفراغ ، وفسدت كل أجهزتي التخزينية ، فكم من مواضيع سطرت حولها أفكارا منع اليأس و الإحباط إخراجها ، فانكفأت علي ذاتي ، ووصفت تبعا لذلك بشتي النعوت …
أما وقد طفح الكيل ـ و تعددت النعوت ـ فقد رأيت لزاما الإدلاء بدلوي في بعض كبريات قضايا البلاد السائبة ، نصحا ، ونفيا لبسيط القرائن ،و أملا في أن أجد من بين ذوي النيات الصادقة ـ و قليلون هم ـ من يستمع إلي نداء ولو كان نشازا… لطولما أقعدت صاحبه هموم و طنه ومساكنة أصحاب الفاقة و العجز في الكزرة ـ وغيرها ـ عن مجالسة البيضان و الاستماع إلي تندراتهم ،انطلاقا من قاعدة مبناها أنه من باب الاستمتاع ببعض مجالس أرض البيضان سماع النشاز …
أبناء البلاد السائبة ، إنها سانحة أحاول من خلالها مد زملائي ، الفاعلين في بعض الورشات ،من غير أهل الاختصاص ـ فحسب ما تناهي إلي علمي لم يشارك في عرض جامعة نواكشوط أي أستاذ من أساتذة القانون الخاص ـ بخواطر منعني شط المزار ، وصعوبة المشاركة لو كنت بين ظهرانيهم ، لاعتبارات يضيق المقام عن ذكرها … ولعلي أومأت إلي بعضها في استهلالي الموضوع … .
مؤملا ألا يجد مثقفوا البلاد السائبة ، ومحتكروا ثقافتها ـ احتكارا كان في بداياته فعليا و صيره الاستبداد قانونيا ـ وألوان طيفها السياسي، حرجا من بعض الأفكار والتداعيات التي أعتقد صحتها ـ مع أنها صواب يحتمل الخطأ ـ وهي رؤي قد أكون في أحايين كثيرة ، صريحا في طرحها صراحة مفرطة ، تلاقحت دماء … فأنتجتها …مخصصا هذه الأسطر لخواطر علي هــامش الحـــوار الوطني لمحاربة الإرهاب و (…).
وهو الحوار الذي تنظمه وزارة دفاع الأرض السائبة ، رغم تحفظي علي جهة الاختصاص وبعض عناصر العنوان فلم أتمالك من حذفها ، و استعاضتها بنقاط تتابع علها تكون أشفي للغليل … كما الشأن في مفهوم الحوار الذي أعتقد أنه : خطاب فكري يتغيي تجاوب متلقي معين ، آخذا رده بعين الاعتبار ، بغية تشكيل قناعة أو التوصل إلي موقف بشأن نقطة غير معينة حلولها سلفا و إنما هي في منتصف الطريق بين الطرفين ،فالحوار تبعا لذلك يفترض فكرة الطرفية ، ذلك أنه يستهدف : معرفة أطروحات الطرف الثاني وحججه بشأن القضايا موضوع الحوار… تبصيره بما قد يغيب عن علمه من معلومات و و جهات نظر حول الموضوع المطروح … العمل علي إقناعه ومن ثم إقلاعه عن بعض الرؤي و الأفكار التي يعتقد صحتها ، كليا أو جزئيا ، والحال أن نيته مغلوطة ، الكشف عما لدي المحاور من حقائق و إيجابيات ، و الاعتراف بها وقبولها و الاستفادة منها .
وحسب معلوماتي ـ المتواضعة ـ لم يحضر الطرف الموهوم ـ أصالة ـ و لم ينب أحدا للحديث عنه …أو التفاوض … أحري الحوار .
ولا أعتقد أنه بالتهديد بالويل والثبور من طرف أعلي هرم السلطة يكون حوار ، فقد أفقد رئيسكم حواركم كل دلالاته، الفكرية ، وما ذالك بغريب علي أمثاله …فالفكر ـ زعيم البلاد السائبة ـ لا يواجه إلا بالفكر ، و الكلمة لا تواجه إلا بالكلمة … و الكي آخر الحلول… وما كل الناس يقنعه و يغير مواقفه … فتات موائد فقيرة لا تسع مريديها ، لفقرها الأصيل …
أبناء البلاد السائبة سأتبع في سرد خواطري منهجا مبسطا أحاول خلاله التطرق لمصطلح الإرهاب شرعا و لغة وقانونا( أولا) مبينا عوامل ومعضلات أعتقدها عملت وتعمل وستعمل علي تعشيش ظاهرة الإرهاب بكل تجلياتها في بلادكم أملي أن تجد معالجة قبل اتساع الفتق علي راتقيه ولات حين مندم (ثانيا).
أولا ـ الإرهاب شرعا و لغة و قانونا :
وهنا أتطرق لفهم الشريعة الإسلامية السمحاء وتعاطيها مع مصطلح الإرهاب ،رغم منــزعي الأصيل إلي عدم إقحام شريعة السماء في التأويلات الضيقة ، المتزلفة لغير أهل الاختصاص والدراية بالشأن حين يطلب ولي نعمتهم … وصفة جاهزة أو إلباس حالة لبوسا… ثم أبين الدلالة اللغوية لفكرة الإرهاب محاولا تأصيله قانونا وذلك في نقاط ثلاثة .
1 ـ فهم الشريعة الإسلامية لدلالة مادة رهب:
لئن ظهرت بعض اشتقاقات مادة رهب في الشريعة الإسلامية السمحاء ـ كتابا وسنة ـ فما ذلك إلا بحكم شموليتها و مرونتها وصلاحيتها لكل زمان و مكان ، دون أن يعني اعتبار المسلمين والمؤمنين و المحسنين بكل مظاهرهم (لحي … حجاب … نقاب …) هم أصل كل بلاء … إنما العكس هو الصحيح.
لقد وردت صيغ عدة لفعل رهب لكن بمعان ودلالات أعمق و أشمل من ما يتصور الحاقدون ومحملوا الأشياء ما لا تحتمل ، ونحن نوردها ، تحرزا من الخلط و الإيهام المغلوط ، المبنيان علي تعسف مشط وذلك بعد سبرها ودراستها . فقد ورد في القرآن الكريم ذكر لفظ الرَهَـبَ، أو أحد مشـتقاته اثنتي عشـرة مرة في عشـر سـور قرآنية، هي: البقرة، المائدة، الأعراف ـ ذكرت فيها مرتين ـ ، الأنفال، التوبة ـ ذكرت فيها مرتين ـ ، النحل، القصص، الأنبياء، الحديد، الحشر،وقد وردت في الهيئات اللغوية التالية:
ـ وردت لفظة الرهب ـ في سورة البقرة الآيـة (40) في قوله تعالى: (يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفـوا بعهـدي أوف بعهـدكم وإيـاي فـارهبـون ) .
ـ جاءت لفظـة الرهب في سورة المائـدة الآيـة (82) في قوله تعالى: ( لتجدن أشـد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبـانـا وأنهم لا يستكبرون).
ـ وردت لفظة الرهب في سورة الأعراف الآية : (116) في قوله تعالى: (قـال ألقـوا فلما ألقـوا سـحروا أعين الناس واسـترهبوهم وجـاءوا بسـحر عظيم)
ـ وردت لفظـة الرهـب ، في سـورة الأعـراف الآية (154) في قوله تعالى: (ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح وفي نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون)
ـ وردت لفظة الرهب ، في سورة الأنفال الآية رقم (60) في قوله تعالى (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل تـرهبـون به عدو الله وعدوكم وءاخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شـيء في سـبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون) .
ـ وردت لفظـة الرهـب في سـورة التوبـة في آيتين ـ الآيـة 31 في قولـه تعالى: (اتخـذوا أحبـارهـم ورهبـانـهـم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون).
ـ الآيـة 34 في قوله تعالي : (يأيها الذين آمنـوا إن كثيرا من الأحبـار والرهبـان ليأكلـون أمـوال الناس بالباطل ويصـدون عـن سـبيل الله والذين يكنـزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سـبيل الله فبشـرهم بعـذاب أليم)
ـ وردت لفظـة الرهـب ـ في سـورة النحل في الآيـة (51) في قوله تعالى: (وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فإياي فارهبون)
ـ وردت لفظة الرهب ـ في سـورة الأنبيـاء في الآية (90) في قوله تعالى: (فاستجبنا له ووهبنا له يحي وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسـارعـون في الخيرات ويدعوننـا رغبـا ورهبـا وكانوا لنا خاشعين) .
ـ وردت لفظة الرهب ـ في سورة القصص في الآيـة 32 في قولـه تعالى: (اسـلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء واضمم إليك جناحك من الرهب فذانك برهانان من ربك إلى فرعون وملإيه إنهم كانوا قوما فاسقين) . .
ـ وردت لفظـة الرهـب ـ في سـورة الحديد في الآيـة رقم (27) في قوله تعالى: (ثم قفينا على آثارهم برسلنا وقفينا بعيسى ابن مريم وآتيناه الإنجيل وجعلنـا في قلـوب الذين اتبعـوه رأفـة ورحمـة ورهبانيـة ابتدعوهـا مـا كتبناها عليهم إلا ابتغـاء رضـوان الله فمـا رعـوهـا حـق رعـايتهـا فـآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم وكثير منهم فاسقون).
ـ وردت لفظـة الرهـب ـ في سـورة الحشر في الآية (13) في قولـه تعالى: (لأنتم أشـد رهبـة في صدورهم من الله ذلك بأنهم قوم لا يفقهون) .
وباستقراء هذه المعاني و سبر آراء المفسرين حولها ، نتبين بعض معاني لفظـة الرهـب، ففي قوله تعالى في سورة البقرة (يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفـوا بعهدي أوف بعهدكم وإيـاي فارهبون) البقرة آية : 40، جاء الحديث عن بني إسرائيل، وذلك من باب عناية الله سبحانه وتعالى بنا في كشفه حقيقة اليهود الخفية، وإظهار ما انطوت عليه نفوسهم الشريرة من خبث وكيد ومكر وتدمير ليحذرهم المسلمون وعامة المستقبلين لهذا الخطاب السماوي المعجز … وما إصرار الخيرين من أبناء بلاد شنقيط علي قطع العلاقات معهم إلا فهما لمقتضيات هذا الخطاب …
لذلك دعا الله سـبحانه وتعالى البشر ـ وخص بني إسـرائيل ـ إلى توحيده الخالص وعبادته لوحده من دون غيره، وأقام لدعوته الحجج والبراهين، ثم ذكّر بني إسـرائيل بالنعم التي أنعم عليهم وعلى آبائهم وأجدادهم من قبل، وتفنن في مخاطبتهم بكل أساليب الخطاب، إلى أن وصل حد تقريعهم بالرهبة والخوف منه…
وقد ورد البناء اللغوي للفظة نفسها ،الرهب ، فارهبون ، في سورة النحل الآية 51 في قوله تعالى: (وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فإياي فارهبون)، لتذكير الناس بضرورة إفراد ه سبحانه وتعالى بالطاعة والعبادة له وحده، والخشية والخوف منه دون سواه، ولفظة الرهب (فارهبون) كصفة منسـوبـة لله سبحانـه وتعالى اقترنت بأسِّ من أسس هذا الدين، وهو أسُّ الإيمان والتوحيد. وقد ذكرت منسوبة لله تعالى في أثناء توجيهها للكفار والمعاندين عموما، ولبني إسـرائيل خصوصا، بهدف تربية حس الشعور بالخوف والرهبة في القلوب منه تعالى، بل إنه صلي الله عليه وسلم عبر عن نفسه في هذا السياق بأنه نبي الرعب …أو كما قال صلي الله عليه وسلم .
فالآيتين الكريمتين اقترنتا بمسألة التوحيد وخصت عموم الكفار والمنافقين والمعاندين، وعنت بوجه أخص بني إسرائيل، الذين يسعون اليوم عن طريق وسائلهم العديدة لإبعاد ظاهرة الإرهاب ، عن أنفسهم وإلصاقها بالمسلمين ، وهم من أوائل من خوطب بها من قبل من لا تخفي عن علمه خافية .
كما وردت لفظة الرهب ـ استرهبوهم ـ في سورة الأعراف الآية 116 في قوله تعالى: (قـال ألقـوا فلما ألقـوا سـحروا أعين الناس واسـترهبوهم وجاءوا بسـحر عظيم)، متضمنـة حال الرهب التي صنعها السحرة ليسترهبوا أعين العامة بسـحرهم وخيالاتهم، ومن خلال البناء الصرفي للفعل لزيادة المطاوعة في صناعة حال الرهبة الوهمية في نفوس العامة.ولك أن تعتبر السين والتاء في استرهبوهم للتأكيد أي: أرهبوهم رهبا شديدا، كما يقال استكبر واستجاب، ويتبين من خلال لفظ :استرهبوهم التصاقها بالسحرة والمشعوذين …
وقد وردت اللفظة بصيغة الفعل المضارع من الأفعال الخمسة المبني للمعلوم في سورة الأعراف في في الآية 154 قوله تعالى: (ولما سـكت عن موسـى الغضب أخـذ الألـواح وفي نسـختها هـدى ورحمـة للذين هم لربهم يرهبون ) موسـى عليه الصلاة والسلام، وخصص الرهبة لله وحده عندما تقدم لفظ الجلالة ـ لربهم ـ تخصيصا، وهو مفعول به مقدم ُجر هنا بحرف الجر لتقدمه .
والرهبـة في هذا السياق دلت على الخشـية من الله تعالى، والتصقت بفئـة المؤمنين من قوم النبي موسـى عليه الصلاة والسلام، فصار هناك راهب، ومرهوب، وأمر مرهوب منه، و موئل ذلك كله الخوف من بطشه وأخذه تعالى.
كما وردت اللفظة ـ في سورة الأنفال الآية 60 في قوله تعالى: (وأعدوا لهم ما اسـتطعتم من قـوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وماتنفقوا من شيء في سبيل الله يـوف إليكم وأنتم لا تظلمون) ـ بصيغة فعل المضارع من الأفعال الخمسة المبني للمجهول، لأن التخويف والإفـزاع هنا منصب على طوائف متعددة من أعداء الله ودينـه، من اليهود والمشركين وغيرهم، وعليه فالإرهاب في هذا السياق حق مشروع و إمكانية أعطاها المولى تبارك وتعالى للمسلمين ليوقفوا خطر أعدائهم من المناوئين والمحاربين لله ولرسوله ـ وليس للمسالمين من الأمم الأخرى ـ فهو حق شـرعي منحه الله لعباده المسلمين ـ زمن الحرب ـ تخويفا لأعداء الله الذين يقعدون للمسلمين كل مرصد… إيذاء وتخضيد شـوكة ، وهو حق مشروع في الدفاع عن النفس والعرض والمال والوطن …فلفظ الإرهاب جاء بهدف جعل الآخر راهبا أي خائفـا،إذ العدو إذا علم استعداد عدوه لقتاله خافه، ولم يجرؤ عليه، فكان ذلك هناء للمسلمين وأمنا من أن يغزوهم أعداؤهم، فيكون الغزو بأيديهم… يغزون الأعداء متى أرادوا، ثم إنه من قواعد الحرب ـ رغم تواضع خبرتي بها ، وغياب من يعطي القدوة في البطولة بين عسكريي البلاد السائبة الذين يصدفون عن المرابطة مؤثرين رغد العيش و وأكل المال العام ـ أنك إذا رهبت تجنب عدوك إعانة الأعداء عليك …و لعل استنتاجي هذه القاعدة مبناه إدراكي أنه بأضداها تعرف الأشياء …
كما أورد المولى تبارك وتعالى في سورة الحشر أحد مشتقات لفظ الرهب ـ رهبة ـ بصيغة المصدر الدال على الهيئة وذلك في الآية 13 في قوله تعالى: (لأنتم أشد رهبة في صدورهم من الله ذلك بأنهم قوم لا يفقهون)، مبينا سبحانه وتعالى حقيقة نفسية ومعنويات اليهود الغادرين، وهو يقص علينا وقائع جلاء بني النضير عن المدينة المنورة بعد محاصرة المسلمين لهم.وحالة الرهب التي حصلت لهم، إنما نشأت من جبلتهم الجبانة و استكانتهم للدعة وحياة العبودية، و ضعف إيمانهم وعدم انصياعهم لتعاليم الإسلام، و حبهم الشديد للدنيا … وهي صفات نرجو أن لا تنبت بعد أن بذروها إبان إقامتهم بين ظهراني أرض المنارة و الرباط يوم أطلق لهم أبناء البلاد السائبة العنان ومجدوا التواصل معهم … ولازال بعض أبناء البلاد السائبة يتعهدها معطيا المثال في النفاق و التزلف وكل سيء الأعمال …
كما ورد لفظ الرهب في سورة القصص في الآية: 32 في قوله تعالى: (اسـلك يـدك في جيبـك تخـرج بيضـاء من غير سـوء واضمم إليك جناحك من الرهب فذانك برهانـان من ربـك إلى فـرعـون وملإيه إنهم كانوا فاسـقين)، ليدل على منتهى الـخوف والانبهـار من معجزة الله تعالى لموسى بإضاءة اليد.
كما ذكر لفظ ،الرهب، المصدر الدال على الهيـئة والحال في سـورة الأنبياء في قولـه تعالي في الآية 90 : (فاسـتجبنا لـه ووهبنا لـه يحي وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسـارعـون في الخيرات ويدعوننـا رغبـا ورهبـا وكانوا لنا خاشـعين)، وهي صيغة دالة على الرجاء والأمل والرغبة في عطاء الله تعالى، والخوف من عذابه ، والرغـب والرهـب مصدران من رغب ورهب أي ذو رغب ورهب
كما ذكرت اللفظة بأحد مشـتقاتها ثلاث مرات بصيغة اسم الفاعل الجمع عن عبَّاد النصارى، فصار الاسم يدل على عبَّادهم ومترهبيهم على طريـق الرهبانيـة في الآية 31 من سورة التوبة قولـه تعالى: (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسـيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سـبحانه عما يشركون)، وفي قوله تعالى في الآيـة رقم (34) من سورة التوبة: (يأيها الذين آمنـوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليـأكلـون أمـوال الناس بالباطـل ويصـدون عـن سـبيل والـذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سـبيل الله فبشـرهم بعـذاب أليم)، وفي الآية 82 من سورة المائدة قوله تعالى: (لتجدن أشـد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيـسين ورهبـانـا وأنهم لا يسـتكبرون).
كما ذكرت عبادتهم الرهبانية في الآية 27 من سورة الحديد في قوله تعالى: (ثـم قفينا على آثارهـم برسـلنا وقفينا بعيسـى ابن مريم وآتيناه الإنجيل وجعلنـا في قلـوب الذين اتبعوه رأفة ورحمـة ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغـاء رضوان الله فما رعـوها حق رعـايتهـا فـآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم وكثير منهم فاسقون .والرهبانية هي: رفض النساء، والابتعاد عن الشهوات، واتخاذ الصوامع للعبادة فقط، واعتزال الناس وتجنب ملاذ الحياة.
هذه أبناء البلاد السائبة ، بعض دلالات لفظة إرهـاب في القرآن الكريم ، استقرأها غير مختص ،من خلال الآيـات التي وردت فيها، ومنها تتبين حقائق نعرضها تباعا :
ـ اقترنت لفظة الرهب ـ فارهبون ـ بمسألة التوحيد والعبادة والطاعة، وخصت عموم الكفار والمنافقين والمعاندين، وعنت بوجه أخص بني إسـرائيل، الذين يسعون اليوم بوساطة وسائلهم الكثيرة لإبعادها عن أنفسهم وإلصاقها بالمسلمين
ـ التصقت لفظة الرهب ـ استرهبوهم ـ بالسحرة والمشعوذين …
ـ دلت لفظة الرهب ـ الرهبة ـ على الخشية من الله تعالى، والتصقت هنا بفئة المؤمنين من قوم موسى عليه الصلاة والسلام، فصار هناك راهـب، ومرهـوب، وأمر مرهـوب منه، وهو الخـوف من بطشه تعالي وأخذ ه .
ـ أبانت لفظة الرهب ـ ترهبون ـ عن الترهيب لأعداء الله، وركزت على أنه حق شرعي منحه لعباده المسلمين زمن الحرب، لإرهـاب أصناف المعتدين من أعداء الله، ممن يقعدون للمسلمين في كل مرصد بهدف إيذائهم وتخضيد شـوكتهم.
ـ أسفرت لفظة الرهب ـ الرهب ـ عن منتهى الخوف والانبهار من معجزة الله تعالى لموسى بإضاءة اليد
ـ جاءت لفظة الرهب ـ رهبا ـ دالة على الرجاء والأمل والرغبة في عطاء الله، والخوف من عذابه .
وعليه فالرهب كما ضبطت أبعاده ومعالمه الآيات القرآنية حالة نفسية داخلية باطنية، تتجسد ظاهريا وسلوكيا في تصرفات الفرد، وهي علاقة بين طرفين راهب ومرهوب، ربطها الله سبحانه وتعالى بنفسه عند إرادته التخويف لعموم الكافرين، ولخصوص اليهود المعاندين. وهي حق شرعي منحـه الله لعباده المؤمنين للدفاع عن بيضة الأمة ، ضد أعداء الله …
ولئن ذهبت بعض الأدبيات السياسية الحديثة إلى نعت العرب والمسلمين بالإرهاب بمعناه السلبي رابطة بينه و الجريمة المنظمة التي ينشط فيها تجار المخدرات و أكلة المال العام حين تضيق به خزائنهم ، جاهدين عبر سائر مؤسساتهم ووسائلهم على إلصاقه بالإسلام، متخذين بعض الأعمال المعزولة التي يقوم بها بعض العرب والمسلمين للتعبير عن عدالة قضاياهم فإن ذلك لا ينبغي أن يحيد بأبناء هذه الأمة عن المحجة …
في ضوء ما سلف و تأسيسا عليه وإعمالا للاستنتاج بمفهوم المخالفة نري أن المفهوم القرآني للإرهاب اعتباره : “ المحاولة أو الفعل الهادف إلى ترويـع الآمنين المطمئنين في أي بقعـة في العالم، تجاه أي جنس، أو عرق، أو شعب ـ بغير حق ـ وإلحـاق الضرر والأذى والتدمير والقتل بهـم، لابتزاز وتخضيع حكوماتهم ودولهم لمآرب غير شرعية أو قانونيةوبذلك يقترب من فكرة الحرابة .
2 ـ الدلالة اللغوية لفكرة الإرهاب:
تشير معاجم اللغة العربية إلى أن كلمة رَهِـبَ بفتح الراء، وكسر الهاء وفتحها، وفتح الباء، ترد بمعنى خاف وخشي، ومصدرها الرَّهَبُ و الرهب هو: الخوف والرعب والخشية والفزع .
يقال:أرهبه، واسـترهبه أي: خافه ، ويقال ترهَّبه، أي: توعده
و الترهُّب هو: التعبد ، واسـم الفاعل منها الراهب، و الراهب هو :العابد المتنسك من عباد النصارى ، وسـموا كذلك لكثرة ترهبهم وخوفهم وخشيتهم من الله، وجمعـه رهبـان ، وقد ورد في الأثـر في وصف الصحابة رضوان الله عليهم: رهبان بالليل، فرسان بالنهار
والرهبان: هم عباد النصارى المترهبون على طريق سـموه الرهبانية، وقد ورد قوله عليه الصلاة والسلام: لا زمام ولا حزام ولا رهبانية في الإسـلام..
ومن خلال المقاربة اللغوية للفظة الإرهاب نتبين أنه: الإخافة، والإفزاع، والإرعاب
ثم إنه ورد في دلالته اللغوية دون إعطائه معنا قدحيا ، ودون بيان أسبابه ، فقد يكون الترهيب مذموما ممقوتا وقد يكون مشروعا، محمودا …إذ الأمور بسياقاتها … نتبين ذلك من خلال مثال المقاومة ، في فلسطين والعراق ، و التي جاءت ردة فعل علي الاحتلال المقيت ، مثبتة أن البلد المحتل في البلاد العربية هو البلد غير المحتل لانعدام المقاومة المشروعة فيه ، وطغيان الاستكانة و لعق أواني الحاكم الفقيرة أصلا ، فتخويف المحتل و إرهابه أمران تقرهما شريعة السماء وترضاهما نواميس الكون …حين التعرض لظلمه و حيفه .
3 ـ التأصيل القانوني لفكرة الإرهاب : مهم أن ندرك ـ أبناء البلاد السائبة ـ ما يعتري بعض الدول من هواجس ، تحول بينها والاحتكام إلي تعريف قانوني دقيق لفكرة الإرهاب ، حرصا علي إلقاء طابع هلامي… مطاط …. علي هذا المفهوم يتيح الانفلات من انطباقه علي أعمالهم وما مثال ما بث بشأن الممارسات غير الإنسانية في العراق المحتل عنا ببعيد . .. مصداقا لقول الشاعر :
إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه وصدق ما يعتاده من توهم
ومن ثم تختلط فكرة الإرهاب في أذهان الفاعلين الدوليين بفكرة التحرر الوطني ، وحق الشعوب في المقاومة المشروعة لنيل الاستقلال …غير أن نظرة متمعنة فاحصة تبين أن ميسم الإرهاب وطابعه المميز ـ بخلاف المقاومة المشروعة ـ انعدام البطولة ، وطابع الخسة لأنه يتم من خلال تنظيم يحضر أدوات الجريمة الإرهابية و خطة و توقيت هذه الجريمة … دون سابق إعذار ، ويكون ضحاياه أبرياء منبتوا الصلة ـ بأهداف عصابات الإرهاب والمافيا المنظمة ـ إنما وجدوا صدفة في مكان العملية الإرهابية .
فالإرهاب تبعا لذلك : استخدام غير مشروع للعنف أو تهديد باستخدامه لبواعث و أهداف غير مشروعة، هادفة إلى بث الرعب بين الناس كل الناس معرضة حياة الأبرياء للخطر، سواء أقامت به دولة أم مجموعة أم فرد ، وبذلك يختلف كلياً عن حالات اللجوء إلى القوة المسلحة في إطار المقاومة المشروعة.
وبالعودة إلي القانون رقم: 058/ 09 الذي يلغي ويحل محل القانون رقم 047/ 2005 الصادر بتاريخ: 26 يوليو2005 المتعلق بمكافحة الإرهاب ـ ونحن نورده بالرغم من قرار المجلس الدستوري، في جلسته بتاريخ 03/03/2010 القاضي بعدم دستورية بعض مقتضياته وبخاصة ما يتعلق منها بعبارة دون أن يكون التصنيف حصريا، والذي كلفه من أمره عسرا ،دون أن يغيب عنا ، بداهة ، أن المعالجة السليمة ينبغي أن تكون لقانون مقترح ومناقش ومصدر بالطريقة العادية أو غير العادية وفقا للظروف . إلا أن هذا القانون يشي بنية تشريعية لدي مشرعي البلاد السائبة مهم أن نبرزها ونتناولها ، و تتأكد وجاهة ذلك المنحي في ظل إبعاد الرئيس السابق للمجلس الدستوري عن منصبه بعد امتناعه عن تمرير القانون سالف الذكر ، و إحلال آخر محله قناعتنا المعززة بماضيه … أنه لن يعصي لسادة القصر الرمادي أمرا ـ نتبين أن التعريف الذي جاءت به المواد : 3 و 4 و 5 يشي بنية المشرع الموريتاني الأخذ بتعريف للإرهاب من خلال إطار عام يمتد لكل من الإرهاب الدولي و الوطني ، آخذا بمنهج تحليلي لمجموعات أساسية للأعمال الإرهابية ـ ودون أن يكون التصنيف حصريا ـ وفي ذلك خرق بين للمدإ الدستوري القاضي بشرعية الجرائم و العقوبات و الذي من شأن إعمال صحيحه سد الباب أمام التعسف المطلق للقاضي ومن باب أولي ضباط شرطة البلاد السائبة …
وبالرجوع إلي المواد: 3 و 4 و 5 من القانون ـ الملغي ـ يتبين أنه اشترط تضافر عناصر ثلاثة لإضفاء وصف الإرهاب علي الأعمال الإجرامية:
1 ـ عنف ذو طبيعة معينة أو مضمون معين
2 ـ أن تسفر عن العنف ـ السالف ـ جرائم يمكن أن تفضي بحسب طبيعتها أو ظروفها الزمكانية إلي إحداث ضرر بين ، جسيم ، و الإمكان مبناه الاحتمال ، الذي يقتضي أن جرائم الإرهاب من جرائم الخطر ، التي يعتبر الشروع فيها كافيا .
3 ـ عمد المشرع الموريتاني إلي حصر الجرائم آنفة الذكر : فمنها المتعلق بالحق في السلامة البدنية للأشخاص الطبيعيين ، غير أنها تعطي أولوية مطلقة لحماية المنشآت الحكومية والمرافق العامة ، ومما يستق الذكر أن تعريف قانون مكافحة الإرهاب الملغي للإرهاب تطلب في الجريمة الإرهابية قصدا خاصا مبناه أن ترتكب هذه الجرائم بقصد إحداث الغايات التالية:
ـ الترويع الجسيم ، البين للسكان
ـ حمل السلطات العمومية علي القيام بعمل أيا كان أو الصدوف عن عمل بغير سبب مشروع
ـ زعزعة استقرار البني الأساسية : الدستورية ، الاقتصادية ، الاجتماعية للبلد .
ومن استقراء هذا التعريف ، و استكناه محتواه يتبين أن الجريمة الإرهابية وفقا لنية مشرع ـ البلاد السائبة ـ المعبر عنها في القانون الملغي ،تتطلب قصدا خاصا هو الترويع و القهر وهز الاستقرار بغض النظر عن باعثها السياسي أو الأيدولوجي
ونحن نري أن تعريف الإرهاب يتعين أن يتجنب محظوري:
ـ التوسع: الذي يتعارض مع حقوق الإنسان مفضيا إلي خلط الإرهاب بالجرائم العادية
ـ التضييق : الذي من شأنه أن يحول دون مواجهة صور جديدة قد تكشف عنها مقبلات الأيام ، والتطور العلمي ، إن كتب للبلاد السائبة الأخذ منه بطرف …
ومن البدهي أن التعريف يتعين أن يبتعد عن استخدام عبارات منفلتة بعيدة عن اليقين القانوني ، مما يتعارض ومبدأ شرعية الجرائم و العقوبات . وتبعا لذلك و تأسيسا عليه نري ضرورة إبراز ركنين في جريمة الإرهاب :
أولهما : مادي وثانيهما : معنوي ، علي أن يعكس الركن الأول الأعمال المادية للإرهاب ويركز الثاني : علي توضيح النية الإرهابية .
غير أن المعالجة الموضوعية لهذه الظاهرة تقتضي سد الباب أمامها من خلال حل المعضلات الوطنية التي أعتبرها عوامل عملت وستعمل علي تعشيش ظاهرة الإرهاب في البلاد السائبة .
ثانيا ـ عومل أعتقدها ستعمل علي تعشيش ظاهرة الإرهاب في البلاد السائبة :
سأكون في هذه النقطة صريحا ،متجردا معولا علي القاعدة الشرعية التي تقول إن أفضل الجهاد ـ الذي تتوق نفسي لأفضله ـ كلمة حق عند سلطان جائر ، ذلك أن من جاهد العدو يكون مؤملا الظفر به بيد أن من جاهر بكلمة حق أمام حكام مجتمع البيضان ، قناعته يعضدها الواقع المعاش ، أن سلطان البلاد السائبة أقوي من كل الوسائل الجهادية المتاحة للعزل ، وتبعا لذلك تكون المثوبة كبيرة مستحقة التضحية … فأبـين عوامل أعتقدها تشكل مجتمعة معضلات وطنية تشكل تحد وعقبة كؤود تقف أمام مستقبل دولة البيضان ، وتدعوا كل رشيد مستشرف … واع خطورتها إلي الوقوف أمامه مليا. وسيلحظ متدبر هذه الخواطر أني تغافلت دعامتين من دعائم دولة القانون… جرحهما نازف في البلاد السائبة أعني :
ـ القضاء الذي اكتويت كمحام بلغاه أيام رئاسة القاضيين : عتيق حبيب و إسماعيل ، الغرفة الإدارية بالمحكمة العليا ، وقاني الله و إياكم ـ قرائي ـ شر يوم الحساب وما وعد به صلي الله عليه وسلم القاضيين . و
ـ حرية الرأي و الإعلام ، وله أقول عل هذين الموضوعين من بين خواطري المركومة التي تنوء بها خزائني ضيقة النطاق … وقد تجد في مقبلات الأيام طريقها للنشر …
1 ـ مشكلة العبودية : وهي معضلة قد أكون طرفا فيها بحكم صلة الخؤولة التي تشرفني ، و إن عيرت بها لمرات ومرات … ذلك أنه و إن عرض إقراف فلم تفسد الهجنة … لطيب سجايا العرق … غير أن طرفيتي لن تحملني علي التحيز إلا للذي أعتقد أنه أحق بالأمن ، بالنظر إلي أنه ـ وحسب ظاهر الأمور ـ لم يلبس إيمانه بظلم ، رغم مظاهر الحيف اتجاهه … فمهم ـ أبناء البلاد السائبة ـ أن نعترف بهذه المعضلة ونتعاطي معها ، لا من خلال تعامل النعامة المألوف في موروثنا الشعبي الدارج في فقه أولياء أمور أرض البيضان ، و إنما من خلال سياسة معقلنة تدخل” آدوابه ” لا في الحملات السياسية ، بحثا عن الدعم ،حين يطلق عنان المال الحرام … المهووس صاحبه بجمعه بشره . و إنما تنويرا وانتشالا ، فليتكم… سادة البلاد السائبة أخذكم يوم صيفي، قائظ ، ريحه صرصر ، في إحدي بوادي كرو أو باركيول في أويد اجريد أو أم لعروك أو عدلت أهل مولاي أو بد لحمار أو اتويمرات أو منت اصوينع أو تريات … لتروا كم هم مهمشون … و … مقصيون ـ واليقس العاقل الغائب علي الشاهد ـ في امتداد أرض البيضان …
تأسيسا علي ذلك أري من الظلم البواح ـ رغـم اعترافي أنه من شيـــم النفوس التي يعوزها الترويض … ـ أن تأخذوا علي المحترمين ، الخالين : مسعود و بيرام ولد اعبيد مواقفهم المدافعة عن قضايا ونار اكتووا بها … ولازالت أمهاتهم وخالاتهم ، وعماتهم و أخوالهم و أعمامهم يكتوون بها ، رغم ما ينعم به أصحاب القرار من أبناء البلاد السائبة من رغد عيش وبذخ و إسراف ينم عن سوء طوية …
ليس الحل تهميشهم ولا حظر مبادراتهم إنما الحل معالجة تعتمد التنفيذ الفعلي لفكرة التمييز الإيجابي وعلي كل الصعد : التعليمية ، الصحية ، الاجتماعية : واليعط قادة البلاد السائبة القدوة في زف بناتهم و بنات بناتهم و بنات أبنائهم إلي أفراد فيئة الأرقاء السابقين .. . إن كان لهم عليهن سبيلا … فهم أطهر من موميسي أوروبا وعاهراتها …
فلزام أبناء البلاد السائبة معالجة هذا المشكل معالجة تأخذ أبعادا ثلاثة : تضميض جراح الماضي البغيض و الاعتذار العلني و الصريح عن كل جوانبه … التعاطي مع أبناء و مثقفي هذه الشريحة ـ في مقبلات الأيام ـ تعاملا يشعرهم أن لافرق بين محمد و امبيريك ولا بين فاطمة و اخديجة إلا بالتقوي … اتباع سياسة تشريعية هادفة إلي تنشيط و تفعيل تطبيق القانون رقم : 48 / 2007 في مواده 9 و11 و13 . وتحويله من تندرات شارع أرض البيضان إلي قاعات المحاكم ومحاضر الشرطة ،كل ذلك وفقا آلية شفافة وواضحة .
2 ـ تهميش القائمين علي الهم المعرفي:
ذلك التهميش الذي يتلمسه الرائي من خلال الصورة النمطية للمعلم وشيخ المحضرة القرآن في الذهنية البيضانية المعاصرة ، و الشح في الإنفاق عليهم مقارنة بغيرهم من القطاعات ـ الجيش مثلاـ فبجرة قلم يضاعف راتب الجندي المرابط في غير ثغوره ، وتغور ميزانية الدولة وتساقط مؤسساتها إفلاسا حين يفكر معلم أو أستاذ في زيادة بسيطة تمكنه و أسرته من العيش الآمن ،الكريم … أما رواتب رئيس البلاد السائبة و وزرائه أولهم وثانيهم و أمنائه غير الأمناء و مدرائه … فظاهرها فاحشة فحشا بينا وما خفي ضاقت به فرق التفتيش و امتلأت خزائنها أوراقا تحول أياد خفية دون أن تجد طريقها لنور المحاكم الباهت .
التعليم النظامي و الحر ،حدث ولا حرج، زبونية مطلقة و أعمال يضيق المقام عن ذكرها ، وعد بأيام تشاورية وعدا منكوثا ، تزوير الشهادات يجازي فاعلوه بالمناصب السامية ، في المؤسسات العلمية … المحاضر ـ أبناء البلاد السائبة ـ لا أحد سمع بتكريم خريجيها نهاية سنة هجرية أو بأي مناسبة من المناسبات ، دينية كانت أم وطنية ، تعلق النياشين لرجل أعمال مراعاة لدعمه و إسرافه في بذخ مال حصله من المخدرات …في غفلة عدالة هزيلة وتمالئ أمني بين … الدعوة الصريحة البواح لمحاكمة الرموز العلمية بالبلد علي أفكارهم العلمية و آرائهم … واستعاضتهم تبعا لذلك بجهات علمية يمنعني سم لحومها تناولها …تهميش مطلق وممنهج لحملة الشهادات … كل حملة الشهادات … احتقار لهم ولتجاربهم العلمية ، في تنكر لكل نواميس الكون الداعية إلي احترام المعرفة والقائمين عليها … حتي أن نسبة البطالة وصلت نيفا وثلاثين في المائة في البلاد السائبة … والعهدة علي قناة الجزيرة في تقرير أعدته قبل أيام معدودات ولقارئي ـ الكريم ـ مشاهدته علي موقعها… والتسريبات تتري بعزم قادة البلاد السائبة تمديد سن التقاعد إبقاء علي بطانة السوء ومنعا للوطن من كفاءات أبنائه …
3 ـ إحلال المرأة البيضانية مراتب سامقة في اتخاذ القرار حتي أن دراسة عربية ( دكتورة سلوي شعراوي جمعة ، المشاركة السياسية للمرأة في مصر فبراير 2004 ) بينت أن أعلي نسبة للمشاركة السياسية في البلاد العربية ، توجد في موريتانيا ،حيث بلغ تمثيل النساء 42 في المائة عام 2000 مقابل 11في المائة في المغرب و 10في المائة في تونس … وذلك في ازورار عن كل نواميس الكون … و رغم ما تفوح به ممارسات متوليات المناصب الوزارية من فضائح أخلاقية … وزيجات خارج الأطر االتقليدية …ومسح أحذية … أبعد من ذلك تري المرأة الموريتانية في مشيتها آناء الليل … كل الليل … و النهار مطمئنة، لأنها في بلاد سائبة خالية من كل المحددات الشرعية … شرطة مرور البلاد السائبة تسألك عن أوراق البلدية …كل أوراق البلدية ، غير أنها تتحاشي السؤال حين تري ذات قد وجمال بجنبك … مباركة وتمجيدا لمثل هذه الأفعال …
4 ـ استشراء ظاهرة الفساد و أكل المال العام في انقلاب بين لكل الموازين ، فبدل استحضار مقولة أن المال الحرام، السائب ، يعلم الناس الحرام و تبعا لذلك الضرب علي أيدي أكلته تراهم بأم عينك يتبجحون برزقهم الذي ـ الله يعلم ـ لم يتركه لهم أب ولا أم … سلطة البلاد السائبة تعد بمحاربة الفساد ورئيسها يصرح بممتلكاته … ألا ينبغي أن ننطلق من سؤال أعمق و أكثر إنصافا لحاضر ومستقبل أبناء البلاد السائبة وهو : من أين لك هذا ؟؟؟ بدل مسرحية التصريح الهزيلة سيئة الإخراج …
هذه ـ أبناء البلاد السائبة ـ أفكار أردتها خالصة لله ،كلي استعداد لدفع ضريبتها إن قبل مجبوا الضرائب مقاصة … أرجو أن تجد من بينكم من يقف أمامها وقفة عاقل يعتبر بقصص الماضي … و أسباب زوال الأمم … يستشرف المستقبل ويحرص عليه …
غير أني وقبل اختتامها أعتذر لكل من وردت سمات فعل اقترفه… ذلك أنها خواطر مجردة وليدة معايشة واعية لواقع البلاد السائبة خلال الفترات الأخيرة .مبناها اعتقادي أن من حقوق الرعية علي متولي شأنها الاستماع إلي أفكارها … الاطلاع علي أحوالها … ويتأكد ذلك حين تكون السيطرة علي السطة غلابا…
ومهما يكن فلقائل أن يقول هذا ناصح و لآخر اعتباري متطرفا و لثالث القول إني مجذوب بكل الدلالات القدحية للعبارة.
فللأول أقول إنك من الذين عولت علي حسن نياتهم في مستهل الكلم و وفي مواجهة الثاني أتمسك بدفع جوهري مبناه أن الأصل في الأفعال الإباحة ، ولا محاكمة علي النيات و الأفكار …والقاعدة الجليلة ألا جريمة ولا عقوبة إلا بنص قانوني سابق علي اقترافها .وعلي الثاني أرد … لقد بهت أو اغتبت فأكلت لحم أخيك … وما ذلك بغريب علي سجايا بلاد سائبة استشرت فيها بطانة السوء ـ ولعلك منها ـ الحبل فيها علي الغارب و القانون فيها قانون غاب … العبرة فيه بالظفر والناب …
القاهرة ، جمهورية مصر العربية
فجر السبت 21 من شهر ذي القعدة 1431 لهجرة خير البرية