في إطار الأنشطة الثقافية التي تصاحب معرض الشارقة الدولي للكتاب يوقع الكاتب الموريتاني محمد ولد محمد سالم الساعة السادسة من يوم الثلاثاء 2 نوفمبر 2010 الطبعة الأولى من روايته “دروب عبد البركة” الصادرة عن دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، وهي الرواية الثالثة له بعد روايتيه “أشياء من عالم قديم” و”ذاكرة الرمل”، والكاتب حاصل على الإجازة في اللغة والأدب من المدرسة العليا للأساتذة في نواكشوط، ويعمل محررا في صحيفة الخليج الإماراتية.
حظيت رواية “دروب عبد البركة” بتقييم أولي جيد من شخصيتين أدبيتين لهما وزنهما في موريتانيا، فقد قال عنها أستاذ اللسانيات الدكتور يحي ولد البراء: “لقد استهوتني دروبك، ولم أكن أظن أن فن السرد عندنا قد وصل إلى هذا المستوى”، وقال عنها الناقد الدكتور محمد ولد عبدي: “إنها تتسم بالعمق في الطرح”.
تدور الرواية حول حياة علي بن عبد البركة وهو شاب حديث العهد بالتخرج والتوظيف يكرس إجازته السنوية الأولى للبحث عن أبيه الذي لا يعرف عنه إلا اسمه وأوصافا قليلة استقاها من أمه وخالته، وخلال البحث تتشكف له معالم حياة والده، ابتداء من هروب أمه به خوفا عليه من إخوته لأبيه أن يقتلوه حتى لا يعترف أبوه به فيكون له نصيب في المال والملك، ثم تسكن به أمه في قرية من قرى منطقة “البراكنه” بعد أن آواها أهل القرية وأحسنوا جوارها، وبعد وفاتها، ينطلق عبد البركة في الآفاق شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، راعي غنم ثم سائق “أجلاب”، وخلال تنقلاته بين المناطق الموريتانية يتزوج زيجات كثيرة ويخلف أولادا مشتتين لا يعرف أيٌّ منهم الآخر، وفي إحدى المرات يكتشف أن إحدى زوجته التي تزوجها حديثا تخونه فيقتلها ويفر إلى السنغال، وبعد سنوات طويلة هناك يعود متخفيا، لكنه لا يفلح في الوصول إلى أولاده، ويموت في ظروف غامضة في قرية “كرمسين”. وترصد الرواية عبر مقاطع مونولوجية واسترجاعية جوانب من حياة علي بن عبد البركة والصراعات النفسية التي يعيشها بسبب فقدانه لأبيه الذي لم تره عيناه، وتحديه للألم والفقر وإصراره على النجاح، وعلى الوصول إلى والده الذي حمل عنه صورة هي مزيج من القوة والكرم والإيمان.
ورغم أن عليا لم يحقق هدفه في الوصول إلى أبيه حيا، إلا أنه استطاع التعرف على جميع إخوته وجمعهم.
وتدور الرواية على ستة فصول هي: درب الطفولة – درب مارية – درب الفلاني – درب حمزة – درب مسعودة – نهاية الدرب.
وقد عدل الكاتب عن أساليب الوصف التقليدية وركز على سرد الأحداث والتقاط الدفقة الشعورية للشخصيات، سعيا إلى إعطاء اللغة حرارة، تجعل القارئ متشوّقا إلى النهاية، كما اعتمد الفصحى في جميع مستويات السرد.
مقطع من رواية “دروب عبد البركة” محمد ولد محمد سالم
كان علي أول من نزل وخلع نعليه وجاء يمشي في خشوع حتى وقف عند رأسه وسلم ثم جلس جلوسه للصلاة ينظر في إجلال والدموع تترقرق في عينيه، ينفذ بصره من خلال فروع الخشب على القبر يحد نظراته لتخترق طبقات الأرض: